المهمة المستحيلة ( فصة قصيرة واقعية )
توغل وسط الجثث المنكفئة على الأرض غارقة في دماءها ! لم يعد لون الدم الأحمر يقلقه كما كانت البداية ! قتلهم جميعا بلا شفقة أو رحمة متجاوزا كل العوائق نحو الهدف المنشود
. المهمة حقا كانت صعبة ولكنها ـ حتى الآن ـ لم تكن مستحيلة .
وما المهمة ؟!
المهمة تتلخص في أن هؤلاء الأشرار الذي قتل اكثرهم خطفوا حسناء وعليه - هو وحده - أن يخوض المعركة ويخلص الحسناء من قيودها بعدما تم تزويده بالاسلحة !
كثيرون هم أصدقاءه الذين حاولوا من قبل أن ينقذوا الحسناء ويخلصوها من أيدي هؤلاء الأشرار دون جدوى ، ويبدو أنه سيكون أول من يصل إليها . أما عن الحسناء فلابد وأنها جميلة و إلا فلما خطفها هؤلاء الأشرار ؟! ولما حاول أصدقاءه أن ينقذوها ؟!
قال له صديقه عمر صباح اليوم محذرا إياه :
- المهمة فعلا مستحيلة ، وعندما تظن أنك أدركت النهاية يجيئك الموت من حيث لا تدرى !
- سأفعل يا عمر ... وسأنقذها .
- كان غيرك أشطر !
لا لم يكن غيره أشطر بل كان هو الأشطر ! وهو على تمام الثقة أن أحداً لم يحقق ما حققه هو . ولا وصل إلى الأرض التي تطأها قدماه حتى عمر نفسه ! وداس على زر الطلقات ليقتل شريرا اّخر أصابه في مقتل فخر ميتا . تخطى الجثة في سبيله لغايته ! القتل هنا مباحا ولا أحد ينكره ! والغاية تبرر الوسيلة !
وجد نفسه أمام باب موصود ففتحه ودلف منه فترامت أمامه صحراء يوجد بها بئر مُعطّلة وثلاثة أبواب موصودة . لابد وأن الحسناء وراء أحد هذه الأبواب الثلاثة . تقدم في حذر ، ظهر له شريران من البئر أحدهما أصلع . وبخفة وسرعة صوب نحوهما مسدسه أهدى الأول رصاصة في قلبه أما الأصلع فكان نصيبه رصاصة في منتصف صلعته .
بقت لحظات قليلة لينقذ الحسناء، وما عليه إلا أن يفتح أحد تلك الأبواب الثلاثة ويخلصها من أسر الأشرار . وقف أمام الأبواب الثلاثة برهة ، تململ وهو يتأملها ، الأبواب بنفس الشكل والحجم واللون ! فبأيهما يبدأ ؟! تذكر مقولة أحد الشيوخ : " تيمنوا فإن في اليمين بركة " ففتح الباب الأيمن بحرص شديد ودخل منه فإذ بالصحراء مترامية أمامه مرة أخرى ، فأدرك أنه ليس غايته فرجع مرة أخرى من الباب . وفتح الباب الأوسط بحرص أكثر من سابقه فوجد خلفه ممر عبره دون أدنى مقاومة فوجد في أخره أربعة أبواب .
- يا الله .. متى تنتهي تلك الأبواب ؟!
وأحس بضيق وملل وخالف الشيخ ومقولته هذه المرة وفتح الباب الأيسر بلا خوف ولا حذر . وما أن فتحه حتى قابلته رصاصات الأعداء فتراجع بسرعة وفي اللحظة الحاسمة أطلق عدة رصاصات فأرداهم قتلى .. وفتح الباب الثاني غير عابئا ًبالحسناء ولا الموت ! ودخل منه فوجد أمامه حديقة ارضها خضراء وعلى جانبيها أشجار لا يعرف كنيتها . ودخل الحديقة متخفيا وارء الأشجار باحثا عن الحسناء .
- أخيرا !
هتف بها فجاءة لما وجدها أمامه في قيودها . تقدم بعدما قتل شريرين آخرين وقبل أن يذهب إلى الحسناء دار حول نفسه ليتأكد من عدم وجود أشرار آخرين .. ولم تأكد جرى إليها فرحا . ها هو أول من يصل إليها ويفك أسرها ، ولكن ... ولكن ما بال الحسناء تشير إليه بتوخي الحذر .
- آآآآآه .
ما هذا ؟! من أطلق عليه الرصاص ؟! دار حول نفسه قبل أن يسقط ليعرف من أطلق عليه الرصاص ، شرير كان مختبئا وراء الأشجار ولم يره هو ! صوب مسدسه نحوه حاكما يمناه علي "الماوس" ! داس بيسراه على زر الطلقات "بالكيبورد" ! ذهبت كل طلقاته سُدى ! تساءل وهو يترنح ماذا سيقول لصديقه عمر في الصباح ؟! سقط غارقا في دماءه بعد أن نفدت كل طاقته ! امتلأت الشاشة أمامه بالكلمتين اللعينتين " جيـــــــــم أوفــــــر "
أغلق جهاز " الكمبيوتر " وذهب لينام .