
"توقّف عن البحث... الحقيقة تؤلم."
استيقظ "آسر" على صوت المنبّه، لكن الغريب أنه لم يتذكّر أنه ضبطه من الأساس.
نهض من الفراش ببطء، وأحسّ بشيء غير طبيعي... كأن ذاكرته مثقوبة.
نظر إلى المرآة، لمح وجهه كأنه يراه لأول مرة. نفس الملامح، لكن بشيء غريب في عينيه... شيء لا يتذكره.
خرج من غرفته متّجهًا إلى المطبخ، فوجد كوب قهوة مُعدّ بالفعل... دافئ.
من الذي أعدّه؟ لم يكن هناك أحد غيره في الشقة.
فتح هاتفه، فوجد رسالة غير مقروءة:
"توقّف عن البحث... الحقيقة تؤلم."
من الرقم نفسه الذي استقبله منه بالأمس، أو هكذا يظن. لكن ذاكرته... لا تساعده.
قرر تجاهل الرسالة والخروج قليلاً، لكن أول ما فتح الباب، لمح رجلًا يرتدي معطفًا أسود يقف بجانب سيارته، يحدّق فيه بثبات.
أغلق الباب بسرعة. قلبه يدقّ بجنون.
اتصل بصديقه "نديم" يسأله عن الليلة الماضية، فجاءه الرد:
"انت اتصلت بيا إمبارح تقولي إنك فاكر حاجات غلط... فاكر نفسك قتلت حد."
آسر شعر ببرودة تسري في جسده.
"أنا قلت كده؟! إمتى؟!"
"كنت مرعوب، وبتبكي... وقلت إن في حاجة مدفونة في دماغك، وإنك سامع صوتها!"
صوتها؟ أي صوت؟
عاد آسر لغرفته وبدأ يقلب في أوراقه القديمة، فوجد دفترًا غريبًا لم يرَه من قبل. فتحه.
الصفحة الأولى كُتب فيها بخط يده:
"لو بتقرأ الكلام ده... فمعناه إنك نسيت تاني."
ثم توالت الصفحات، كلها تحكي عن تجربة مر بها، عن جلسات تُجرى له بدون علمه، عن علاج نفسي تجريبي.
عن حادثة وقعت منذ سنة، ومات فيها شخص… شخص مقرّب. لكنه لا يعرف من هو.
وفجأة… دوى صوت في رأسه، كأن أحدًا يهمس داخل جمجمته:
"انت اخترت تنسى… ليه بتحاول تفتكر؟"
سقط على الأرض ممسكًا برأسه… مشاهد متداخلة تمر في عقله: وجه فتاة تبكي، ضوء أحمر، صرخة مكتومة… دم.
في المرآة، لم يكن يرى انعكاسه فقط… بل كان يرى وجهًا آخر خلفه.
استدار بسرعة… لا أحد.
لكن على الحائط، كُتب بخط واضح:
"الحقيقة مش دايمًا نعمة… أوقات بتكون لعنة."
🧠 النهاية... أو بدايتها؟
في عالم مليان تشويش، هل تقدر تثق في اللي بتفتكره؟
ولا ممكن تكون ذاكرتك… أخطر عدو ليك؟