رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٢

رَوَتْهُ راهِبة: الجزء الثاني - حلقة ٢

0 المراجعات

صمت ذلك الطبيب بض لحظات حتي انتهي مما يكتبه ثم إلتفت إليّ في إهتمام مُتسائلاً:
هل تدركين أين أنتي الأن؟
هل تعلمين ما طول المدة التي قضيتيها مُنذ قُدومك إلي هنا و حتي تلك اللحظة؟
هل تعلمين من أنا؟
ثم ارتسمت علي وجهه شبح ابتسامة و هو يستطرد:
هل تعلمين كم مرة سألت نفس تلك الأسئلة؟
هل اعتدتي علي جلسات الكهرباء اليومية؟
أزعُم أن ظروفك وحالتك الصحية والنفسية والجسدية هي أول حالة تمر عليّ بهذا الشكل في مجال الطب النفسي و إنها صعبة جداً، و لكنني لازلت شاباً و حتماً سيمر عليّ ما هو أصعب بكثير و أوقن بعدم وجود مستحيل، لذلك لن أهدأ حتي تتمي شفائك هنا ....
في الحقيقة لم أجد رداً مناسباً علي ما يقول فأخذت نفساً عميقاً للغاية و صمت لبضع لحظات حاولت فيها ترتيب كلامي، ثم وجدت الكلمات طريقها إلي شفتاي قائلة:
أنا أحاول قدر الإمكان أن أُرضي نفسي بقدري .. وأن أُعوِّد نفسي على التأقلم مع حياة انمحت معظمها من ذاكرتي و لم يتبقى لي سوي السئ منها ....
يخيم عليّ الليل وأنا وحيدة بتلك الغرفة أبكي حزنا وألما تقتلني وحدتي ....
ربما فقدت ذاكرتي و لكنني ....
لست مريضة ....
فقط أحاول التنفيس عن ما أشعر به .. 
أرجوك ....
ألتمس منك أن تصدق ما أقول ....
انا لست مريضة ....
أبدو مضطربة بعض الشئ و لكن ....
أرجوك لا مزيد من الكهرباء ....
أتوسل إليك ببركة من صُلب من أجلنا ....
أن تُصدقني ....
____________________________________

مريم ....
ما هي ديانتك؟
كان سؤاله واضحاً، و لكن يبدو و كأنني لم أستوعبه جيداً لما بدا علي ملامحي من إضطراب شديد ....
هل حقاً لا أعلم الإجابة؟!
كيف؟
كيف لا أعرف؟
في كل مرة يقوم بسؤالي و في كل مرة لا يوجد رد ....
سوي الصمت و ....
لكن في تلك المرة لم ينتظر طويلاً و يستسلم لصمتي كما يفعل دائماً، بل نظر إليّ نظرة فاحصة و كان يحدق في عيني و كأنه يخترقهما و من ثم ينتقل إلي عقلي محاولاً البحث عما يريده، ثم ما لبث أن أخرج من وسط أوراقه الخاصة ورقة صغيرة ثم نهض من مقعده و تقدم بضع خطوات ثم رفع الورقة أمام عيني متسائلاً:
هل قرأتي تلك الكلمات من قبل؟
تعلقت عيني بتلك الورقة و قرأت عيني كل حرف فيها، ثم عاودت النظر إليه و أشرت برأسي علامة النفي، فأخذ ينظر إليّ لبضع لحظات تراجع بعدها إلي مقعده و ظلت عيناه متعلقة بي ثم عقد حاجبيه و نظر إلي الأرض قليلاً و طال الصمت تلك المرة لعشرة دقائق كاملة بعدها نظر إليّ قائلاً في حزم شديد:
تلك الجملة التي قرأتيها الأن هي ترنيمة من الترانيم التي وردت في المزمور، هل تعرفين المزمور؟
ظلت عيني متعلقة به بينما لم يكن هناك ما يدل أنني قد سمعت سؤاله أصلاً، و يبدو أنه قد أدرك ذلك لذا فقد أكمل حديثه قائلاً:
المزمور أو المزامير أو مزامير داود هي تسابيح لله، وأناشيد حمد وسجود وتمجيد له، وقد جاءت المزامير في الكتاب المقدس في عدة أماكن في الأسفار، منها ما جاء في سفر الخروج ١٥ وهو ما يعرف بمزمور الخلاص وفيه رنم بنو إسرائيل مزموراً أي (ترنيمة) للرب أو تسبيحة له، و كذلك مزمور دبورة النبية في سفر القضاة ٥، ثم مزمور رثاء داود للملك شاول في سفر صموئيل الثاني الإصحاح الأول، على أن القسم الأعظم من المزامير هو ما جاء في سفر خاص في العهد القديم من الكتاب المقدس، و هو ما يُطلق عليه سفر المزامير، وفي العبرية يُسمى (تهليهم)، و صراحة لا أعلم إذا كنتي علي علم بما أقول أو لا، و لكن ....
تلك هي آخر التحليلات المنطقية التي توصلت إليها بعد معاناة شديدة و إرهاق فكري شديد للغاية ....
تلك الجملة قد وردت في المزمور ١٥١ ....
هل تعلمين ما هو المزمور ١٥١؟

تابع
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
اسلام ابراهيم
المستخدم أخفى الأرباح

articles

460

followers

610

followings

115

مقالات مشابة