أنا و حرب الذاكرة
كان عارف كثير الدعاء يدعوا الله بالصبح والمساء, كان كلما وقف على قدمية رجى من الحياة أن لا تنكسه على عقبيه, كان يفكر كثيرا, حتى انه ذات نهار بكى من شدة الانهيار, كان يسمع صوتا في راسه كان يغيب لحظات عن وعيه , كان يشعر ان الحياة بما حوت لا تتسع له ولا لقلبة, لم يكن له منفى كان دائما ينفى حتى انه لم يعد يشعر بالأمان, وذات نهار اظلمت دنياه وكأن عيناه ابيضت, وكأن سنين حياته هدت, أصبح يشعر بوقع خطوات في رأسه, فاضت به ذكرياته, حارت به دنياه, لم يكن يعلم ما هذا الانهمار الغزير الحاصل في رأسه, أصبح يسمع دوي قرع في اذناه وكأنها أصبحت بحارا يغرق بها القبطان, حتى انه من شدة الضياع شعر بانه هو القبطان وهو السفينة والملاح والأمواج التي تلطم سفينته التي قد أحدثت بها احدى الصخور العاتية ثقبا, وقف منتصبا بعدما تنصل من دور القبطان, تغيرت هالته الى ملاح نصب عينيه الى السماء متأملا متفكرا بقدرة الله مستدعيا في راسه جميع المعجزات, طاردا كل الذكريات, اخذ يتفكر بسؤال.
سؤال واحد فقط, أكنت جرحا أحدثته السماء بالأرض لذا فالأرض لا تريد حملي
اهذه الحياة تقتص مني عمري وتسلبني بسماتي
اهي من خولت الجميع لنفس
أحرضتهم على قتلي؟ حتى هجرت العالم وهجرتني ؟ سرت في درب الحنين فالأحبة كلهم غائبين
ولكن أكان لأحبتي علم بما أنا عليه الان ؟ عائلتي والرفاق, والذين كنت أراهم كل الأحبة والأخلة وكل الحياة
أتجاهلوني عمدا ام انني سرت بينهم كالسراب أما تنبهوا لضيق دنياي لتلك الصباحات التي كنت اصحوا بها بعض الأيام واشغل نفسي بالكثير من الأوهام أما سألو كتبي وحكاياتي ونصوصي وكل الأشجار
اما ذهبوا لدربي الذي كنت أسيره كل صباح؟ أطلب من الله النجاة
أم كان العتب على روحي وشفتاي التي كانوا يلقنونني دروسا على يد الحياة والتي من شئنها ان تدعني عند الأحبة باسم الشفاه، ضاحك الوجه، معافى الروح
تنصلت من كل القواعد المحاطة بالحنين, في يوم كان اشبه بالسكين, عالق بروحي كما كلماتي بحنجرتي كما الدموع في محجر عيناي، اردت أن أودع أحبتي,أتيتهم على عجل وكأنني على طريق سفر عندما رأوني عجولا اسابق الحياة ظنوني رياحا عاتيه وقاموا بتسخيري إلى أبعد بلاد
لم يلمح أحدا منهم نزف عيناي ولانبرتي المتحشرجه التي خلفها اختناقي بالكلمات
لكن كما المعتاد كان هذا خطئي لأنني اجبتهم بإيماءة دون كلام
حتى في تلك الأحوال عندما كنت أركن الحياة ومئاسيها وأسير في دروب المساعي كل صباح
كانت العربات تعبرني اقسم لك لا تعبر من أمامي أو خلفي ولا حتى يميني عن يساري كانت تعبر من فوقي كان يتعرقل بي الطريق وبكل يأس أكرر بأني أستطيع وأسير بالدرب حاملا أفكاري التي تدعني لا أعلم أين وجهاتي أستيقظ فقط على صفعه على وجهي، ليست على وجهي ولكنها كما الشعور كما الأثر
أستيقظ على إغلاق باب القطار دوني أركض لنوافذ طالبا النجاة يا الله إنه دربي للخلاص
فلا أرى غير وداع مرير ونوافذ عن اليمين والشمال تحيد .
لكن هذا الصوت يقتلني وعن أفكاري لا يبعدني، سار في صمتٍ طويل حتى نظر لنهرٍ عجيب نظر، ثم توقف وأنبهر مرّ علية ذلك الشريط العتيق، شريط لشخص في ربيعةّ واجه ماواجهة، ولكنه ألتقى بحكيم وأخبرة بأنها حرب حرب الذاكرة لجميع الذكريات حلوةٌ أو مُرة.