ملايينٌ من النّساء هنّ "عروس الإسماعيليّة"..
ملايينٌ من النّساء هنّ "عروس الإسماعيليّة"..
نموذجٌ المرأةِ المُستباحةُ في جسدِها ونفسِها، امرأةٌ تمّ تضليلُها عن كرامتها، وتجهيلها عن حقوقِها تحت شعارٍ لا يستحِي فرضته مجتمعاتنا المريضة "إنّا وجدنا آبائنا كذلك يفعلون".
نموذج امرأةٍ لُقِّنت أن تعبُدَ وَثَنًا بداخلِها اسمه "أنا أنثى فمن حقّك أيها الذكر أن تفعل بي ما تشاء"، نشأت في زنزانة اللّاأمان واللا احترام واللّا حدود الشخصيّة، واللّا كرامة، زنزانةٍ لا تمتّ للإنسانيّة ولا للدين ولا للأخلاق بصلة، زنزانة لا يعرفُ جلّادوها شيئا عن المرأة سوى أن يعدّد عليها وأن يضربها وأن ينكّل بها (حتى يربيها)، ينظر للمرأة مصبًّا يمكنه أن يُفرغَ فيه نُفاياته المرضيّة التي لم تجد مِصحّةً للمضطربين نفسيًّا وسلوكيًّا لاحتوائها، لأنه لا يوجد شيء اسمه (بلد القانون) والقوانين التي لا يتمّ تطبيقها أو لِنقُل القوانين التي لا تُطبَّقُ على الجميعِ ليست بقوانين تستحقّ أن تُحترم أو أن تُذكر أصلا.
القوانين التي تمّ وضعها ضد تعنيف النساء والأطفال وكل شخص تمّ استضعافه وتمّ تسليط أي نوع من العنف عليه نفسيّا أو جسديّا أو لفظيّا أو جنسيّا صارت عناوينَ تتمّ المتاجرة من خلالها بمآسي النّاس بل وبحياتهم، تتخفّى وراء جمعيّات زائفة وأرقام نجدةٍ خضراءَ وحمراء وأرجوانيّة كاذبة.
هذا الشيطان الذي مدّ يده على (زوجته) وهي ترتدي الفستان الأبيض المفروض أن يتمّ تعزيره ونقله إلى السجن أو إلى مصحّة عقليّة يعالج فيها اضطراباته وأمراض التسلّط والكبر وعقله الفارغ من كل شيء إلا من الأساليب الإبليسية التي فهِم خطأً أنه يمكنه ممارستها على المرأة التي يراها شخصا ضعيفا وجسدا لا حرمة له، وأنها جاريته التي سيلطمها على وجهها وينكّل بها كلّما رفعت رأسها في حضوره.
هذا المجرم مكانه السجن هو وكل من ساعده من أفراد عائلتها التي لو كانت عائلة من الأصل ولو كان فيهم رجل واحد لقاموا بكسر أطرافه الأربعة وتطليقها منه. هذه العائلة المجرمة هي شريكة الجرم والعنف وهي شريكة في كل ما سيحدث مع ابنتهم مستقبلا من جرائم عنف.
كانت المرأة المسلمة من قبل تقوم جيوش لنصرتها وحفظ كرامتها، والآن لا نسمع سوى المرضى يتشدقون علينا من أبراج اضطراباتهم ليقولوا لنا "كل النساء تعيش هكذا وهو زوجها يضربها ويضرب الآخرين لأجلها".
اليوم تُضرب أمامكم وغدًا تستقبلون صندوق جثتها وتحملون وزر قتلها إلى يوم الدين.
كل ما نستطيعه اليوم أمام عائلات خاذلة، ومعنفين ومعنفات مغيبون ومغيبات في غيبوبة الجهل والخضوع والخوف، وأمام سلطات عاجزة، وأمام ذكور خصيّين منعدمي الرجولة، وأمام شيوخ لا يتكلمون إلا عن نقاب المرأة وحيضها وبقائها في بيتها دون أي تطرق واضح لما تعانيه المجتمعات اليوم بل وتسفيه كل من رفضت العنف ودافعت عن نفسها و وصمها بالتمرد والاسترجال، هو التوعية ثم التوعية ثم التوعية، توعية المقبلين على الزواج من نساء ورجال صادقين ومستعدين بإخلاص لتوعية أنفسهم وتجهيز بيوتهم ليس بالأثاث وأواني المطبخ بل بالأخلاق وتفعيل دين الإسلام كمنهاج حياة وتربية يُطبق على واقعنا، بتعلم مناهج التربية الصحيحة والمعاملة السوية، بتعلم معاني المعروف ومعاني الرحمة والسكن والمودة.
لا حجة لأي بشري على هذه الأرض حتى لا يزكي نفسه، حتى الذي نشأ في بيئة سامة وعنيفة يمكنه علاج نفسه وتعليمها المنهج الصحيح بعيدا عن كل السموم التي دُسَّت في نفسه، ويمكنه أن يصبح سويًّا وأن يكوّن أسرةّ سوية وبيتا دافئا بالرحمة والأخلاق، ويمكن للإنسان أن يتغير للأفضل إن كان يحمل في داخله رغبة صادقة في التغيير، ولو كان غير قابل للتغيير لما قال ربنا سبحانه وتعالى في كتابه عن النفس البشرية أنه قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها.
التزكية تحتاج سعيا خالصًا من خلال البدء برحلة تعلم صادقة من خلال اللجوء للمختصين، ومن لا يجد الدعم المادي للدفع للمختصين، فالانترنت بحر يفيض بالكتب والدورات المجانية. والإنسان في كل هذا مُخير وليس مسيّرا إلا في ما لا يعلمه ولا سبيل له ليعلمه.
نسرين بكارة .