جاسوس الكلمة .... الجزء الثالث
لقد ادرك موم منذ قدومة الى بيتروجراد انه جاء متاخرا فالدعاية الالمانية قد نجحت فى غرس نفسها فى اعماق المجتمع الروسي بحيث صار الجميع ساخطين على الحرب رافضين الاستمرار مطالبين بعقد صلح منفرد مع الالمان لتوفير الطعام و المؤن .
كما انه فى الوقت ذاته كانت المانيا تعد الاعادة لينين و باقى الزعماء المواليين الى موسكو فى عمليه اطلق عليها اسم القطار الحديدى و كانت حكومة كيرينسكي تترنح و تلهث انفاسها الاخيرة للسيطرة على الموقف و استعادة قبضتها على زمام الامور .
وقد ارسل موم تقاريره الاولية الى المخابرات و كانت مخيبة للامال على نحو لم يتوقعه الطرف الاخر و اصيب البرطنييون و الامريكيين بحالة من الاحباط و القلق كما لو انهم خسرو الحر بالفعل و راح الجميع يعيد دراسة الموقف مرة اخري من وجهة نظر موم التى حملها التقرير .
فبعد ما راه موم هناك فى بيتروجراد كان يري ان الحل الوحيد لتفادى ما حدث بعد الدعاية الالمانية الهائلة هو اغراق حكومة كيرنيسكي الثورية باطنان من الاموال تكفى لتوفير الطعام للشعب الروسي حتى تخمد الابواق الدعائية المستندة الى جوعة و لا تجد صدي لها .
هذا لان الشعوب كالجيوش تسير دوما على بطونها …
اما الحل البديل الاخر من وجهة نظر موم لضمان استمرار روسيا فى القتال فلم يكن سوي التدخل العسكري المباشر فيها ..وكانت فكرة اكثر جنونا و لا احد يدري اذا كانت افكار موم قابلة للتنفيذ ام لا فقد راح وايزمان يدرسها بدقة و احكام و البطء ايضا .
و قبل ان يتخذ البريطانيين مع الامريكيين قرارا حاسما كانت الامور قد افلتت من قبضتهم بالفعل .. لقد نجح الالمان فى عملية القطار الحديدى ووصل لينين و باقى الزعماء الى موسكو رافعين ايديهم بعلامات النصر للشعب الذي استقبلهم بلهفه و حماس منقطع النظير .
جرت الاحداث سريعا و بقفزة مدهشه اعتلى البلاشفة مقاعد السلطه و انهارت حكومة كيرينسكي الثورية المؤقته بل ان كيرنيسكي فر من البلاد كلها و لم يتوقف الا ليلتقط انفاسه فى المنفي الذي قضي فيه ما تبفي من العمر .
و منذ اللحظة الاولى للحكومة البلشيفية الجديدة تم اعلان الرفض التام و الكامل للحرب و الرغبة فى السلام وفى توقيع صلح منفرد مع المانيا … و قد كان و هنا فقط ادرك موم خطورة موقفة .
