مقالات اخري بواسطة Sohaila Farouk
نهايتي كانت هو

نهايتي كانت هو

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

image about نهايتي كانت هو 💫 الفصل التاني: لقاء بين الماضي والعلاج

كانت الساعة تلاتة العصر لما وصلت "عيادة د. آدم".
المكان هادي بطريقة غريبة، مافيهوش أصوات عربيات ولا دوشة ناس… بس ريحة الخشب والنسكافيه،
ريحة بتحسسك إنك في مكان آمن، حتى لو مش عارفة ليه.

دخلت، لقت السكرتيرة مبتسمة:
– "مساء الخير، حضرتك ليلى، صح؟ الدكتور منتظرك."

هزّت راسها، ومشيت بخطوات مترددة ناحية الباب.
كانت إيدها بتترعش وهي بتمسك المقبض، قلبها بيدق بسرعة مش طبيعية.
فتحت الباب بهدوء…

كان قاعد على الكرسي الجلدي، ظهره للنور،
وجهه مريح بشكل غريب، ملامحه هادية…
بس عيونه، كانت فيها حاجة مش مفهومة — نظرة فيها دفء ووجع في نفس الوقت.

رفع راسه وقال بنبرة صوت عميقة وهادية:

> "أهلاً يا ليلى، تفضّلي."

 

قعدت قصاده وهي بتحاول تخبي توترها، شالت شنطتها على رجلها وقالت:

> "أنا مش عارفة جيت ليه بصراحة… أمي قالتلي أحتاج أتكلم، وأنا قلت أجرب."

 

ابتسم وقال:

> "كويس إنك جيتي. يمكن التجربة دي تكون أول خطوة في إنك ترتاحي."

 

ردّت بسرعة:

> "أنا مش بتكلم كتير، ومش بحب الناس تعرف عني حاجة."

 

ضحك بخفة وقال:

> "مافيش مشكلة، إحنا مش لازم نتكلم كتير… ممكن نبدأ بالسكوت لو دا أريح ليكي."

 

سكتت فعلاً.
بس بعد لحظات، لقت نفسها بتقول فجأة:

> "أنا فقدت شخص، ومن وقتها كل حاجة جوّايا اتكسرت."

 

ما سألش مين، ولا ازاي… بس قال بهدوء:

> "ولسه بتحبي الشخص دا، صح؟"

 

بصّتله بدهشة:

> "إنت عرفت ازاي؟"

 

قال وهو بيكتب حاجة في الورق:

> "مش محتاج أكون ساحر، العيون بتتكلم أسرع من اللسان."

 

حسّت بخنقة، وقالت بصوت مكسور:

> "هو مات، وأنا كل يوم بموت بعده حتة."

 

سكت للحظة، وبعدها قال بصوت خافت جدًا:

> "أحيانًا… الموت مش نهاية، هو بس فصل، بس احنا بنعلق في الصفحة دي ومش بنكمّل."

 

الكلمة دي لمستها قوي،
كأنها المرة الأولى اللي حد فهمها فعلًا من غير ما تسرد الحكاية كلها.

رفعت عينيها له وقالت:

> "طب أكمّل إزاي؟"

 

ابتسم وقال:

> "نكتب مع بعض فصل جديد، على مهلك، من غير ما نمسح اللي قبله."


بصّت له بنظرة كلها دموع، وقالت بصوت مبحوح:

> "تفتكر… هقدر أحقّق ده؟"

 

بصلها آدم بابتسامة جذّابة، كلها حنية واحتواء،
نظرة واحدة منه كانت كفيلة تطمّنها أكتر من ألف كلمة.
قال بهدوء، وصوته فيه دفء غريب:

> "أكيد تقدري… إنتِ قدّها، وإلّا مكنتيش قدرتي تيجي عيادتي من الأول."

 

كلامه نزل على قلبها زي البلسم،
حست إنه عنده حق، وإنها فعلاً تقدر تتغيّر للأحسن.
كأن كلماته كانت لمسة طيبة على وجعها،
لمسة خلتها تصدّق، ولو للحظة، إنها مش لوحدها.

سرحت فيه، في طريقته وهو بيتكلم، في نبرته الهادية،
وفي النظرة اللي شبهها حست إنها مش غريبة عنها.
كان جواها إحساس غريب إنها شافته قبل كده،
مش عارفة فين… ولا إمتى… ولا حتى إزاي.
لكن الإحساس كان قوي لدرجة إنها حسّت إنهم اتقابلوا قبل كده في حياة تانية.

فاقت من شرودها على صوته العميق، الهادي:

> "تحبي نبدأ النهارده؟ نعتبرها فرصة جديدة… لنفسك."

 

بصّت له، وابتسمت ابتسامة باهتة فيها وجع وأمل في نفس اللحظة، وقالت بهدوء:

> "ياريت."


الجلسة هادية…

كل حاجة في العيادة كانت ساكتة، حتى عقارب الساعة كانت بتمشي على استحياء.
آدم كان قاعد قدامها، على نفس الكرسي، بنفس الابتسامة الهادية اللي بتحسسك إنك في أمان،
وهي… كانت بتحاول تلاقي صوتها وسط ارتباكها.

قال لها بهدوء وهو بيكتب ملاحظاته:

> "مش لازم نحكي كل حاجة النهارده، نبدأ بحاجة بسيطة…
إحكيلي عن أول حاجة وجعتك، من غير ما تفتكري التفاصيل لو مش قادرة."

 

سكتت ليلى،
صوت أنفاسها بقى متقطع،
وبعدين رفعت عينيها له وقالت بخفوت:

> "كريم."

 

مجرد ذكر اسمه خلاها تاخد نفسها بصعوبة، كأن الاسم ده حجر تقيل على صدرها.
آدم ما اتكلمش، اكتفى إنه يبصلها بعطف وسكوت متفهم،
وهو السكوت اللي شجّعها تكمل.

> "كنت بحبه… مش حب عادي، لأ، كنت شايفاه دُنياي كلها.
كنت فاكرة إن وجوده هو الأمان، وإن طالما هو معايا، مفيش حاجة تقدر تكسّرني."

 

وقفت لحظة، دمعة نزلت رغمًا عنها،
مسحتها بسرعة كأنها بتخاف تبين ضعفها،
لكن آدم قال بهدوء:

> "مفيش ضعف في البُكا، البكا أوقات بيكون أول شكل من أشكال القوة."

 

كلامه لمسها بعمق،
خلّى اللي جواها ينكسر أكتر لكنها ما خافتش.
كملت بصوت بيتهزّ:

> "هو مات فجأة… مفيش وداع، مفيش فرصة أقول له سامحني… ولا حتى أودّعه.
ومن يومها وأنا عايشة بين الناس بس مش حاسّة بحاجة.
كل يوم بيعدّي وأنا مستنية حاجة… مش عارفة هي إيه."

 

آدم فضّل ساكت، بس ملامحه كانت مليانة تعاطف.
بعدين قال بنبرة فيها طمأنينة غريبة:

> "الخسارة الكبيرة مش بتتعالج بسرعة يا ليلى،
بس اللي بيخفّفها إننا نعرف إنها مش نهاية،
يمكن تكون بداية جديدة لحاجة أنضج… وأصدق."

 

نظرت له في صمت طويل،
وهي بتحاول تفهم هو بيقولها الكلام دا كدكتور، ولا كحد شايف وجعها فعلًا.

وفجأة، ابتسمت ابتسامة صغيرة جدًا وقالت:

> "أنا مش عارفة إزاي بتتكلم كده،
بس كل مرة بتقول كلمة، بحس إنك بتفهمني من غير ما أشرح."

 

رد بابتسامة خفيفة، وقال:

> "يمكن علشان الوجع لغته واحدة، وأنا عارفها كويس."

 

وساد الصمت بينهما من جديد،
بس المرة دي ما كانش صمت خوف…
كان صمت راحة.

الساعة كانت قرّبت على خمسة،
الشمس بدأت تغيب، وأشعتها بتتسلّل من شباك العيادة،
نور دافي كان بينعكس على وش ليلى وهي ساكتة،
بتفكر في كل كلمة قالها آدم.

هو كمان كان ساكت،
بيكتب حاجة بسيطة في الورق، بس نظره بيروح ويرجع عليها كل شوية،
كأنه بيطمن إنها فعلاً بخير.

قطع الصمت بصوته الهادي:

> "كفاية كده النهارده، مش لازم نغوص بسرعة في كل حاجة.
خطوة بخطوة، ماشي؟"

 

هزّت راسها بخفة،
وبصّتله بنظرة فيها امتنان حقيقي، من غير كلام.
جمعت شنطتها بهدوء، وقامت واقفة.
إيديها كانت بتترعش شوية وهي بتفتح الباب،
بس قلبها لأ… المرة دي كان هادي.

قالت وهي على وشّ الباب:

> "شكراً… مش عارفة على إيه بالظبط، بس شكراً."

 

ابتسم آدم وقال:

> "هتعرفي مع الوقت، يا ليلى."

 

خرجت من العيادة بخطوات بطيئة،
صوت المطر كان لسه نازل برا، خفيف،
مدّت إيدها تحس بنقطة مطر على كفّها،
وبصّت للسماء.

لأول مرة من شهور،
حسّت إن المطر مش بيوجع…
حسّت إنه بينضّف جوّاها حاجة كانت عالقة.

ركبت العربية، وسندت راسها على الإزاز،

قلبها هادي،

وفيه إحساس صغير جواها بيقول:

"يمكن فعلاً دي كانت أول خطوة ناحية النور."

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Sohaila Farouk تقييم 5 من 5.
المقالات

3

متابعهم

1

متابعهم

0

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.