
ميغيل دي لا مدريد: رئيس المكسيك الذي واجه أزمات بلاده الاقتصادية والسياسية في الثمانينيات

ميغيل دي لا مدريد: رئيس المكسيك الذي واجه أزمات بلاده الاقتصادية والسياسية في الثمانينيات
قاد المكسيك خلال واحدة من أصعب مراحلها الاقتصادية في الثمانينيات، وسعى لإصلاح الدولة ومكافحة الفساد، لكنه واجه أزمات حادة وزلزالًا مدمرًا هزّ البلاد وأعاد تشكيل الحياة السياسية المكسيكية.
ولد في 12 ديسمبر 1934، بولتمام، المكسيك، وتوفي في 1 أبريل 2012 في مكسيكو سيتي. كان رئيس المكسيك من عام 1982 إلى 1988. حصل ميغيل دي لا مدريد على درجة في القانون من الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك عام 1957، ثم نال درجة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد عام 1965.
المسيرة المهنية المبكرة
عمل في البنك الوطني للتجارة الخارجية وفي بنك المكسيك حتى عام 1968، كما درّس القانون في جامعة يوايين. كان عضوًا في الحزب الحاكم في المكسيك، الحزب الثوري المؤسسي، منذ عام 1963. دخل دي لا مدريد إلى خزانة الحكومة لأول مرة عام 1965. من عام 1970 إلى 1972 عمل في شركة البترول المكسيكية (بيميكس)، ثم عاد إلى الخدمة الحكومية، حيث تولى عددًا من المناصب البيروقراطية الاقتصادية حتى أصبح وزير التخطيط والميزانية في إدارة الرئيس خوسيه لوبيز بورتيلو (1976–1982). كان دي لا مدريد واضع الخطة الاقتصادية الرئيسية التي هدفت إلى توظيف العوائد الناتجة عن الاكتشافات النفطية الجديدة في المكسيك.
الرئاسة (1982–1988)
بصفته محافظًا سياسيًا وصديقًا لرجال الأعمال، سعى دي لا مدريد كرئيس لمكافحة الفساد في الحكومة والنقابات العمالية. انتهج سياسة خارجية أكثر استقلالًا وعالمية، لكن فترته الرئاسية اتسمت بالأزمة الاقتصادية الحادة. فقد أدى ارتفاع التضخم وزيادة الدين الخارجي إلى تطبيق إجراءات تقشفية تضمنت إلغاء أكثر من 5000 وظيفة فيدرالية وتجميد أجور العاملين.
الخلفية العائلية
ولد دي لا مدريد لعائلة سياسية قديمة في المدينة الغربية التي فقدت كثيرًا من نفوذها خلال الثورة المكسيكية، ثم استعادت مكانتها كطبقة وسطى قوية. كان والده محاميًا معروفًا، وقد اغتيل في مكتبه عندما كان ميغيل طفلًا، مما دفع والدته إلى نقل الأسرة إلى العاصمة مكسيكو سيتي، التي كانت تعاني آنذاك من اضطرابات سياسية. انضم لاحقًا إلى الحزب الثوري المؤسسي الذي تأسس عام 1929 كحزب ثوري قومي، واستمر نظام الحزب الواحد حتى عام 2000.
الصعود السياسي
كان دي لا مدريد شابًا مجتهدًا وغير متكلف، تخرج محاميًا ثم بدأ صعوده الهادئ والسريع في صفوف الحزب البيروقراطي. تولى العديد من المناصب الرفيعة في مجالات التمويل قبل أن يصبح سكرتيرًا للتخطيط والموازنة في عهد الرئيس خوسيه لوبيز بورتيلو، معلمه السابق، الذي اختاره لاحقًا كمرشح الحزب للرئاسة.
الأزمة الاقتصادية والإصلاحات
تولى دي لا مدريد الرئاسة والاقتصاد على حافة الانهيار، نتيجة سوء الإدارة والفساد في عهد سلفه لوبيز بورتيلو. واجه تضخمًا مفرطًا وأزمة ديون خانقة، فرفع شعار “التجديد الأخلاقي”، وأعطى الأولوية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي عبر خفض الإنفاق العام، وزيادة الضرائب، وتجميد الأجور المنخفضة. كما فتح الاقتصاد المكسيكي أمام القطاع الخاص بعد أن كان موجّهًا من الدولة. ساعدت إصلاحاته في تحقيق بعض الاستقرار المالي، لكنها أثارت سخطًا شعبيًا بسبب آثارها الاجتماعية الصعبة وغياب الديمقراطية.
زلزال مكسيكو سيتي 1985
واجه دي لا مدريد اختبارًا كبيرًا إثر زلزال عام 1985 الذي دمر العاصمة وقتل الآلاف. اتُّهمت حكومته بالتقليل من حجم المأساة، فبرز المجتمع المدني المكسيكي ليملأ الفراغ الذي تركته الدولة، مما أدى إلى تنشيط الحركات الاجتماعية. لاحقًا، انشق فصيل يساري بقيادة كواوتيموك كارديناس عن الحزب الثوري المؤسسي، مهددًا لأول مرة هيمنة الحزب في انتخابات 1988.
ما بعد الرئاسة
بعد مغادرته المنصب، اتبع دي لا مدريد تقليد رؤساء الحزب الثوري المؤسسي بالابتعاد عن الحياة العامة. لكنه عاد إلى الظهور عام 2009 في مقابلة مثيرة للجدل قال فيها إنه ارتكب أخطاء في اختيار خليفته كارلوس ساليناس دي غورتاري، الذي أصبح أحد أكثر رؤساء المكسيك إثارة للجدل. وبعد أيام، تراجع دي لا مدريد عن تصريحاته مشيرًا إلى حالته الصحية السيئة التي منعته من معالجة الأسئلة بشكل صحيح.
الوفاة
توفي ميغيل دي لا مدريد في 1 أبريل 2012، وترك خلفه زوجته بالوما وخمسة أبناء.