الممرات السوداوية في الظلام

الممرات السوداوية في الظلام

0 reviews

 

 

"الممرات السوداوية"

[بقلم: رباب إيهاب]

في حياة كل إنسان لحظات لا يستطيع تفسيرها، وكأن روحه تدخل في نفق مظلم بلا مخرج. نفق ليس له أبواب ولا نوافذ، فقط ممر طويل من الصمت، الألم، والتفكير الزائد. هذه هي الممرات السوداوية… الحالة التي لا يراها من حولك، لكنك تغرق فيها ببطء، دون صراخ، دون ضوء.

الممرات السوداوية ليست دائمًا مرتبطة بحادث صادم أو مأساة واضحة. أحيانًا، تبدأ الأمور صغيرة: شعور بعدم الحماس، فقدان الرغبة في الحديث، ملل دائم من كل شيء. ثم، فجأة، تجد نفسك هناك… في داخلك صوت يقول: “ما الفائدة من كل هذا؟”

تبدأ تفقد الشغف بما كنت تحبه، وتشعر أن كل ما تفعله بلا معنى. تصبح أكثر هدوءًا، لكن ليس هدوء الطمأنينة… بل هدوء الانطفاء. تتظاهر بالضحك، تتفاعل مع الآخرين، لكنك تعلم أن شيئًا ما مكسور داخلك.

المرعب في هذه الممرات أنها صامتة جدًا، ولا يشعر بها أحد. قد تكون أنجح الناس في نظر من حولك، لكنك من الداخل مهزوم، منهك، تبحث عن سبب واحد فقط لتستيقظ في اليوم التالي.

أحيانًا، تحاول أن تخرج… تقرأ كتبًا، تسمع أغاني، تحاول أن تتحدث، لكن لا شيء يُجدي. لأن هذه الممرات ليست مجرد "مزاج سيء"، بل حالة عقلية تحتاج لفهم، واحتواء، وربما علاج.

الحقيقة أن هذه الحالة يمر بها ملايين الأشخاص حول العالم، لكنها تظل من أكثر الأمور التي نتجنب الحديث عنها. نخشى أن نظهر "ضعفاء"، أو أن يُساء فهمنا. لكن تجاهل الأمر لا يعالجه، بل يُعمّقه.

كثيرون يخرجون من هذه الممرات، لكن الأمر لا يتم بين يوم وليلة. البداية تكون بالاعتراف: "أنا مش بخير". بعدها يأتي دور الدعم… دعم صديق، طبيب، أو حتى غريب مر بالتجربة ذاتها وشارك قصته.

ما يساعد على الخروج من الممرات السوداوية ليس القوة، بل الصدق. صدقك مع نفسك، ورغبتك في أن تعيش، حتى إن كنت لا تعرف كيف. الأمل أحيانًا لا يأتي فجأة، بل يتشكل من خطوات صغيرة: شروق شمس جديد، كوب قهوة ساخن، كلمة طيبة من شخص غير متوقع.

إن كنت تمر بأحد هذه الممرات الآن، فتذكّر أن الظلمة لا تدوم، وأنك لست وحدك. الممر قد يكون طويلاً، لكنه ليس بلا نهاية. والمهم أنك تتحرك، ولو ببطء… المهم عدم النهاية.

 

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

0

followings

1

similar articles