ستيوارت تاور "عمارة الموت" ج٣
قالت هدى بنت اللواء الليثي الصغرى، إن والدها طلب من الرئيس السادات إعفاءه من منصبه بعد ما تأكد من وجود مؤامرة تحاك ضده للتخلص منه بعد خلافه الحاد مع السادات، و يبدو أن الرجل لم يتنازل عن مطالبه بإطلاق سراح زملاؤه من الإعتقال و طبعا كان من المستحيل أن يفعل السادات.
و بالفعل تمت الموافقة على نقله للعمل كسفير لمصر في اليونان.
قبل السفر إلى اليونان كان اللواء الليثي مريض و يحتاج لعمل فحوصات، علشان كدا سافر إلى لندن أولا مع زوجته و ابنتيه على أن يسافر بعدها إلى اليونان.
كنا في شهر أغسطس من عام ١٩٧٣ و في لندن أقام في شقة في الدور العاشر من برج ستيوارت و كانت تابعة لرئاسة الجمهورية.
و بعد يوم واحد من وصول الأسرة إلى لندن و بالتحديد صباح يوم ٢٤ أغسطس عام ١٩٧٣، و
في حوالي الساعة ٩ صباحًا، وّجدت جثة اللواء الليثي ناصف مُلقاة على أرض الشارع من نافذة شقته.
فيما بعد السيدة شوفكيه زوجته قالت إن اللواء الليثي أستيقظ مبكرا في اليوم دا و صلى الصبح و قرأ قران و بعدين تناول إفطاره و جلس معها يشاهد التلفزيون و في تمام التاسعة قام ليدخل إلى الحمام، لكنه تأخر ساعة، ظنت انه خرج يتمشى قليلا في حديقة قريبة لكن بعد مرور ساعتين تقريبا، كان هناك ضباط إنجليزي يطرق الباب و عرفت ان اللواء جثة هامدة على الأرض.
الدكتور مصطفى الفقي السياسي المصري الشهير كان قنصل لمصر وقتها في لندن و في شهادته على الواقعة قال إنه لما علم بخبر سقوط اللواء الليثي من الشقة راح سريعاً إلى برج ستيوارت و هناك وجد الأسرة في انهيار تام و كانت زوجته تبكي بحرقة و بتقول إن الليثي اتقتل بسبب حبه لعبد الناصر و قالت بالحرف الواحد:
السادات قتله!
طريقة وفاة اللواء الليثي غريبة جداً تكاد لا تصدق.
الرجل وُجد على أرض الشارع و هو جثة هامدة بعد ما دخل الحمام بفترة، كان لابس الشبشب في قدميه كما هو، ولم ينزف من جسمه قطرة دم واحدة!!!
السؤال اللي الكل سأله هو:
سقط من الدور العاشر و الشبشب لم يسقط من قدميه، و رغم السقوط لم ينزف قطرة دم، ازاي ؟!!.
زوجته قالت ان الشقة ليس فيها الا نافذة واحدة و أن ابنتيه هدى و منى كانوا جالسين في الصالة اللي فيها النافذة منذ دخوله الحمام حتي أتاهم خبر سقوطه، طيب إزاي الرجل سقط من نافذة لم يقترب منها أساسا؟!
و تم طرح تلات سيناريوهات للوفاة:
🔸السقوط من النافذة بسبب اختلال التوازن و أصحاب النظرية دي قالوا إن اللواء الليثي كان يعاني من ضمور في المخ و قد يكون فقد توازنه لهذا السبب و بسبب طول قامته سقط من النافذة.
🔸السيناريو التاني و اللي حاولت السلطة وقتها تروجله إن الرجل انتحر، و كل المقربين من الرجل مش فقط أسرته نفوا تمامًا إمكانية اقدامه على الإنتحار.
🔸السيناريو الثالث هو القتل العمد و دا اللي حامت حوله الكثير من الشبهات.
الصحفي الشهير عادل حمودة حضر الواقعة أيضا، كان وقتها في لندن و فور علمه بها توجه لشقة ستيوارت و قابل أيضا أسرة اللواء الليثي، و عمل تحقيق حول الموضوع، حمودة ذكر في التحقيق أن أسرة الليثي صورت له سيناريو إغتيال الرجل على النحو التالي:
إن هناك قاتل دخل الشقة بنسخة أخرى من المفتاح ليلاً و هم نائمين،نائمين، و اختبأ في دولاب في غرفة النوم، انتظر اللحظة المناسبة و عند خروج اللواء الليثي من الحمام إلى غرفته انقض عليه وقام بتخديره بكمامة وفتح باب السلم الخلفي و جره بهدوء لحد الدور الأرضي وبعد ما تأكد من موته ألقى به في عرض الطريق علشان يبدو الحادث كما تم تصويره.
بقي أن نقول إن أصابع الإتهام أشارت بشدة لشخصية تدعى " محمود نور الدين " ضابط مخابرات مصري و لكن الرجل تواصل مع عادل حمودة خلال فترة الثمانينيات و كان وقتها يقضي حكم بالسجن لمدة ٢٥ سنة بتهمة قيادة تنظيم اسمه "ثورة مصر " استهدف وقتل بعض الإسرائيليين و الأمريكان كرد فعل عنيف على اتفاقيات السلام و التطبيع مع إسرائيل.
محمود نور الدين نفى تمامًا لعادل حمودة قيامه بقتل اللواء الليثي ناصف.
و في النهاية تبقي قضية موت الليثي ناصف غامضة و لا يمكن الجزم بكيفية وفاته.
_____________________________________________
المصادر:
مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي.
البوابة نيوز.
اليوم السابع.
موقع مصراوي.
المصري اليوم.
الجريدة.