دجاجة القاضي التي انقذت روح البائع
قصة قصيرة من الأدب العربي
(دجاجة القاضي))
جاء رجلٌ إلى محل دجاج ومعه دجاجةٌ مذبوحةٌ يريد تقطيعها، فطلب منه صاحبُ المحل تركها والعودة بعد ساعةٍ لأخذها.
مر قاضي المدينة على صاحب محل الدجاج وقال له: أعطني دجاجة .. فأجابه: ليس عندي إلا هذه الدجاجة، وهي لرجل سيرجع ليأخذها .. فقال القاضي: أعطني إياها وإذا جاءك صاحبُها قل له إن الدجاجةَ طارت، فإن اعترض دعه يشتكي ولا يهمك.
ثم أخذ القاضي الدجاجة وذهب. وعندما جاء صاحب الدجاجة إلى محل الدجاج لكي يأخذ دجاجته، أخبره صاحب المحل بأنها طارت، فغضب صاحب الدجاجة وقال: هل أنت مجنون؟ لقد أحضرتها وهي مذبوحةٌ فكيف تطير وهي ميتة؟! هيَا نذهب للقاضي، حتى يحكم بينا ويظهر الحق.
وأثناء ذهابهم للقاضي مرُّوا بمسلمٍ ويهودي يقتتلان، فأراد صاحب محل الدجاج أن يفصل بينهما ولكن إصبعه دخلت في عين اليهودي ففقأتها.
تجمع الناس وأمسكوا بصاحب محل الدجاج وجرّوه إلى عند القاضي، وعندما اقتربوا من المحكمة أفلت منهم وهرب ودخل مسجداً وصعد فوق المنارة فلحقوا به، فقفز من فوق المنارة ووقع على رجل كبيرٍ فمات الرجلُ.
جاء ابن الرجل ولحق بصاحب محل الدجاج وأمسكه هو وباقي الناس وذهبوا به إلى القاضي، فلما رآه القاضي تذكر حادثة الدجاجة وضحك، وهو لا يدري أن عليه ثلاث قضايا: سرقة الدجاجة، وفقئ عين اليهودي، وقتل الرجل كبير السن.
وعندما علم القاضي بالقضايا الثلاث أمسك رأسه وجلس يفكر، ثم قال: دعونا نأخذ القضايا واحدة واحدة. نادوا أولاً على صاحب الدجاجة. قال صاحب الدجاجة: هذا سرق دجاجتي وقد أعطيته إياها وهي مذبوحة، ويقول إنها طارت، كيف يحدث هذا يا سيادة القاضي؟!
قال القاضي: هل تؤمن بالله؟ قال: نعم. قال القاضي: يحيي العظام وهي رميم... قم، فما لك شيء عند الرجل. أحضروا المدعي الثاني.
جاء اليهودي وقال: هذا الرجل فقأ عيني. فقال القاضي لليهودي: العين بالعين والسن بالسن، لكن دية المسلم لأهل الذمة النصف .. يعني نفقأ عينك الثانية حتى تفقأ عين واحدة للمسلم. فقال اليهودي: لا لا أنا أتنازل عن الإدعاء عليه. فقال القاضي: أعطونا القضية الثالثة.
جاء ابن الرجل المسن الذي توفي وقال: هذا الرجل قفز على والدي من فوق منارة المسجد وقتله .. فقال القاضي: اذهبوا بالمتهم الى نفس المكان، واصعد أنت فوق المنارة وتقفز عليه. فقال الشاب: لكن ياحضرة القاضي إذا ما تحرك يميناً أو يسارًا يمكن أن أموت أنا! قال القاضي: والله هذه ليست مشكلتي، لماذا لم يتحرك والدك يميناً او يسارًا؟! .. فقال الشاب: لا لا أريد شيئاً منه، وتنازل عن الإدعاء عليه.
الخلاصـــــة: عندما تفسد العدالة .. تضيع الحقوق.