مذكرات آدم المصري: بلا هوية - حلقة ٢

مذكرات آدم المصري: بلا هوية - حلقة ٢

0 المراجعات

و فجأة رجعت للواقع تاني ..
عيني دمعت لما افتكرت إنها لسة عايشة و ماتت جوايا أنا بس
أصعب حاجة في الدنيا إن حد يموت جواك إنما يفضل عايش قصاد عينك
أنا مش هفضل عايش بالإحساس ده ....
لازم أنسي حتي لو هخبط دماغي في الحيطة يمكن أفقد الذاكرة و أرتاح ، أو ....
أو أنتحر ..
فات يوم ورا يوم ..
قد إيه الأيام بقت شبه بعضها ....
هربت من كل اللي حواليا و جيت هنا ....
ما بقتش عايز أشوف حد و لا حد يشوفني ....
دوامة كبيرة من الأفكار و الأسئلة، و كل ما ألاقي إجابة لسؤال، السؤال نفسه يتغير ....
إحساس بشع إنك تفارق وطن مكنش ليك من البداية،
و لا انتا عارف هو انتا إحتلِّيته بإرادتك؟ و لا كنت لاجئ فيه من قسوة العالم حواليك؟! ....
أنا فارقتهُ عشان طلع ما بيستوعبش اللي ملهوش جواز سفر ليه أو حتى جِنسية ....
أيوا ....
أنا استخبيت فيه، و هربت بين أشجاره، لكن أهل السلطة قبضوا عليا ....
الحياة قانونها صعب أوي ..
بتعرفك جمال الحب و الناس .... و بعدها يشوطك قانونهم برا حدوده في غمضة عين .... 
و رغم كدة حاولت أكون مواطن مخلص ....
لكن مقدرتش ..
مستحملتش ....
من كتر حبي ليها شوقي بيفرز أدرينالين و مش قادر أبطَّل ..
مكنش في طريقة تانية قدامي ....
مكنتش في سكة تانية ممكن أختارها ....
سابقت الزمن فعلاً علي ما رسمت الطريق بكل تفاصيله حتي و لو كانت صغيرة و تافهة ....
مفيش إختيار تاني ....
تعبت بس هو ده الحل الوحيد لخلاصي ....
قعدت كتير أدور علي بداية الخيط اللي همشي وراه ....
يا تري ممكن ألاقيه فعلاً؟
يلا بقي بجد، أنا تعبت كتير و ما صدقت إني خلاص أخدت القرار ده ....
و كل اللي محتاجه مجرد بداية ....
سألت أكتر من حد، و بقالي أسبوع بدور ع النت .. إيه يعني بدور علي إبرة في كوم قش للدرجة دي! ....
لازم ألاقيه .. لازم ....
تعبت أوي و نفسي أرتاح بقي ..
كتر التفكير بقي عذاب بجد .. عذاب ميتوصفش و مبينتهيش ....
لحد ما لقيته ....
لقيته بشكل أكبر من اللي كنت بفكر فيه ....
فكرت مرة و اتنين و عشرة و ألف و مليون كمان قبل ما أخد الخطوة دي ....
فكرت لدرجة إني أخدت وقت عشان أستوعب اللي هعمله ....
فكرت لدرجة إني حزنت علي نفسي إني وصلت للمرحلة دي ....
بس كان خلاص .. فات الأوان و لازم حل ..
حالتي عدت مرحلة التأخير أصلاً ..
و وسط كل اللي أنا فيه لقيت صورتها قدامي مقسومة بشكل غريب ....
نص ملاك .. نص شيطان ..
ساعتها الدموع اتحبست في عيني ....
غمضت عيني جامد و أنا بدعي و أقول:
يا رب قويني و ....
و سامحني ....

______________________________________________

أسبوع بالظبط عدي عليا و كنت خلاص رتبت كل شئ .. ما سيبتش حتي أي حاجة و لو صغيرة للظروف ..
و من وسط كل الأسامي أخترت الاسم اللي أنا عايزه ....
هو ده اللي بدور عليه .. 
الدكتور موسي سليمان ....
موسي يوسف سليمان، أكبر دكتور أمراض نفسية في البلد .. الوحيد اللي هيقدر يلاقي حل ليا .. هو الوحيد اللي هيقدر يعالجني ..
أيوه أنا عارف .. لأ .... أنا مش بس عارف بالعكس ده أنا متأكد و معنديش ذرة شك في كدة ....
رغم إني عارف إني هكون أول حالة بالشكل ده دكتور موسي هيتعامل معاها لكني واثق فيه .. واثق فيه بشكل غريب رغم إني عمري ما شوفته و لا حتي سمعت عنه ....
أراهن إنه هيبقي أشهر من النار علي علم بعد ما أخلص كتابة المذكرات دي ....
كلمته ..
شرحتله كل حاجة و بالتفصيل عن الحالة ....
يظهر إن في حاجة شدته و خلته وافق من غير تردد ....
أفتكر إن حالتي هتكون جديدة عليه و علي مجال الطب النفسي كله .. لكنه قدها .. عارفين ليه؟
عشان مش هسيبه .... هساعده عشان يساعدني و يطلع كل خبرته في علاجي .... أنا حتي قررت أقدمله عرض كويس .... عرض هيخليه يتفرغ تفرغ تام لحالتي أنا بس .. عرض لو عاش عمره كله عمره ما كان هيحلم بربعه حتي ....
أنا كرست كل مجهودي البدني و النفسي للفترة دي و اللي جاية .. عقلي و كل حواسي بقت في وضع إستعداد كإني بالظبط داخل علي حرب ....
صحيح أنا رسمت الطريق .. رسمته من البداية للنهاية .. و المصير حددته و بقي معروف خلاص ....
الحمدلله مفيش حاجة مجهولة و لا متسابة للظروف .. صحيح أنا حتي عملت حساب أي تغيير ممكن يكون للقدر دخل فيه لكن ....
نفسي النهاية اللي أنا إخترتها تتغير ....
بس إزاي تتغير من غير ما تحصل معجزة في زمن مبقاش فيه أي معجزات خالص ....
ما علينا أنا هبدأ و مش هقف ....
مكنش غريب إنه يطلب إن أول جلسة ليا في العيادة عنده تكون الساعة واحدة بعد نص الليل .. بعد ما تكون كل الحالات اللي عنده مشيت و العيادة بقت فاضية ..
أنا .. و هو ....
و بس ....
المفروض دلوقتي أنا أكون عنده ....
العيادة كانت في وسط البلد .... كانت في الدور الأول في مبني قديم ما يفرقش كتير عن مبني لوكاندة النصر اللي أنا قاعد فيها ....
و أنا داخل المبني اللي كان كله ضلمة و مفيش غير لمبة صغيرة ضعيفة علي المدخل و مش مبينة حاجة خالص لدرجة إني كنت هقع مرتين و أنا داخل بسبب شوية كراكيب قديمة كانت موجودة جنب الباب .. و لسة يادوب في الدور الأرضي و قبل ما أطلع السلم لمحت ست عجوزة أوي .. دققت النظر و خمنت تقريباً إنها في أواخر السبعينات أو أوائل التمانينات كمان، و شعرها مكشوف و لونه أبيض و لابسة أسود .... بصتلي بصة طويلة أوي ....
لدرجة إن لمعة عينيها كانت أقوي من نور اللمبة الضعيفة اللي علي المدخل ....
فضلت تبصلي و أنا أبصلها ....
منكرش إني قلقت ....
بس ما خوفتش ....
بس بعدها بثواني بدأ القلق يتحول شوية لخوف لما شكلها بدأ يتحول ....
بدأ يتحول لآخر شكل ممكن كنت أشوفه لحظتها ....
شكل الشيطان اللي حبيته ....
و في أبشع شكل ليه ....

تابع

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

610

followings

115

مقالات مشابة