الجزيرة التي لا تعود منها الرسائل

الجزيرة التي لا تعود منها الرسائل

0 reviews

الجزية التي لا تعود منها الرسائل 

كاي ومارا: كفاح من جزيرة سنتينيل

في جزيرة نائية تُدعى "سنتينيل"، تعيش قبيلة صغيرة من البشر في عزلةٍ تامة عن العالم. هناك وُلدت "مارا"، فتاة شجاعة وجميلة، تنتمي لقبيلة تحذر دائمًا من الغرباء. وفي تلك القبيلة أيضًا، نشأ "كاي"، شاب يملأ قلبه الفضول والرغبة في الفهم.

منذ صغره، كان كاي يشعر أن هناك شيئًا في العالم خلف البحار، شيئًا قادرًا على شفاء أمه المريضة، وعلى تغيير مستقبلهم. لم يكن يعلم ما هو، لكن الإحساس في داخله كان قويًا... لدرجة أنه قرر المخاطرة بكل شيء.

في إحدى الليالي، ودّع كاي مارا بصمت، وهمس لها:

– “أنا حاسس إن فيه حاجة هناك... حاجة ممكن تغيّرنا.”

– “خايفة عليك... بس قلبي بيقولّي إنك راجع.”

 

---

رحلة إلى المجهول

ركب كاي البحر، واجه أمواجًا عاتية، وكاد أن يموت، لكنه وصل إلى أرضٍ غريبة… مدينة حديثة مليئة بالأضواء والسيارات والناس الذين يرمقونه بنظرات غريبة.

وبعد أيام قليلة، بدأت تظهر عليه أعراض غريبة: ارتفاع في الحرارة، ضيق تنفّس، إعياء شديد. نُقل إلى مستشفى، وهناك أخبره الأطباء:

– “جهازه المناعي مش مستعد لأي عدوى... هو جاي من بيئة معزولة تمامًا!”

تم إعطاؤه لقاحات وأدوية، وكان يراقب كل شيء بدهشة، ويطرح الأسئلة بلغة مكسّرة... لكن عينيه كانت تلمع بالرغبة في الفهم.

 

---

رحلة العلم والعنصرية

بعد تعافيه، بدأ يتعلم، يدخل المكتبات، يسجل في دورات، يشاهد مقاطع، يسأل… ومع كل خطوة، كان يُقابل بالسخرية:

– “إنت هتفهم في الطب؟ ده إنت جاي من غابة!”

– “بربري مش عارف حتى يتكلم صح!”

– “ارجع بلدك أحسن!”

لكنه لم يتراجع.

كان يذاكر حتى الفجر، يجلس بالساعات ليفهم معنى الأمراض، واللقاحات، وكيف يعمل الجسم… وكل هذا ليعود يومًا ما ويعالج أمه.

 

---

العودة والرفض

وبعد سنة ونصف، عاد كاي إلى الجزيرة. لم يكن نفس الفتى الذي رحل… أصبح أكثر وعيًا، وأكثر علمًا… لكنهم لم يرحّبوا به.

– “جايب معاك مرض؟!”

– “اتعديت هناك وهترجع تميتنا؟!”

– “أنت اتغيّرت… إحنا مبقيناش نعرفك!”

نظرت إليه مارا بعينين ممتلئتين بالدموع، لكنها لم تتكلم. كاي حاول أن يشرح، أن يبرر، أن يُظهر لهم أن ما تعلمه ليس تهديدًا، بل أملًا. لكنه كان غريبًا بالنسبة لهم… مجرد شبحٍ يعود من عالمٍ لا يفهمونه ولا يثقون به.

في تلك الليلة، جلس كاي وحده على الشاطئ، يتأمل القمر المنعكس على الماء، والرياح تحمل له أصوات الرفض من قريته. ثم شعر بيد دافئة على كتفه… كانت مارا.

– “أنا مصدّقاك، حتى لو هم مش مصدقينك… بس يمكن لسه مش وقتك ترجع.”

أومأ كاي برأسه، وعيناه معلقتان بالأفق.

 

---

الرسالة التي لم تصل

في الصباح التالي، رحل كاي مرة أخرى. ترك وراءه رسالة صغيرة في قنينة، دفنها عند جذور شجرة يعرف أن مارا تزورها دومًا.

> "يا مارا، لو عرفتي تقري الحروف دي، يبقى أكيد الزمن اتغير، والعالم اتفتح، وإنّا بقى عندنا فرصة نفهم بعض. أنا لسه بحبك، ولسه نفسي أرجع… بس لما أكون مرحّب بيا، مش مرعوب مني.

لو وصلتلك الرسالة، اعرفي إن في مكان تاني... في عالم تاني، لسه مستنينا نعيش فيه من غير خوف."

 

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

0

followings

2

similar articles