منارة الإسكندرية: إحدي عجائب الدنيا السبع
منارة الإسكندرية : من عجائب الدنيا الأكثر غموضًا
تعتبر منارة الإسكندرية واحدة من آخر عجائب الدنيا السبع تدمرًا، وهي أيضًا واحدة من أكثر العجائب إثارة للدهشة والغموض، نستعرض تاريخ منارة الإسكندرية هنا.
تتميز منارة الإسكندرية إحدى عجاب العالم القديم بكثير من المعجزات التي جعلتها تصنف ضمن عجائب الدنيا السبع. منارة الإسكندرية هي أول منارة بنيت في التاريخ وقد قام ببنائها المهندس المعماري اليوناني سوستراتوس في عام 270 قبل الميلاد أثناء حكم بطليموس الثاني. بنيت المنارة على ساحل البحر الأبيض المتوسط على طرف شبه جزيرة فاروس بمدينة الإسكندرية. كان ارتفاع المنارة يبلغ 120 مترا وتعتبر من أطول بنايات العالم القديم. وقد بقيت المنارة شامخة في مكانها طيلة ألف عام كاملة، وقيل أنها قد نجت من 22 زلزالاً ضرب المنطقة إلى أن جاء عام 1303م.
منارة الإسكندرية عجيبة العالم القديم
بناء المنارة
استغرق العمل في منارة الإسكندرية ما بين 12 إلى 20 عاماً من 247 إلى 280 قبل الميلاد تقريباً ليتم افتتاحها في عهد بطليموس الثاني. بنيت المنارة في نفس المكان الذي تقع فيه قلعة قايتباي حاليا على شاطئ مدينة الإسكندرية عروس البحر المتوسط كما يحب أن يطلق عليه البعض. كما يعتقد أن الحجارة التي بنيت بها قلعة قايتباي هي بقايا من حجارة المنارة التي تهدمت، حيث أن القائد قايتباي عند وصوله إلى الإسكندرية في عام 1477 ميلادياً أمر ببناء برج في نفس المكان الذي سقطت فيه المنار وهو ما يعرف حالياً بقلعة قايتباي. تتكون منارة الإسكندرية من بناء مربع الشكل يمثل قاعدة المنارة، يحتوي هذا البناء على كثير من النوافذ التي تعطي للبناء شكلا مميزا. كما يحتوي على 300 غرفة مخصصة لعمال المنارة وأسرهم لكي يقيمون فيها. أما الجزء الثاني من المنارة فهو مجسم يتكون من ثمانية أضلاع فوق مبنى القاعدة، ويقع فوق هذا الجزء ثماني الشكل جزء دائري على شكل مئذنة. أما في قمة فيقع الجزء الأخير الذي يحتوي على فانوس هو مصدر الضوء في المنارة. أما واجهة المنارة فقد كانت تحتوي على لوحة تحمل حروفاً يونانية ضخمة.
طريقة عمل المنارة
كانت منارة الإسكندرية تحتوي في قمتها على مرآة ضخمة تعكس الأشعة مما يمكن معه رؤية السفن البعيدة على الرغم من استحالة ذلك بالعين المجردة. وقد تحطمت هذه المرآة في عام 700 ميلادياً مما تسبب في إيقاف العمل في المنارة إلى أن تهدمت المنارة بكاملها. أما عن المدى الذي يمكن معه رؤية ضوء المنارة من قبل السفن التي كانت تبحر في أعالي البحار، فقد قيل أنه يمكن رؤية الضوء من على بعد 70 ميلاً، وهي مسافة كبيرة للغاية يدل على استحقاق منارة الإسكندرية بأن تكون إحدى عجائب الدنيا السبع. وبالحديث عن طريقة الصعود والنزول من قمة المنارة فإنه قيل أن المنارة كان يلتف حولها طريق حلزوني منحدر من أعلى المنارة إلى أسفلها. وقد كان يتم إشعال النار في قمة المنار عن طريق الخشب الذي يتم نقله بواسطة مجموعة من الحمير التي تحمل الخشب عبر الممر المحيط بالمنارة إلى قمتها.
سقوط المنارة
رغم أن منارة الإسكندرية بقيت صامدة طيلة ألف عام. ورغم أنه تم إحاطتها بكتل من الأحجار الجيرية والرصاص المنصهر لكي تبقى صامدة أمام الأمواج وأمام هجمات أي قوات معادية. إلا أن زلزلا ضرب الإسكندرية في عامي 1303م وكذلك في عام 1323م أدى إلى تهدم أجزاء كبيرة من المنارة وإلى وقوع أضرار بالغة بالمبنى ولكن أطلالها بقيت قائمة في مكانها. حيث يذكر الرحالة العربي الشهير ابن بطوطة أنه قد زار الإسكندرية في عام 1349م وقد كتب عنها قائلا ” وقصدتُ المنارة عند عودتي إلى بلاد المغرب، فوجدتها قد استولى عليها الخراب، بحيث لا يمكن دخولها ولا الصعود إليها”. وقد قيل أن الأمير “ركن الدين الجشنكير” قد قام بترميم المنارة ولكن زلزلا قوياً قام بتسوية المنارة بالأرض وتدمير ما بقي منها في عام 1375م لتتحول إلى مجموعة من الحجارة المتراكمة لتنتهي أسطورة منارة الإسكندرية أول منارة في التاريخ.
الخلاف حول مصير ما بقي من المنارة
يرجح البعض أنه بعد سقوط المنارة قام القائد قايتباي ببناء قلعته في نفس المكان مستخدماً الحجارة التي بقيت من المنارة بعد سقوطها، ولكن اتجاها آخر من العلماء يشكك في هذه الحقيقة ويرى أن الحجارة المستخدمة في بناء قلعة قايتباي ما هي إلا مجموعة من الصخور الضخمة التي كانت قد وضعت لحماية المدينة من الغزو الصليبي في العصور الوسطى. حيث كانت تمنع السفن من الدخول إلى ميناء الإسكندرية. ولكن الفريق الأول أصر على صحة ما توصل إليه من أن صخور قلعة قايتباي هي صخور منارة الإسكندرية حيث أن الوصف المذكور للمنارة في كثير من كتب الإغريقيين، إضافة إلى كثر من الدلائل والحقائق التاريخية، كل هذا يؤكد أنها نفس الصخور.
العثور على المنارة تحت الماء
في عام 1994 اكتشف عالم الآثار جان أيفس بالقرب من شاطئ فاروس ما يمكن أن يطلق عليه اكتشاف مثير للغاية. حيث وجد تحت الماء قطع ضخمة لبقايا بناء قديم يعتقد أنها أجزاء من منارة الإسكندرية المتهدمة والتي بقيت قابعة تحت الماء طيلة هذه الفترة. كما عثر أيضا على كمية كبير من التماثيل التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، من ضمن هذه التماثيل، تمثال ملكي يعتقد أنه يجسد الملك بطليموس الثاني. كما وجد تمثال للملكة زوجة بطليموس في نفس المكان. قررت الحكومة المصرية بعد ذلك عدم انتشال هذه القطع الأثرة وأقامت منتزه تحت الماء ليتمكن من خلاله الغواصون من مشاهدة التماثيل وبقايا المنارة الغارقة.
محاولة لإعادة إحياء منارة الإسكندرية
كانت أول المحاولات لبناء منارة مماثلة لمنارة الإسكندرية من قبل الملك الناصر ولكن هذه المحاولة لم تكتمل بسبب وفاة الملك قبل البدء في بناء المنارة. لم تتوقف الفكرة عند هذا الحد بل تكرر الأمر في العصر الحديث ففي عام 1978 كان هناك مقترح بإعادة بناء المنارة وقد وافق عليه محافظ الإسكندرية وبدأ الترويج للفكرة في وسائل الإعلام ولكن اهتمام الحكومة بإعادة بناء مكتبة الإسكندرية القديمة صرف الأنظار عن فكرة إعادة بناء المنارة. عادت فكرة إعادة بناء منارة الإسكندرية في عام 2005م لتظهر للعلن من جديد. حيث يتبنى مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط المشروع كجزء من سلسلة مشاريع تقوم على تطوير ميناء الإسكندرية الشرقي ولكن المشروع يظل مجرد فكرة حتى يومنا هذا لم تدخل حيز التنفيذ.
بقيت منارة الإسكندرية شامخة طيلة أكثر من 1500 عام وحتى بعد سقوطها بقيت رمزاً للإسكندرية بل صنفت ضمن عجائب الدنيا السبع رغم سقوطها من أكثر من 600 سنة. احتلت المنارة مكانة خاصة فأصبحت رمزاً لمدينة الإسكندرية بل إن المنارة تزين شعار محافظة الإسكندرية وجامعتها. ربما تعود المنارة بالفعل للظهور مرة ثانية في شكل بناء حديث ولكن هل سيكون هذا الأمر متقبلا ً؟ فالمنارة لها بعد تاريخي، وعدم وجودها يترك مساحة كبيرة للخيال ليرسم صورة لعظمتها وعراقتها فهل سيتمكن البناء الجديد من المحافظة على هذه الصورة أم أنه من الأفضل أن تبقى منارة الإسكندرية كما هي تتمتع بمكانتها الرمزية.