
البيت الذي لا ينام
الرواية: البيت الذي لا ينام
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل حين توقفت سيارة الأجرة أمام بيت قديم على أطراف المدينة. نظرت "سلمى" من النافذة بتردد، ثم مدت يدها بدفعة مالية للسائق الذي تمتم:
– “الله يعينك… محدش بيطوّل هنا.”
ترجلت وهي تحتضن معطفها في برودة الليل، لتتأمل الواجهة الرمادية للبيت. النوافذ مظلمة كأنها عيون مطفأة، والباب الخشبي الصامت بدا وكأنه يخفي سرًا ثقيلاً.
الفصل الأول: البداية
كانت سلمى قد ورثت هذا البيت عن خالتها التي توفيت فجأة. الجميع حذّرها من البقاء فيه، لكن فضولها دفعها لاكتشافه. بمجرد دخولها، اجتاحتها رائحة عتيقة ممزوجة برطوبة. فتحت مصباح يدوي صغير، وأخذت تتفحص الجدران المتشققة، والسقف الذي يتناثر منه الغبار.
في الطابق العلوي وجدت غرفة نوم مهجورة، فراشها مغطى بملاءة باهتة. لكن ما شدّ انتباهها كان دفترًا جلديًا على الطاولة. فتحته، فظهرت كلمات كتبت بخط مرتجف:
“البيت لا ينام… من يسكنه لا يخرج منه كما دخل.”
ارتجف قلبها، لكنها ابتسمت بسخرية: "مجرد خرافات." وأغلقت الدفتر.
الفصل الثاني: الهمسات
مع حلول الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، استيقظت سلمى على صوت خطوات في الممر. اعتقدت في البداية أنها تتوهم، لكنها سمعت الهمسات بوضوح: أصوات متقطعة تنادي باسمها.
نهضت بسرعة، فتحت الباب فلم تجد أحدًا. كان الممر مظلمًا، والبرد يلسع جلدها. وعندما التفتت، رأت ظلاً يمر سريعًا عبر الجدار.
عادت إلى غرفتها مسرعة، قلبها يخفق بجنون. أمسكت الدفتر مرة أخرى، لتجد صفحة جديدة لم تكن موجودة من قبل. الكلمات هذه المرة أوضح:
“لقد بدأ العدّ… لديك ثلاث ليالٍ فقط.”
الفصل الثالث: الأسرار
قضت سلمى اليوم التالي تحاول البحث عن تاريخ البيت. ذهبت إلى مكتبة المدينة، وهناك وجدت قصاصات جرائد قديمة تتحدث عن اختفاءات غامضة حدثت فيه منذ أكثر من ثلاثين عامًا. أغلب الضحايا كانوا من أقارب خالتها.
وعندما سألت إحدى المكتبات العجائز، نظرت إليها المرأة بعينين مذعورتين وقالت:
– “الهروب مستحيل يا ابنتي… البيت يختارك كما تختارين أنت الدخول إليه.”
الفصل الرابع: الليلة الثانية
في الليلة الثانية، تصاعدت الأصوات أكثر. كانت تسمع صرخات مكتومة تأتي من الأسفل. عندما نزلت لتستكشف، وجدت الباب المؤدي للقبو مفتوحًا. لم تكن قد رأته بالأمس.
نزلت على السلم الخشبي بخطوات حذرة، وإذا بالقبو ممتلئ بصور معلقة على الجدران. كل صورة تحمل وجوه أشخاص مختلفين، لكن المفزع أن بعضهم كان من عائلتها! وفي آخر الحائط، وجدت صورة لها… حديثة جدًا، التقطت قبل يومين فقط.
شهقت وتراجعت، لتسمع فجأة صوت إغلاق الباب خلفها.
الفصل الخامس: المواجهة
أمضت سلمى ساعات تحاول الخروج من القبو. كانت تسمع خطوات تقترب، وكأن أحدهم يتحرك حولها، لكن كلما التفتت لم تجد شيئًا.
عندما فتحت الدفتر مجددًا، كان مكتوبًا بخط أحمر هذه المرة:
“الليلة الثالثة… القرار بيدك. إما البقاء معنا… أو أن نصبح فيك.”
الفصل السادس: الليلة الأخيرة
حلّت الليلة الثالثة، والأجواء أكثر ثقلاً. العاصفة تهب في الخارج، والبرق يضيء الغرف بين حين وآخر. كانت سلمى جالسة في منتصف الغرفة، تحدق في الصور التي جلبتها من القبو. كل وجه في الصور بدأ يتحرك ببطء، وكأنهم أحياء داخلها، يبتسمون ابتسامات باردة.
ثم رأت خالتها تقف عند الباب، شاحبة، بعينين مظلمتين، تقول لها:
– “البيت لا يترك أحدًا يرحل… انضمي إلينا.”
صرخت سلمى: "لن أبقى هنا!" وأمسكت بالدفتر وأشعلت فيه النار. الغرفة امتلأت بالدخان، والأصوات تصرخ من كل اتجاه. الأبواب تُغلق وتُفتح بقوة، النوافذ تتحطم، والصور تسقط على الأرض.
في لحظة خاطفة، وجدت نفسها خارج البيت، على الطريق المظلم، والبيت خلفها يشتعل ككتلة نار ضخمة.
الفصل السابع: النهاية المفتوحة
التقطت أنفاسها، واعتقدت أنها نجت. لكن عندما فتحت حقيبتها لترى هاتفها، وجدت الدفتر هناك… غير محترق. وعلى الصفحة الأولى كانت مكتوبة جملة واحدة:
“البيت لا يحترق… إنه معك الآن.”