من قصص حرب تجار العملة في مصر – هروب المعلم وحبس الصبي (ليلة القبض على السوهاجي)

من قصص حرب تجار العملة في مصر – هروب المعلم وحبس الصبي (ليلة القبض على السوهاجي)

0 المراجعات

من قصص حرب تجار العملة في مصر – هروب المعلم وحبس الصبي (ليلة القبض على السوهاجي)

image about من قصص حرب تجار العملة في مصر – هروب المعلم وحبس الصبي (ليلة القبض على السوهاجي)

 

في مدينة القاهرة الكبيرة وحيث يتلاقى القديم بالجديد وفي أحد أحياءها الحيوية كانت توجد شركة إستيراد وتصدير تُدعى (النجم الأفريقي الساطع) كانت هذه الشركة تعمل في مجال التجارة الدولية وتديرها شخصية غامضة تُدعى (الحاج عبد الفتاح الخواجة) وهو رجل أعمال ذكي ومخادع ويعرف كيف يلتف حول القوانين بمهارة ويستفيد من الثغرات القانونية بأكبر قدر ممكن وكان الموظف الرئيسي في الشركة يُدعى (محمود السوهاجي) وهو رجل في أوائل الأربعينيات من العمر وكان يتميز بشخصية مرحة وروح فكاهية وكان محمود يعمل في الشركة منذ سنوات كثيرة قرابة 15 سنة وكان يظن أنه يعرف كل خباياها وأسرارها ولكن لم يكن يعلم أن عبد الفتاح كان يستغله في عمليات مشبوهة ، وفي يوم من الأيام جاء محمود إلى مكتبه كعادته ومُستعداً ليوم جديد مليء بالعمل والمواقف الطريفة التي إعتاد عليها مع زملائه ولكن كانت هناك مفاجأة تنتظره فعندما دخل محمود إلى مكتبه وجد عبد الفتاح جالساً ينتظره بنظرة جدية لم يرها من قبل:

عبد الفتاح: صباح الخير يا محمود عندي ليك مهمة جديدة النهاردة.

محمود بإبتسامة: صباح النور يا باشا خير مهمة جديدة؟ أنا جاهز وإيه هي؟

عبد الفتاح: فيه شحنة هتوصل النهاردة من أوروبا وعايزك تكون موجود عشان تستلمها بنفسك والمهمة دي حساسة جداً ولازم تتم من غير أي مشاكل.

محمود: ولا يهمك أنا هكون هناك وأستلمها بنفسي.

إنطلق محمود إلى الميناء لإستلام الشحنة ولكن لم يكن يعلم أن هذه الشحنة كانت تحتوي على كميات كبيرة من العملات الأجنبية وكانت الغاية من إستيرادها هو الإتجار في العملة بشكل غير قانوني وفي نفس الوقت كانت مباحث الأموال العامة تتابع تحركات الشركة منذ فترة وجمعت كل الأدلة اللازمة للقبض على أفرادها وذلك حيث جائتهم إخبارية من تاجر عملة أخر منافس لعبد الفتاح وهو (عبدو العدوي) والذي كان يطيح بجميع منافسيه عن طريق الإبلاغ عنهم ولإبعاد الشبهات عن نفسه ، المهم وصل محمود إلى الميناء وإستلم الشحنة بكل هدوء وثقة وفي طريق عودته إلى الشركة بدأت الشكوك تتسلل إلى ذهنه ولكنه حاول تجاهلها وعند وصوله إلى الشركة وجد عبد الفتاح في إنتظاره مرة أخرى ولكن هذه المرة كانت نظراته مختلفة وكأن هناك شيئاً كبيراً على وشك الحدوث:

عبد الفتاح: ها إستلمت الشحنة؟

محمود: أيوه إستلمتها وكل حاجة تمام.

عبد الفتاح: كويس ودلوقتي بقى عندي ليك مهمة تانية.

محمود متفاجئ: مهمة تانية؟ إيه هي؟

عبد الفتاح: عايزك تسافر بره البلد لمدة يومين علشان عندنا شغل هناك لازم تخلصه.

محمود بدأ يشك أكثر: ليه لازم أسافر دلوقتي؟ وإيه الشغل إللي لازم أخلصه هناك؟

عبد الفتاح بإبتسامة باردة: دي أوامر ومش عايز نقاش ومتقوليش تحت أمرك زي كل مرة!! أسمها عُلم وينفذ.

image about من قصص حرب تجار العملة في مصر – هروب المعلم وحبس الصبي (ليلة القبض على السوهاجي)

قبل أن يتمكن محمود من الرد سمع أصوات كثيرة و عالية من على باب الشركة وتسأل عن صاحب الشركة فهنا طلب عبد الفتاح من محمود الخروج ومعرفة ماذا يحدث وقام عبد الفتاح متسللاً من باب سري في مكتبه وقام بالهروب من مكتبه بالشركة وعند خروج محمود تفاجأ بإقتحام قوات مباحث الأموال العامة المكان والقبض عليه وكان المشهد درامياً ومفاجئاً للجميع.

رئيس المباحث: محمود أنت متهم بالإتجار في العملة بشكل غير قانوني وعندنا كل الأدلة إللي تثبت ده من أول إستلامك للشحنة حتى إحضارها لمقر الشركة وكل شيء تم تصويره وتسجيله.

محمود مذهول: إيه؟! أنا مش فاهم حاجة حضرتك أنا مجرد موظف في الشركة وصاحب الشركة كلفني بإحضار شحنة وفهمت إنها كانت شحنة قمنا بإستيرادها لعميل عندنا!!

رئيس المباحث: والله الكلام ده تقوله عندنا في القسم وإحنا عارفين كمان إنك كنت مجرد واجهة وصاحب الشركة هو المسئول الحقيقي وهو إللي وراء كل ده بس طبعاً زي ما توقعنا مش موجود في مكتبه وهرب وخلع لما شافنا في الكاميرا بنقتحم المكان.

بينما كان محمود يُقتاد إلى سيارة الشرطة دارت أحداث كثيرة داخل رأسه وأخذ ينظر حوله بحثًاً عن عبد الفتاح ولكنه لم يجده فقد إختفى كعادته تاركاً محمود ليواجه المصير وحده وفي مركز الشرطة بدأ التحقيق مع محمود وعلى الرغم من كل الأدلة التي كانت تشير إلى تورطه إلا أنه ظل متمسكاً ببراءته وحاول أن يوضح للشرطة أنه كان مجرد موظف ينفذ الأوامر.

وفي اليوم التالي وأثناء عرض محمود على النيابة العامة جاء محامي الشركة للحضور معه وكان المحامي ذكياً وحاذقاً وأثناء دفاعه في سرايا النيابة:

محمد إبراهيم سبانخ المحامي حاضر عن المتهم محمود السوهاجي: معالي الباشا موكلي لم يكن له يد في الجريمة المنسوبة إليه وأنه مجرد موظف يقوم بمهام عمله وأن الشحنة جاءت بأسم عميل أجنبي والشركة دورها هو تخليص الأوراق الجمركية وتسليم العميل الشحنة فلو كان هناك متهم فهو العميل ومن تعاون معه لإدخال هذة الأوراق النقدية الأجنبية لداخل البلد وأن صاحب الشركة (الحاج عبد الفتاح الخواجة) رجل شريف وفوق مستوى الشبهات وأن الإخبارية المقدمة ضده وضد محمود الموظف ما هي إلا مكيدة من أحد المنافسين للشركة ومقدم لسيادتكم كافة الأوراق التي تثبت صحة ما أقوله.

أشرف بيه زكي وكيل النيابة: مثبت أمامي في الأوراق أنه تم طلب ضبط وإحضار صاحب الشركة لسؤاله عن الواقعة محل الذكر وعن الإتهام المنسوب إليه أنه يدير شبكة كبيرة في الإتجار بالعملة والتعامل مع السوق السوداء وأن شركته ما هي إلا واجه لهذا النشاط المشبوه ومع هذا لم يحضر ولم يتم العثور عليه فهذا يعتبر دليل على أنه متورط فيما هو منسوب إليه.

محمد سبانخ المحامي: سيادتك صاحب الشركة منذ يومان تعرض لحادثة وهو الأن بالمستشفى يتلقى العلاج وممكن حضرتك تتحقق من ده هو هيرفض يحضر أمام سيادتكم ليه هو بريء و المتهم بريء حتى تثبت إدانته كما تعلمنا من حضراتكم ومن أساتذتنا بالقانون.

image about من قصص حرب تجار العملة في مصر – هروب المعلم وحبس الصبي (ليلة القبض على السوهاجي)

بعد فترة من التحقيقات والمداولات أُطلق سراح محمود ولكنه قرر أن يترك العمل في الشركة نهائياً وبدأ يفكر في فتح مشروعه الخاص وليعيش حياة نظيفة وبعيدة عن المشاكل ولكن كما يقال المثل يا فرحه ما تمت ، حيث فوجأ برجال ملثمين يقتحمون عليه المنزل ويأخذوه مغمم العينين وهو لا يعرف ماذا هناك حتى وجد نفسه في غرفة مكتب كبيرة وحواليه زملائه الموظفين و يجلس على المكتب أمامه عبد الفتاح و يطلب منه الجلوس على الكرسي الذي أمامه:

عبد الفتاح: أنت أيه علاقتك بعبدو العدوي؟

محمود: يا حاج هي دي الحمد لله على سلامتي أنا أتبهدلت بسبب الشحنة أللي طلعت مشبوهه دي.

عبد الفتاح: سكة ودوغري أحسن لك أيه علاقتك بعبدو العدوي.

محمود: عم عبدو حضرتك عارف أنه جاري في المنطقة وبعتبره أخ كبير وأنا جبته قبل كدة لحضرتك في شغل من فترة.

عبد الفتاح: أنت عيل كداب وكهين وخبيث وشرير وأنا هوديك ورا الشمس.

أحد زملاء محمود ويدعى كريم حسن: يا محمود أتكلم ونجي نفسك علشان لو فيه حاجة نلحق نلمها.

محمود: يا عم كريم أنا كل أللي أعرفه قولته أنا لو أعرف المصيبة أللي كنت شايلها كنت قدمت إستقالتي ومشيت الله الغني عن الشغل أللي يجيب مشاكل.

عبد الفتاح: يا حمار يا غبي .. عبدو العدوي شغال مرشد مباحث وبيتاجر في العملة في الخفى وطبعاً علشان لسانك أللي عاوز قطعه أكيد كلمة كدة ولا كدة طلعت منك فخدها منك يا بطيخه وطبخلنا المصيبة دي أنا أتاخد مني الفلوس دي أللي قيمتها بالمصري ثلاثة مليون جنية أنت ملزوم تسددهم.

محمود: يعني أنت عارف إن الشحنة دي كان داخلها عملة متهربة.

عبد الفتاح: نعم يا روح خالك أنت هتسطعبت أمال أنت فاكر أنا بديك 8000 جنية في الشهر ليه علشان شوية الورق أللي بتكتبه على الكومبيوتر أللي بيجبلي 500 جنية؟!!

محمود: يعني أنا أيه ذنبي في كل ده وثلاثة مليون جنية أيه أللي أنت عاوزهم مني .. أجيبهم منين.

عبد الفتاح نظر لمدير أعماله عمران أبو زيد: أنت قولت نديله فرصة وأنا عارف أيه أللي هيحصل ، بص أنا ذي ما خرجتك من الحبس هرجعك.

عبد الفتاح نظر لمحمد سبانخ المحامي: هو ماضي على شيك على بياض أعمل به له قضية وأحبس أهله وخلي عبدو العدوي يطلعك.

محمود وزملائه يمسكون به ويكبلوه بالحبال: حسبي الله ونعم الوكيل فيكم يا تجار العملة يا خونة يا كلاب شبهتوني وضيعتو مستقبلي ومستقبل عيالي.

عبد الفتاح ينظر لكريم: مشوه غوروه.

كريم : السح الدح أمبوه!!

عمران: الواد طالع لأخوه!!

عبد الفتاح: قال ماعرفوش ماكلمتهوش!!

image about من قصص حرب تجار العملة في مصر – هروب المعلم وحبس الصبي (ليلة القبض على السوهاجي)

بعد تقديم محمود للمحاكمة بتهمة تبديد إيصال أمانة بمبلغ ثلاثة مليون جنية حكم عليه بثلاثة شهور وغرامة مائة ألف جنية ولعدم قدرته على سداد الغرامة حكم عليه بثلاثة شهور أخرى.

وهو في السجن قام شاويش بإخباره أنه هناك زيارة له من أحد أقاربه.

سعيد السوهاجي أخو محمود: ربنا يفك كربك ياخويا ولا تحتل هم الله يبارك له الحاج عبد الفتاح شغلني معاه وأعطاني مبلغ كدة علشان مصاريف بيتك وعيالك ومكلفني بسفرية بكرة وقالي هأخد معايا شنطة تكونش شنطة فلوس دي ولا أيه؟!

وهنا محمود صرخ بصورة هيستيرية وقال: أيوه أيوه دي فلوس .. ده دولار .. ده دولار .. ده دولار.

وأغمى عليه وبعد نقله للمستشفى قرر الطبيب أنه تعرض لصدمة عصبية شديدة تستوجب نقله لمصحة الأمراض العصبية والعقلية.

سعيد السوهاجي لما عرف الحقيقة قرر الإنتقام لأخيه فقام بإبلاغ الشرطة عن المهمة المشبوهه المكلف بها.

وأما عبد الفتاح لما عرف بأنه مطلوب القبض عليه فقد أختفى تماماً ولم يعثر عليه أحد ولكن الأقاويل تقول إنه سافر إلى بلد بعيد وبدأ حياة جديدة بعيداً عن الأنظار.

وأما محمود المسكين فظل في المصحة يعاني من الصدمة التي تعرض لها ولا يوجد كلمة على لسانه غير أيوه أيوه دي فلوس .. ده دولار .. ده دولار .. ده دولار

كل هذه الأحداث والتي ستظل محفورة في ذاكرة محمود إلى الأبد حتى عندما بدأ في التعافي والإفراج الصحي عنه بعد إنقضاء ثلاثة أرباع مدة الحبس وخروجه فهي دروس وعبر يحكيها الناس فيما بينهم. 

قصة من وحي الخيال مليئة بالأحداث الدرامية والمواقف الكوميدية نتعلم منها الكثير وندرك أن الحياة قد تكون مليئة بالمفاجآت ولكن الأهم هو أن يكون الإنسان حذراً ولا يكون على نياته زيادة عن اللزوم لأن القانون لا يحمي المغفلين وياما في الحبس مظالمين والجريمة والمال الحرام لا يفيد بل كالنار يحرق الأخضر و اليابس.

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

1

متابعهم

1

مقالات مشابة