
نهاية الرحلة: حين يتحدث الصمت
🔮 المرآة الملعونة – النهاية
البداية الجديدة
كان قلب سليم يخفق بجنون، وكأن روحه تصرخ من داخله بينما يراقب الشاب الذي يشبهه تمامًا. الملامح ذاتها، النظرة نفسها… ولكن هناك شيء مختلف!
ذلك الشاب كان يتحرك بثقة غريبة، كأنه وُلد في هذا المكان، كأنه يعرف كل زاوية فيه.
وقف سليم مشدوهًا، عاجزًا عن الفهم.
كيف يمكن أن توجد نسخة أخرى منه؟! أي جنون هذا؟ وأي سر تخبئه هذه المرآة الغامضة؟!
اكتشاف الحقيقة
كلما اقترب الشاب من المرآة، ازداد الفضول في قلب سليم.
هل عليه أن يقترب؟ أن يناديه؟ أن يختبئ؟
لكن قبل أن يتخذ أي خطوة، شعر بيدٍ تُلامس كتفه.
استدار بسرعة…
فإذا بها امرأة عجوز تقف خلفه.
هيئتها هادئة، ملامحها مميزة، وفي عينيها نظرةٌ عميقة، كأنها تعرفه منذ زمن.
قالت بصوت خافت لكنه مطمئن:
"لا تخف يا بني… كنت بانتظارك منذ سنوات. وجودك هنا ليس صدفة. هذا العالم أعمق بكثير مما تتصور، وأنت الآن جزء منه."
رحلة البحث
شعر سليم بأن الأرض تميد تحت قدميه، لكنه تمالك نفسه وسألها:
"ماذا يحدث هنا؟ من يكون هذا الشاب؟ ولماذا أتيت أنا إلى هنا؟"
ابتسمت العجوز وقالت:
"ذلك الشاب… ليس غريبًا عنك. إنه أنت.
كل من يمرّ عبر المرآة يترك جزءًا من روحه هنا.
المرآة لا تختار عبثًا… لقد اختارتك لأنك تبحث عن الحقيقة.
ولكن تذكّر، الحقيقة ليست دائمًا مريحة."
مواجهة الذات
بدأت الرؤية تتضح في ذهن سليم.
هذا المكان الغريب لم يكن إلا انعكاسًا لما في داخله…
مرآة لكل ما حاول الهروب منه: مخاوفه، ندمه، ضعفه، قراراته التي يرفض الاعتراف بها.
بخطوات مترددة، اقترب من ذلك الشاب… من نفسه الأخرى.
نظر في عينيه، ورأى كل ما لم يُرد يومًا مواجهته:
الفرص التي ضاعت، الأشخاص الذين خذلهم، الكلمات التي لم تُقال، والأخطاء التي ظلّت تلاحقه في صمت.
الخطوة الأخيرة
قال له سليم بصوت ثابت، فيه من القوة ما لم يشعر به منذ زمن:
"لقد آن الأوان… لن أهرب بعد الآن. دعنا نواجه الحقيقة معًا."
ابتسم الشاب، مدّ يده إليه.
وما إن تلامست أيديهما، حتى شعر سليم بقوة تسري في جسده…
كأنما توحدت روحه أخيرًا، واكتمل ما كان ناقصًا فيه.
العودة
فتح عينيه، فوجد نفسه واقفًا في غرفة المعيشة نفسها.
كل شيء كما كان… صامت.
المرآة تعكس صورته هو فقط، لا أثر للشاب، ولا للمرأة العجوز.
لكن بداخله؟
كانت العاصفة قد هدأت…
لقد تغيّر، ولم يعُد ذلك الشخص الذي دخل هذا المكان.
نظر إلى المرآة للمرة الأخيرة، وابتسم.
ثم أغلق باب المنزل خلفه، وهو يعلم أن القصة لم تنتهِ بعد،
لكن على الأقل… أصبح مستعدًا لكل ما هو قادم.
العِبرة
أحيانًا، لا نحتاج إلى الهرب من الظلام بداخلنا، بل إلى مواجهته… فبعض المرايا لا تعكس ملامحنا، بل تكشف حقيقتنا.
كن مستعدًا للنظر في عمقك، فربما تجد ما كنت تجهله طوال حياتك… نفسك الحقيقية.