
الحملة الفرنسية على مصر
الحملة الفرنسية على مصر عام 1798
أهلاً بك أيها القارئ الكريم في موقع "أموالي"، حيث نسعى دائمًا لتقديم محتوى ثري ومفيد. اليوم، سنتناول موضوعًا تاريخيًا هامًا لم يغير وجه مصر فحسب، بل أثر في مسار العالم بأسره، وهو "الحملة الفرنسية على مصر
تاريخ دخول الحملة الفرنسية مصر
وصلت الحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت إلى سواحل الإسكندرية في 1 يوليو 1798. بعد وصولهم، قام الجيش الفرنسي باحتلال المدينة بعد مقاومة من أهلها وحاكمها محمد كريم. ثم واصل نابليون وجيشه الزحف نحو القاهرة، ودخلوها في 24 يوليو 1798 بعد انتصارهم في معركة إمبابة.

الأسباب الحقيقية للحملة
عندما نتحدث عن الحملة الفرنسية، يتبادر إلى الذهن غالبًا نابليون بونابرت وشعاراته الرنانة عن "تحرير مصر" من ظلم المماليك. ولكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. في أواخر القرن الثامن عشر، كانت فرنسا وبريطانيا تتنافسان على زعامة العالم. كانت بريطانيا قد بنت إمبراطورية تجارية ضخمة بفضل سيطرتها على طرق التجارة البحرية، خاصة طريق الهند.
لذلك، كان هدف نابليون الأساسي هو قطع هذا الطريق التجاري الحيوي على بريطانيا. فبالسيطرة على مصر، يمكن لفرنسا أن تهدد المصالح البريطانية في الشرق الأوسط وتضرب عصب تجارتها مع الهند، مما يضعف الاقتصاد البريطاني ويقوي الاقتصاد الفرنسي.
الأبعاد الاقتصادية للحملة: استغلال الموارد وتغيير الهيكل الاقتصادي
لم تكن الحملة تهدف فقط إلى السيطرة العسكرية، بل كانت مصحوبة بمشروع استغلال اقتصادي شامل. فمنذ اللحظة الأولى لوصولهم، بدأ الفرنسيون في دراسة الموارد الطبيعية والبشرية في مصر. أسس نابليون "الديوان" لجمع الضرائب، ووضع نظامًا جديدًا للضرائب أكثر صرامة وفاعلية مما كان عليه في عهد المماليك. كان الهدف هو تجميع أكبر قدر ممكن من الأموال لتمويل الحملة ودعم الاقتصاد الفرنسي.
بالإضافة إلى ذلك، اهتم الفرنسيون بإنشاء ورش صناعية جديدة، خاصة في مجالات النسيج والأسلحة، بهدف تقليل الاعتماد على الواردات الأوروبية. كما قاموا بإنشاء محاجر جديدة واستغلال مناجم الفحم في منطقة سيناء. وعلى الرغم من أن هذه المشروعات لم تحقق نجاحًا كبيرًا بسبب قصر مدة الحملة، إلا أنها كانت مؤشرًا واضحًا على الطموحات الفرنسية في استغلال الموارد المصرية لصالحهم.
الحملة الفرنسية وتأثيرها على التجارة المصرية
في بداية الحملة، حاولت فرنسا فرض سيطرتها على التجارة الخارجية المصرية. كانت تهدف إلى جعل مصر سوقًا للمنتجات الفرنسية ومصدرًا للمواد الخام. ولكن بسبب الحصار البريطاني القوي على سواحل مصر، لم يتمكن الفرنسيون من تحقيق أهدافهم التجارية بالكامل. بل على العكس، أدى الحصار إلى تضرر التجارة المصرية بشكل كبير، خاصة تجارة الحرير والقطن
الاثار الايجابية و السلبية للحملة على مصر
الآثار الإيجابية
1 - صدمة حضارية ونهضة علمية:
جاءت الحملة الفرنسية مع مجموعة كبيرة من العلماء والخبراء في مختلف المجالات، الذين أسسوا "المجمع العلمي المصري".
أدت أعمال هؤلاء العلماء إلى تأليف موسوعة "وصف مصر" التي وثقت كل جوانب الحياة المصرية، من الآثار إلى الحياة الطبيعية والاجتماعية.
أسهمت الحملة في فك رموز حجر رشيد على يد العالم الفرنسي "شامبليون"، مما فتح الباب أمام علم المصريات وفهم الحضارة الفرعونية القديمة.
- 2 - التغيير في الفكر السياسي والإداري:
أيقظت الحملة الوعي القومي لدى المصريين وأظهرت لهم ضعف الحكم المملوكي والعثماني، مما أدى إلى ثورات شعبية مثل ثورة القاهرة الأولى والثانية.
أدخلت الحملة بعض النظم الإدارية الحديثة مثل فكرة الدواوين والمجالس الاستشارية، رغم أن هدفها كان خدمة المصالح الفرنسية، إلا أنها كانت نواة للتحديث الإداري في عهد محمد علي باشا.
تعرف المصريون على مفاهيم غربية جديدة مثل المحاكمات الحديثة وسجلات المواليد والوفيات، وفكرة المساواة، وإن كانت لم تطبق بشكل كامل.
3 - إنجازات علمية ومشاريع مستقبلية:
أدخلت الحملة أول مطبعة إلى مصر، مما كان له أثر كبير على نشر المعرفة والثقافة.
أجرى العلماء الفرنسيون دراسات حول فكرة حفر قناة تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، وهي الفكرة التي تحققت لاحقًا بإنشاء قناة السويس.
أُنشئت بعض الورش الصناعية في مجالات النسيج والأسلحة
الآثار السلبية
1 - احتلال واستغلال اقتصادي:
كانت الحملة في جوهرها مشروعًا استعماريًا يهدف إلى استغلال موارد مصر وقطع طريق التجارة البريطاني.
فرض الفرنسيون ضرائب باهظة على المصريين لتمويل حملتهم العسكرية، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية.
أدت الحملة إلى تدمير الأسطول البحري المملوكي، وتضرر التجارة الخارجية لمصر بسبب الحصار البريطاني.
2 - القمع والاضطراب الاجتماعي:
قمعت الحملة الفرنسية مقاومة المصريين بعنف شديد، وأعدمت العديد من رموز المقاومة مثل محمد كريم وسليمان الحلبي.
انتشرت الفوضى والاضطرابات الاجتماعية بسبب محاولات الفرنسيين فرض سيطرتهم وقوانينهم على مجتمع كان يعيش تحت الحكم العثماني والمملوكي.
سادت حالة من الرعب والخوف بسبب السياسات القمعية التي اتبعها نابليون وبعض قادته.
3 - تأثير سلبي على الهوية:
حاولت الحملة فرض بعض العادات والأنماط الاجتماعية الأوروبية على المصريين، مما أثار حفيظة المجتمع المحافظ وزاد من المقاومة.