هذا هو القدر

هذا هو القدر

0 المراجعات

 

 

قصة قصيرة

 

" هذا هو القدر "

 

 

كنت قد قررت أنا وصديقي الذهاب إلى مكان ما لإنهاء بعض الأوراق الخاصة بنا، وبعد انتهائي من مراجعه أوراقي انتظرت صديقي بالخارج في السيارة فهو لم يكد ينهى أوراقه، وأثناء انتظاري، مر بجوار السيارة جمع من الفتيات يرتدين زياً مدرسيا موحداً ، لم ألحظ ما يجذب النظر إليهن فتجاهلت النظر، ولم تمر سوى ثوان معدودة من مرورهن لأنظر إلى نافذة السيارة لأجد شيئا جعل قلبي يخفق خفقان قلب معجب من أول وهلة...

استخدمت زجاج النافذة المغلق كمرآة عاكسه لها لترى وجهها والذي يتدلى عليه خصلات من الشعر جعلها غير مهندمة المنظر فقامت بتعديل الوشاح على رأسها، وبنظرة تملؤها الثقة نظرت إلى المرآة (زجاج النافذة المغلق) وكأنما تقول لنفسها (هكذا أجمل)، ودون سابق إنذار وكأنما انتبهت لشيء ما... اختفت.

أحقا ما رأيت؟؟ لقد كنت كمن يشاهد عرضا في قاعة مسرح خالية استمتع بمشاهدة بطلة العرض وحدي حتى كأنني كنت كالتمثال ساكنا لا أتحرك شاخصا بنظري نحوها إلى أن أفاقني من سكوني هذا عودة صديقي، لننطلق عائدين...

لم يشأ صديقي أن يزعجنى بكثرة أسئلته فقد اكتفى بصمتي والذي كان بمثابة إجابة قاطعة عن دهشته لحالتي، ليكن هذا هو حالنا حتى وصلنا، ودعوت صديقي وأنا ما زلت هائما في تفكيري استرجع مشهد رؤيتها وأعيده في خيالي وكأنني استمتع...

مضى على هذا اللقاء القصير أيام وأيام ولم أرها مرة أخرى، عدت إلى مكان اللقاء مرات ومرات ولكن بلا جدوى، لقد كدت أجن من اختفائها حتى أنني سألت نفسي هل كنت أحلم؟؟ هل كان هذا من وحي خيالي؟؟ وإذا كانت الإجابة بالنفي فأين هي الآن ؟؟ وما هذه الصدفة العجيبة التي جعلتها تختار زجاج السيارة التي كنت بداخلها ولم تختر أي سيارة أخرى!؟ ولماذا حتى لم تشعر بوجودي داخل السيارة؟؟ اما السؤال الذى اشعل غضبى اكثر واكثر هو لماذا ظهرت فجأة واختفت فجأة؟؟ لكم ضايقنى حظى العاثر عندما وقف امامى وجعل باب السيارة يفتح بصعوبه ليمر الوقت ولا استطيع اللحاق بها وتتيه بين الزحام لأظل بالسيارة نادبا حظى حتى الان...

أصبح الهاجس حقيقة بأن ما رأيته كان مجرد أوهام حتى أن صديقي أكد اقتناعي هذا بعد أن أخبرته بعدم إمكانية ما حدث معي لأقرر أن أتجاهل وأنسى ما حدث، لكن القدر لم يشأ ذلك أو بمعنى أصح كان لديه رأى آخر...

كنت أستقل الحافلة للذهاب للجامعة وفي محطة ما توقفت الحافلة لنزول بعض الركاب واستقبال آخرين، وبينما كان نظري للباب صدفه إذ وجدتها. نعم وجدتها، أحقا ما أرى أم هي خيال كما الأخرى، دققت النظر وأغمضت عيني لأفتحها مرة أخرى لأتأكد مما أرى وكانت بالفعل هي، ولحسن حظي بعد أن صعدت لم تجد مقعدا إلا جواري...

هل أتحدث معها؟؟ لكن ماذا سأقول؟؟ أريد أن أعرف عنها أي شيء؟؟ من تكون؟؟ أين تقطن؟؟ لكن كيف؟؟ الوقت يمر. وأنا لا أعلم إلى أي محطة سوف ينفطر قلبي لتركها هناك؟؟ نظرت إلى الطريق فوجدت أن محطتي هي من اقتربت، والآن ماذا أفعل؟؟ هل أظل في الحافلة كما أنا لأظل معها واعلم إلى أين ستذهب على الأقل ووداعا للجامعة بمحاضراتها؟؟ ولكن... قامت من مجلسها متجهة نحو باب الحافلة وهذا معناه أن محطتها هي القادمة التي هي محطتي أيضا ليلعب القدر لعبته المفضلة، كدت أطير من السعادة فهممت مسرعا نحو الباب أيضا لأكون بجوارها، لكم تمنيت دوام السعادة بجوارها وفجأة...

كانت سرعة الحافلة تهدأ رويدا رويدا لاقتراب المحطة وكان الباب مفتوحا، لكن سائق الحافلة أوقفها مرة واحدة لتنقلب الموازين داخل الحافلة، فمن كان جالسا أصطدم بالمقعد الذي أمامه ومن كان واقفا سقط في مشهد لا يحسد عليه، أما هي أما هي...

هي كانت أقرب منى للباب والذي لم يزل مفتوحا على مصراعيه وبمجرد حدوث تلك الوقفة الغريبة للحافلة سقطت منها حقيبتها على الطريق وكادت أن تسقط هي أيضا خلفها لولا أن تشبثت أنا في أقرب مقعد لي لأمسكها بيدي جاذبا إياها داخل الحافلة حتى استعدنا توازننا ليمر الموقف بسلام.

سمعنا ضجر الركاب مما حدث فالبعض يلعن والبعض متأفف ويكاد يسيطر على أعصابه بالقوة أما هي فكانت صامتة كسكون الليل لم تنبذ بكلمة واحدة حتى، لم أنسى نظرة الهلع التي ملأت وجهها أثناء جذبي إياها، لقد كادت أن تسقط، فمنظر الحقيبة التي سقطت وأصبحت أشلاء كاد أن يصيبها. ولهذا معها كل الحق في صمتها هذا لتتوقف الحافلة بأمان هذه المرة، لكنني حزنت جدا، لقد ذهبت، نظرت لي نظرة امتنان ومن ثم ذهبت هي وأنا لا زلت ثابتا بمكاني لأفعل مثلما فعل الركاب... العن واسب... الحظ السئ!!

لم أذهب إلى الجامعه وقررت التجول في المدينة قليلا، بعدها ذهبت إلى صديقي وأخبرته بما جد من أموري، لم أدُهِشَ حينما أعلن صديقي عن استغرابه لما حدث فقد كانت ردة فعل طبيعية، ولكن راودتني فكرة...

طلبت منه أن نذهب لتلك المدرسة اللاتي كن يرتدين زيها، فمن الممكن أن أراها مجددا هناك، وبالفعل، ذهبنا في اليوم التالي لهذه المدرسة ولكن بلا جدوى، ذهبنا مرة أخرى ولكن بلا جدوى، فعلنا ذلك أياما وأياما حتى مللنا ليعود صديقي ويؤكد بأنني أعيش في خيال وأنها مجرد وهم، ولكن كيف؟؟ كيف يكون وهما؟؟ كيف تكون ملامسة يديها وهما؟؟ نظرة عينيها تشهد لصالحي، كيف أثبت هذا لصديقي؟؟ كيف؟؟ سيطير عقلى هباء...

وبعد مرور يومين...

عاد القدر مرة أخرى لاستفزازي لأراها مجددا وحدي، والآن ماذا أفعل؟؟ هل أخبر صديقي ليأتي ليراها ويتأكد من كمال عقلي؟؟ ماذا أفعل؟؟ وجدت نفسي أتتبعها من بعيد، كانت تبتاع شيء ما وتابعت هي السير وأنا خلفها، لا أعلم لم فعلت هذا؟؟ لقد ساقني قدري، ظللت هكذا حتى استوقفتها فتاة ما يبدو أنها صديقتها ولكني شاهدت شيئا جعلني أعود لوظيفة التمثال مرة اخرى...

 

 

لقد كانت تلوح يداها يمينا ويسارا وتصنع إشارات لا أفهمها وكذا هو الحال مع الأخرى تفعل مثلها تماما، ما معنى هذا؟؟ لا أفهم ماذا يدور حولي، كان الجو مظلما قليلا فاقتربت أكثر منهما حتى شعروا باقترابي فوجدتها تنظر لي وكأنها تستعلم من أكون حتى بدت ملامحي بالنسبة لها لتتغير ملامح وجهها من الاستغراب إلى البسمة التي أحببتها لرؤيتي لها أول مرة...

تحركت هي باتجاهي والبسمة ما زالت على وجهها لتمد يدها مصافحه إياي ثم أشارت بيدها على فمها وأشارت بالنفي، ظهر على وجهي عدم الفهم فأشارت بيدها أن انتظر لتطلب من صديقتها المجيء ...

عادت مرة أخرى لتشير بيدها بإشارات مبهمة لا أعلمها فنظرت لصديقتها والتي قالت مترجمة :

(أنا أسفه لأنني لم أشكرك حتى على ما فعلته من أجلى، حيث اننى لم أستطع فعل شيء فأنا كما ترى ... ولان حظي جيدا، رايتك مجددا لأشكرك على ما فعلت... شكرا لك)image about هذا هو القدر

انتهت صديقتها من ترجمه ما أشارت به ثم وجدتها تبحث عن شيء ما في حقيبتها مما كانت ابتاعته حتى استخرجت وردة لأجدها تقدمها لي مع ابتسامة حنونة لا تحتاج أي ترجمه ثم ودعتني...

" فأنا كما ترى ......." كفى كفى

أفاقني من انتباهي اتصال صديقي بي والذي أجبته دون أن أعلم كيف ليكمل صديقي سلسلة الانكسارات لي بقوله ساخرا:

(لدي لك خبر رائع، أتعلم يا عاشق الهوى والغرام أن المدرسة التي رايت عندها الفتيات ما هي إلا مدرسه للصم والبكم، وعلى افتراض بوجود حبيبتك تلك التي تدعيها فإنها ستكون …………)

لقد سقط الهاتف من على ادني ... لقد قسوت على أيها القدر، قدمتها على طبق من فضة وأخذتها بالذهب، سأقول مثلما يقول كل البشر... هذا هو نصيبي هذا هو القدر...

image about هذا هو القدر

تمت

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

5

متابعهم

4

مقالات مشابة