مانويل بافيا إي لاسي: سيرة أحد أبرز جنرالات إسبانيا في القرن التاسع عشر

مانويل بافيا إي لاسي: سيرة أحد أبرز جنرالات إسبانيا في القرن التاسع عشر

Rating 0 out of 5.
0 reviews

مانويل بافيا إي لاسي: سيرة أحد أبرز جنرالات إسبانيا في القرن التاسع عشر

النشأة والتعليم العسكري

ابن توماس بافيا إي ميراليس، عقيد المشاة، ومانويلا لاسي إي بورغونيو. انضم وهو طفل إلى الجيش كطالب مبتدئ في 26 مارس 1824 في فوج مشاة ريونيون مورسيانا، ثم انتقل عام 1826 إلى فوج مورسيا الإقليمي. بعد تعلم الحروف الأساسية، واصل دراسته مع اليسوعيين في فالنسيا، وفي سن الثانية عشرة التحق بالكلية العسكرية العامة الملكية في سيغوفيا، حيث بقي بين عامي 1827 و1831، وهو العام الذي تمت ترقيته فيه إلى ملازم ثانٍ للمشاة.

بدايات المسيرة العسكرية

في عام 1832، وبموجب الأمر الملكي الصادر في 25 مايو، انضم إلى حرس الفرسان الملكي برتبة ملازم، ثم انتقل إلى الفوج الرابع من الحرس الملكي للمشاة. ومنذ ذلك الوقت بدأ مسيرة عسكرية بارزة، كان إطارها الأساسي الحرب الكارلية الأولى.

المشاركة في الحرب الكارلية الأولى

شارك ضد أنصار دون كارلوس في عدة مناطق: أولاً في سيرفيرا دي بيسويرجا، ثم منذ نوفمبر 1833 في بلاد الباسك ونافارا تحت أوامر قادة كبار مثل كونت أرميلديس دي توليدو، وبيدرو سارسفيلد، وإسبارتيرو، والبارون مير، وماركيز مونكايو، وروديل، ولويس فرنانديز دي كوردوفا.

بفضل كفاءته، حصل على رتبة مقدم مشاة في 15 ديسمبر 1834، ثم في 28 أبريل 1835 رتبة ملازم في الحرس الملكي للمشاة. في تلك الفترة شارك في أحداث بارزة: رفع الحصار الأول عن بلباو، ومعركة مينديغوريا، ونال وسام صليب سان فرناندو من الدرجة الأولى.

في مارس 1837 انتقل إلى كتالونيا، حيث واصل حملته ضد الكارليين حتى 1839، وشارك في معارك سولسونا وغرا وتورنيلاس وسان فيليو دي ساسيراس وسوريا وغيرها. وفي يناير 1840 انضم إلى جيش المركز وشارك في عملية نوفاليتشيس (22 مارس 1840) التي أكسبته وسامًا رفيعًا باسمه.

الترقية إلى الجنرالية المبكرة

في يوليو 1840 رُقّي إلى رتبة مشير، ليصبح أحد أصغر الجنرالات في الجيش الإسباني. وبعد انتهاء الحرب، طلب الإذن بزيارة بلجيكا وهولندا وألمانيا، قبل أن يعود إلى إسبانيا في أغسطس 1841.

الأزمات السياسية والمنفى

شارك في محاولة انقلاب أكتوبر 1841 دعماً لماريا كريستينا، فاضطر إلى الهجرة إلى فرنسا حتى اندلاع الانتفاضة ضد إسبارتيرو في يوليو 1843. وعند عودته تولى قيادة فرقة الاحتياط في جيش فالنسيا وساهم في إسقاط الوصي، ثم عُيّن حاكماً لقادس وقائداً عاماً لمقاطعتها.

المناصب الإدارية والعسكرية

منحته الملكة إيزابيلا الثانية لقب رجل نبيل في الغرفة بموجب مرسوم ملكي في 1 نوفمبر 1843. ثم عُيّن في القيادة العامة لكتالونيا تحت قيادة البارون دي مير، حيث شغل منصب عريف ثانٍ وحاكم برشلونة.

شهد حصار قلعة فيغيراس واستسلامها مطلع 1844، ثم عُيّن قائداً عاماً لنافارا في 18 يناير، إلا أن طلب البارون دي مير ببقائه في كتالونيا حال دون تنفيذ هذا التعيين. وفي أغسطس 1844 استقر في مدريد.

التكريمات والأنشطة المدنية

إلى جانب مسيرته العسكرية، حظي بتقدير واسع في الأوساط المدنية: فقد منحته الجمعية الاقتصادية لأصدقاء الوطن في برشلونة رئاستها في 7 مايو 1844، وانتخبته كلية العلوم الطبية في قادس راعياً لها. كما دعم إنشاء خط سكة حديد برشلونة–ماتارو، وتأسيس بنك برشلونة للادخار، إضافة إلى مساهمته في إنشاء الكلية الطبية في قادس.

العودة إلى الصفوف العسكرية

بعد عودته إلى مدريد عام 1844، واصل بافيا نشاطه العسكري والإداري. وفي عام 1847 شارك في قمع الانتفاضات الكارلية الجديدة في كتالونيا، حيث تولى قيادة الوحدات المكلفة بإعادة الاستقرار، وأثبت مرة أخرى كفاءته في التنظيم والانضباط الميداني.

الدور السياسي في عهد إيزابيلا الثانية

لم يقتصر تأثير بافيا على الجانب العسكري فقط، بل أصبح شخصية بارزة في الحياة السياسية الإسبانية. فقد شغل مناصب متعددة في مجالس الشرف العسكرية، وشارك في النقاشات الوطنية حول تحديث الجيش ودوره في حماية النظام الدستوري. كان مقرّبًا من البلاط الملكي، مما جعله من العناصر الموثوقة لدى إيزابيلا الثانية، خاصة في لحظات الأزمات.

الإصلاحات والمشروعات العامة

إلى جانب نشاطه العسكري، دعم بافيا مشروعات اقتصادية وتنموية مهمة. فقد أسهم في تعزيز خطوط السكك الحديدية، وساند إقامة المؤسسات المصرفية التي وفرت أساسًا لنهضة تجارية في كتالونيا وقادس. كما استمر في رعاية المبادرات العلمية والتعليمية، مؤمنًا بأن الجيش لا ينفصل عن دور الدولة في النهضة العامة.

سنوات النفي والعودة

عند اشتداد الصراعات السياسية في خمسينيات القرن التاسع عشر، وجد نفسه في مواجهة تيارات معارضة، ما اضطره في فترات قصيرة إلى الابتعاد عن الساحة العامة. إلا أنه كان يعود دومًا بدعم من أنصاره في الجيش والبلاط، وهو ما حافظ على مكانته المرموقة.

المراحل الأخيرة من حياته

بحلول ستينيات القرن التاسع عشر، تقلّص نشاطه العسكري المباشر، لكنه ظل شخصية استشارية مهمة في القضايا الوطنية، خصوصًا تلك المتعلقة بإدارة الجيش وشؤون الضباط. كما ظل اسمه حاضرًا في النقاشات العامة بفضل سمعته العسكرية ومكانته كأحد أصغر الجنرالات الذين صنعوا التاريخ في إسبانيا.

الإرث والتأثير

رحل مانويل بافيا إي لاسي تاركًا خلفه إرثًا يجمع بين القيادة العسكرية، والدور السياسي، والمشاركة المدنية. فقد عُرف بقدرته على المزج بين الحزم العسكري والانفتاح على الإصلاحات الاقتصادية والعلمية. وبفضل ذلك، بقي اسمه ضمن قائمة أبرز جنرالات القرن التاسع عشر في إسبانيا، وواحدًا من الرموز الذين ساهموا في تشكيل مسارها التاريخي خلال مرحلة دقيقة من التحولات السياسية والعسكرية.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

22

followings

15

followings

49

similar articles
-