السير ويليام كيركالدي أوف غرنج (1520 - 1573): بين الإيمان والسيف

السير ويليام كيركالدي أوف غرنج (1520 - 1573): بين الإيمان والسيف

0 المراجعات

 

وُلد ويليام كيركالدي حوالي عام 1520 في أسرة نبيلة من فيف باسكتلندا، ونشأ في زمن مضطرب سياسيًا ودينيًا. اشتهر بأنه واحد من أكثر الشخصيات نفوذًا وشجاعة في اسكتلندا خلال القرن السادس عشر، وكان سياسيًا وقائدًا عسكريًا بارعًا عرف بتقلباته الكبيرة في الولاء، بين دعم الإصلاح البروتستانتي والملكة الكاثوليكية ماري ستيوارت.


🗡️ بداية دموية: اغتيال الكاردينال بيتون والنفي

في عام 1546، كان كيركالدي من المشاركين البارزين في اغتيال الكاردينال ديفيد بيتون، أحد أبرز رموز الكاثوليكية في اسكتلندا، خلال حصار قلعة سانت أندروز. بعد سقوط القلعة بيد الفرنسيين، أُسر كيركالدي ونُقل إلى فرنسا حيث قضى عدة سنوات في الأسر، قبل أن يهرب في 1550 ويبدأ مسيرته الجديدة كجندي محترف.


🔍 جاسوس ومقاتل في أوروبا

في منفاه، خدم كيركالدي في الجيوش الفرنسية، لكنه كان يتجسس لصالح التاج الإنجليزي تحت الاسم الرمزي "كورَكس" (Corax). من خلال هذه الأدوار المتعددة، جمع بين السيف والدبلوماسية والدهاء، واكتسب سمعة عسكرية مرموقة، حتى وصفه الملك هنري الثاني ملك فرنسا بأنه "أحد أشجع رجال عصره".


✝️ نصير الإصلاح البروتستانتي

عاد كيركالدي إلى اسكتلندا عام 1557، وانضم إلى "لوردات الإصلاح" (Lords of the Congregation)، الذين سعوا لإزاحة النفوذ الكاثوليكي عن الحكم. لعب دورًا رئيسيًا في طرد القوات الفرنسية من البلاد، وكان من أوائل الداعمين لتحالف مع إنجلترا البروتستانتية. كما كان من معارضي زواج الملكة ماري ستيوارت من اللورد دارنلي، لما اعتبره زواجًا كارثيًا سياسيًا ودينيًا.


⚔️ التحول الكبير: من العداء إلى الدفاع عن الملكة ماري

رغم دعمه السابق للإصلاح، شهدت مواقف كيركالدي تحولًا جذريًا. فعقب مقتل وصي العرش البروتستانتي جيمس موراي عام 1570، أعلن كيركالدي ولاءه للملكة ماري، التي كانت وقتها في المنفى في إنجلترا، ورفض الاعتراف بحكومة الملك الطفل جيمس السادس.

بوصفه حاكمًا لقلعة إدنبرة، حول كيركالدي القلعة إلى مركز للمقاومة ضد الحكومة الاسكتلندية المدعومة من إنجلترا. استمر في الدفاع عن القلعة لمدة سنتين فيما عرف بـ"الحصار الطويل" (Lang Siege)، حيث صمد بشجاعة في وجه الحصار والحرمان.


🏰 سقوط القلعة والنهاية المأساوية

في مايو 1573، وبعد حصار مرير ونفاد الإمدادات، سقطت قلعة إدنبرة بيد قوات الوصي المدعومة من المدفعية الإنجليزية. أُسر كيركالدي، وعلى الرغم من وعود الرحمة، حُوكم وأُعدم شنقًا في 3 أغسطس 1573 في ميدان السوق بمدينة إدنبرة. وقد رثاه خصومه قبل حلفائه، إذ عُرف بشجاعته ونزاهته رغم تبدلاته السياسية.


🧭 إرث معقد وشخصية لا تُنسى

انقسم المؤرخون في تقييم شخصية كيركالدي: فبينما رأى فيه البعض خائنًا ومتحولًا في الولاء، اعتبره آخرون رجلاً تميز بالنزاهة الشخصية، تصرف وفقًا لضميره، حتى لو بدا ذلك متناقضًا. الملك جيمس السادس نفسه، رغم صعوده بعد سقوط كيركالدي، أعاد لأبنائه أملاك الأسرة عام 1581، معترفًا بفضله وشجاعته.


✒️ خاتمة

سيرة السير ويليام كيركالدي تجسد صراعًا داخليًا بين الإيمان والمبدأ، وبين الولاء السياسي والتقلبات الدينية في عصر مضطرب. لقد عاش ومات على الحافة بين الخيانة والبطولة، وخلّف وراءه إرثًا من الشجاعة المعقدة التي يصعب تصنيفها في خانة واحدة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

14

متابعهم

3

متابعهم

26

مقالات مشابة