أبن أشعب الحرفي
كان لـ أشعب ابنا يدعى أبا العلاء ، ذات يوم قال لأمه : يا أمى العزيزة .. يا أمي العزيزة لقد مللت من طرق الاحتيال والدهاء والمكر من أجل الحصول على الرزق ومطالب الحياة، أريد يا أمي أن أعمل عملا حقيقيا أبذل فيه مجهودا يجعل العرق يتصبب من فوق جبهتي ويغمر جسدى وأقول عندما أحصل على الرزق .. هذا من عرق جبيني فرحت الأم بكلام ابنها
لكنها قالت له في دهشة : أنت يابنى العزيز لا تصلح للقيام بأى عمل لأنك يا ابنى لم تتعلم شيئا في حياتك غيرالاحتيال والمكر وأن تضحك وتجعل الناس يضحكون عليك .
قال ابن أشعب لأمه : يا أمي العزيزة .. يا أمي الحبيبة ساعديني
ولا تحبطي من عزيمتي .. أرجوك يا أمي .. أحست الأم بالصدق في كلمات ابنها أباالعلاء، فجلست مع ابنها تفكر معه .ماذا تعمل يا ابن أشعب ؟
ماذا تعمل يا ابن أشعب ؟
وبعد فترة قالت الأم :
تعمل حدادا تصنع من الحديد سيوفا ودروعا المحاربة الأعداء، وتصنع بوابة كبيرة لمدينتنا حتى لا يدخلها الأشرار.
فكر ابن أشعب ثم قال :
- أعمل حدادا ! لا .. لا .. لا استطيع أن أعمل حدادا ، عمل الحداد عمل شاق ويحتاج إلى جسم
قوى متين وأنا لم أدرب جسدى ليكون قويا .
فكرت الأم ثانية ثم قالت :
تعمل نجارا تصنع الأبواب والشبابيك وتصنع أيضا الكراسي والأسرة.
قال ابن أشعب في دهشة : نجار !! إنني لم أتعلم ابدا حرفة النجارة ولم اقف ابدا على باب نجار
وسكت فترة ثم قال لأمه : فكرى .. فكرى يا أمي الحبيبة عسى الله أن يفتح عليك، فكرى في عمل آخر. فكرت الأم وفكرت ثم قالت وهي تعلن نفادصبرها :
تعمل معلما للأولاد تعلمهم القراءة والكتابة
حب الوطن وحب العدل وتعلمهم أن الاتحاد قوةولن نهزم عدونا ونحن متفرقين .
ضحك ابن أشعب وهو يقول :
أنا .. أنا أعلم الأولاد يا أمي ! أنت تسخرين منى أليس كذلك ؟!
ألا تعرفين يا أمي أنني لا أعرف أن أكتب حرفا واحدا او اقرأ كلمة واحدة ولو من حرفين وأن أبي سامحه الله بسبب شدة بخله حرمني من التعليم
قالت الأم الطيبة الحنون : إنك لا تصلح لشيء يابني لأنك لا تفكر وتريد من غيرك أن يفكر لك ، وقالت في نفاد صبر وهيه تخرج وتتركه وحيدا أنت لا تصلح لشيء .. أنت لا تصلح لشيء ! جلس ابن أشعب حزينا وظل يفكر ويفكر ثم قام
منتفضا وهو يقول في سعادة :
- سأعمل صيادا ، أصيد السمك من النهر وأبيعه في السوق فيأكل الناس سمكا طازجا جميلا ويثمن بيعه أعيش عيشة هادئة مستقرة ثم قال ابن
أشعب وهو يحدث نفسه :
كيف تتعلم الصيد يا ابن أشعب ؟
وظل ابن أشعب يسأل نفسه حتى لمعت في ذهنه فكرة ابتهج بها وقال : سأذهب إلى النهر وأجلس على مقربة من الصيادين أراقبهم وأتعلم منهم. ذهب ابن أشعب إلى النهر، كل يوم يذهب ابن أشعب إلى النهر يجلس في صمت، يراقب الصيادين حتى لاحظ ذلك الصيادون، ولاحظوا صمت ابن أشعب الغير مألوف ..
سأل أحد الصيادين ابن أشعب :
لماذا وجودك هنا وصمتك يا ابن أشعب ؟
صمت ابن أشعب ولم يتكلم وقال في نفسه :
ماذا أقول لهم ؟ ماذا أقول ؟
ثم استجمع ابن أشعب شجاعته وقال : - أريد أن أتعلم حرفة ، أريد أن أتعلم الصيد. ضحك الصيادون وقال أحدهم وهو مازال يضحك :
أضحكتنا يا ابن أشعب .. الصيد ! ولماذا الصيد ؟ الصيد. يا ابن أشعب يريد صبرا فهل أنت
صبور ؟
قال ابن أشعب : ستجدونني إن شاء الله من الصابرين
والشاكرين لكم أيضا اذا تعلمت منكم الصيد.
هدأت ضحكات الصيادين وقالوا :
مادمت تريد أن تتعلم وستصبر سنعلمك الصيد .. وظل ابن أشعب يأتي كل يوم مبكرا مثل الصيادين يتعلم منهم وينتبه لنصائحهم ويستجيب لها وبعد عدة أيام صار ابن أشعب صيادا ماهرا يرزقه الله كل يوم بصيد وفير وصار يكسب قوته بجهده وعرق جبينه ويعود كل يوم لأمه بالصيد
والرزق الوفير فتفرح أمه وتدعو له .