بذلة الغوص و الفراشة: الرواية التي أصبحت الأكثر مبيعاً في أوروبا - التعريف
“لا يوجد مستحيل”
تلك العبارة أثبتت صحتها كثيراً و كثيراً، ففي كل جيل، و عندما يظن الكثيرين أن تحقيق العديد من الأمور في الحياة يُعد من المستحيلات، فيخرج علينا أحدهم ليثبت أن المستحيل يمكن تحقيقه.
و لعل رواية بذلة الغوص و الفراشة للكاتب الفرنسي چان دومينيك بوبي Jean -Dominique Baub خير دليل سأسرده عليكم في سلسلة من الحلقات هنا.
من هو چان دومينيك بوبي؟
هو صحفي و كاتب فرنسي مشهور و محرر مجلة أزياء ELLE الفرنسية، وُلد في ٢٣ ابريل ١٩٥٢م و توفي في ٩ مارس ١٩٩٧م.
و علي الرغم من أنه لم يترك خلفه تاريخ كبير من الكتابة، إلا أنه ترك وراءه مُعجزة لا يغفلها أحد و هي رواية بدلة الغوص و الفراشة.
و عظمة تلك الرواية تكمن في المناخ الذي كُتبت فيه و تم نشرها، ففي ٨ ديسمبر ١٩٩٥ و في سن الثالثة و الأربعين، تعرض بوبي لجلطة حادة في المخ، دخل علي أثرها في غيبوبة كاملة لمدة ٢٠ يوماً متواصلاً داخل غرفة بإحدي مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس،
و عندما أفاق، وجد أنه لا يستطيع الكلام، كان فقط بإمكانه أن يرمش بجفن عينه اليسرى،
فلقد أصابته تلك الجلطة بشلل كامل في الجسم، و أصيب بحالة تسمى متلازمة المنحبس، هذه المتلازمة عبارة عن حالة من شلل معظم أجزاء الجسم و بقاء العقل في حالة وعي كامل، و في حالة بوبي كان فمه و يديه و أرجله مشلولة بالكامل، وفقد ٢٧ كيلوجرام من وزنه في الأسابيع العشرين الأولى بعد الحادثة.
و علي الرغم من الفاجعة التي أصابت محبينه و عائلته جراء تلك الحادثة، إلا أن بوبي كان له رأي مختلف تماماً عن مناخ الإحباط العام الذي كان يحاوطه، فقد فاجأ الجميع بأنه يريد أن يبدأ في كتابة روايته بذلة الغوص و الفراشة.
و بالفعل استطاع أن يتواصل مع مساعدته الشخصية كلود ميندي بيل من خلال حركات رموش العين اليسري عند الوصول للحرف الصحيح من مساعد يقوم بنطق الحروف الأبجدية ببطئ بإستخدام نظام «الفحص بمساعدة شريك»، فبوبي ألف وحرر الكتاب بالكامل داخل عقله، و أملاه حرفاً بحرف ليكون الإملاء دقيقاً. و قامت مساعدة بوبي، بترتيب الأحرف على حسب تكرار استخدامها في اللغة الفرنسية، و تسرد عليه الحروف الأبجدية في كل مرة بالترتيب حتى تصل إلى الحرف الذي يؤشر عليه بجفنه، و كانت تقضي ٦ ساعات كل يوم لتُسجل نصف صفحة فقط.
و قد استغرق هذا العمل الإبداعي عامين تقريباً، حيث خرجت الرواية إلي النور في فرنسا في ٦ مارس ١٩٩٧، و كما كان متوقعاً فقد احتفل العالم أجمع و خاصة الأدباء و الروائيين بصدور الكتاب المُعجزة، كما تحدثت الكتب العالمية في هذا الوقت عن چان دومينيك و إرادته الخارقة، و وصفوه في هذا الوقت بإسم (الرجل الحديدي).
و توفي بوبي فجأة بعد ثلاثة أيام من نشر الكتاب بسبب مرض ذات الرئة، و دُفن في مدافن العائلة في باريس.
أما عن الرواية نفسها فقد تناول فيها دومينيك مجموعة من الموضوعات التي تخص النفس البشرية، و كيف أن كل من حوله هم مجرد أشخاص محبوسين داخل أجسادهم، لا يختلفون في أي شئ عن حالته هو، كما تناول خلال صفحات الكتاب ما يدور في رأسه، و تصدر الكتاب المبيعات في فرنسا و عدد من الدول الأوروبية خلال صدوره في الأسواق مباشرة.
و سأقوم بكتابة تلك الرواية المعجزة علي حلقات فاتبعوني.
