
قصة مؤثرة... رغيف الخبز الذي لم يضِع
في قرية صغيرة هادئة، يعيش رجل بسيط يُدعى سالم. لم يكن يمتلك من الدنيا الكثير، سوى كوخ متواضع وبعض الأدوات القديمة التي ورثها عن أبيه. كان يخرج كل صباح بحثًا عن عمل يسدّ به جوع يومه، ولكن رزقه كان ضئيلاً لا يكاد يكفيه. في ذلك اليوم، وبعد ساعات طويلة من البحث، عاد سالم بخبزٍ واحد فقط — رغيف صغير، هو طعامه الوحيد لذلك اليوم.
كان التعب بادياً على وجهه، لكن في قلبه رضا وطمأنينة غريبة. وبينما يسير في طريق العودة، سمع صوت بكاء خافت قادم من زاوية الطريق. التفت فرأى طفلًا صغيرًا يجلس على الأرض، وجهه شاحب وثيابه بالية. اقترب منه وقال برفق:
"مالك يا صغيري؟ ليه بتبكي؟"
رفع الطفل رأسه والدموع تلمع في عينيه وقال:
"أنا جعان... ما أكلتش من امبارح."
تجمّد سالم للحظة. نظر إلى الرغيف في يده، ثم إلى الطفل الضعيف أمامه. الصراع في داخله كان كبيرًا — هو أيضًا جائع، والرغيف كل ما يملك. لكن فجأة، تذكّر حديث النبي ﷺ:
"ما نقص مالٌ من صدقة."
ابتسم سالم ابتسامة دافئة ومدّ الرغيف نحو الطفل قائلاً:
"خد يا ابني... ده رزقك من ربنا."1

العطاء لا يُنقص الرزق، بل يباركه.
تناول الطفل الخبز بشكرٍ وفرح، وأخذ يأكل بسرعة، بينما وقف سالم يراقبه بقلبٍ يملؤه الرضا والسكينة. رغم الجوع الذي بدأ يشتدّ عليه، شعر براحةٍ لم يعرفها من قبل.
عاد إلى بيته الصغير، جلس في صمتٍ، ثم رفع يديه للسماء وقال:
"يا رب، أنت الكريم، وأنا عبدك الراضي بما كتبت. اجعل في عطائي بركة، ولو لم يبقَ لي شيء."
نام سالم تلك الليلة على معدةٍ فارغة، لكن قلبه كان ممتلئًا بالطمأنينة. وفي الصباح، أيقظه صوت طرقٍ على الباب. نهض متعجبًا، وفتح الباب ليجد أمامه رجلًا ثريًا من أهل القرية، يرتدي ثيابًا فاخرة، وقال له بابتسامة:
"يا سالم، سمعت عن طيبتك وأمانتك من الناس، وأنا أبحث عن رجل يساعدني في مزرعتي. لو قبلت، فلك أجر ثابت وطعام كل يوم ومكان للإقامة بجانب المزرعة."
لم يصدق سالم أذنيه! دمعت عيناه وقال في نفسه:
"سبحان الله... رغيف خبز أعطيته لطفل جائع، رجّع لي ربنا رزق عمر!"
منذ ذلك اليوم تغيّر حال سالم. لم يعد فقيرًا، وصار يدرك معنى العطاء الحقيقي — أن ما تخرجه لله، لا يضيع أبدًا، بل يعود إليك مضاعفًا بطرق لا تتوقعها.
العِبرة:
العطاء لا يُنقص الرزق، بل يباركه. أحيانًا تظن أنك تعطي شيئًا صغيرًا، لكنك في الحقيقة تزرع بذرة خير تعود إليك في وقتٍ تكون أحوج ما تكون إليه. الخير يدور، وكل يدٍ تمتد بالعطاء، سيأتي يوم تمتد إليها الرحمة.الخير يدور كالنور، لا يضيع، بل يعود لمن أرسله في وقتٍ لا يتوقعه.
وكل يدٍ امتدت بالعطاء، سيأتي يوم تمتد إليها الرحمة، وتُرفع عنها الكُربة.