
قصة حب: عندما يعزف القدر لحنه الخاص
المقدمة
يقال إن الحب قدر، وإنه يأتي حين لا نتوقعه، وحين نظن أن الحياة تمضي بلا مفاجآت. لكنه حين يأتي، يقلب الموازين، يغير المفاهيم، ويفتح الأبواب المغلقة في القلوب. الحب ليس مجرد كلمات تُقال في لحظة عابرة، بل هو رحلة طويلة، مليئة بالتفاصيل التي تجعل منه قصة لا تُنسى.
هذه قصة لم تبدأ بنظرة واحدة، ولم تكن مجرد صدفة عابرة، بل كانت حكاية حب نضجت مع الزمن، وصمدت أمام التحديات، وأثبتت أن الحب الحقيقي لا ينكسر…
قصة حب: عندما يعزف القدر لحنه الخاص
في مدينة تعج بالحياة، حيث يلتقي الماضي بالحاضر، كانت "نادين" تعيش أيامها بروتين هادئ، تعمل في مكتبة قديمة تحبها منذ طفولتها، وتجد في رائحة الكتب القديمة راحة لا تجدها في أي مكان آخر. كانت فتاة تعشق الهدوء، وتفضل العيش في عالمها الخاص، عالم تملؤه القصص والخيالات.
أما "سامي"، فكان نقيضها تمامًا، شابًا يعشق التحديات، يعمل في مجال التصوير، ويجوب الشوارع بحثًا عن لقطات توثق اللحظات العابرة. كان يرى الجمال في كل زاوية، في ضحكات الأطفال، في انعكاس الشمس على زجاج النوافذ، حتى في العيون الحزينة التي تحمل أسرارًا لم تُحكَ بعد.
لم يكن في الحسبان أن يلتقيا، ولم يكن أي منهما يبحث عن الحب، لكن القدر كان يعدّ لهما قصة مختلفة تمامًا...
البداية: لقاء غير متوقع
كان سامي يبحث عن كتاب نادر لمشروع تصوير يعمل عليه، فقاده بحثه إلى المكتبة القديمة التي تعمل بها نادين. دخل إلى هناك، وانجذب مباشرة إلى الجو الدافئ الذي يملأ المكان، إلى رفوف الكتب المتراصة كأنها تروي حكايات لا نهائية. وبينما كان يتصفح العناوين، ظهرت أمامه فتاة تحمل في عينيها هدوءًا غريبًا، وكأنها تنتمي إلى زمن مختلف.
- "هل يمكنني مساعدتك؟" قالت نادين بصوت ناعم.
رفع رأسه ونظر إليها، ثم ابتسم وقال:
- "أبحث عن كتاب نادر، قيل لي إنني قد أجده هنا."
بدأت نادين تبحث في فهرس الكتب، ووجدت الكتاب المطلوب. مدت يدها لتناوله له، لكنه حين أمسكه، لامست يده يدها لثوانٍ، لكنه شعر وكأن الزمن توقف للحظة.
كانت تلك اللمسة بداية شيء لم يفهمه وقتها، لكنه شعر بشيء مختلف، وكأن هذا اللقاء لم يكن مجرد مصادفة.
التقارب: حين يجمع الحب بين المختلفين
لم يكن سامي من النوع الذي يؤمن بالحب من النظرة الأولى، لكنه وجد نفسه يعود إلى المكتبة مرارًا، ليس فقط من أجل الكتب، بل من أجل الحديث مع نادين. كانت مختلفة عن كل من عرفهم، هادئة، متزنة، وعميقة بطريقة ساحرة.
أما نادين، فكانت تشعر بشيء غريب تجاهه، لكنها لم تكن تسمح لنفسها بأن تفكر كثيرًا. لم تكن معتادة على وجود أشخاص مثل سامي في حياتها، أشخاص يحملون في أرواحهم طاقة لا تهدأ، وينظرون إلى العالم وكأنه لوحة فنية.
كانا يلتقيان أكثر فأكثر، يتحدثان عن كل شيء، عن الأحلام التي لم تتحقق بعد، عن الكتب التي غيّرت حياتهما، عن الأماكن التي يتمنيان زيارتها. لم يدركا متى تحوّل الحديث إلى شيء أعمق، متى أصبح وجود أحدهما في حياة الآخر ضروريًا.
الاختبار الأول: حين يتدخل الواقع
لكن كما هو الحال دائمًا، لا توجد قصة حب بلا اختبار.
في أحد الأيام، تلقى سامي عرضًا للعمل خارج البلاد، فرصة مهنية لم يكن يتوقعها، لكنها كانت تعني الابتعاد عن نادين. حين أخبرها بذلك، لم تظهر أي رد فعل فوري، فقط نظرت إليه بعينين صامتتين، كما لو أنها تحاول أن تخبئ ما تشعر به.
"ماذا ستفعلين لو سافرت؟" سألها.
"لا شيء... الحياة ستستمر كما كانت." قالتها بصوت هادئ، لكنه شعر بأنه كان يخفي شيئًا أعمق بكثير.
كان ينتظر منها أن تقول له "ابقَ"، لكنها لم تفعل. لم تكن نادين من النوع الذي يتمسك بشيء قد يُؤذيه لاحقًا. كانت تفضل الصمت على أن تُجرح بالرحيل.
لكن سامي لم يكن يريد أن يتركها، لم يكن مستعدًا لفكرة أن يكون بعيدًا عنها. وبينما كانت الأيام تمر، بدأ يدرك أن هذا ليس مجرد إعجاب، وأن نادين لم تكن مجرد فتاة أخرى التقاها في طريقه... بل كانت الشخص الذي يبحث عنه دون أن يدري.
القرار المصيري: حين ينتصر الحب
في الليلة التي سبقت سفره، التقى بها في المكتبة للمرة الأخيرة. جلسا معًا في الزاوية التي اعتادا الجلوس فيها، ولم يتحدثا كثيرًا. كان هناك صمت بينهما، لكنه لم يكن صمتًا عاديًا، بل كان مليئًا بالكلمات التي لم تُقل.
- "سأرحل غدًا..." قال سامي بصوت منخفض.
نظرت إليه نادين طويلًا، ثم قالت بابتسامة حزينة:
- "أتمنى لك السعادة، أينما كنت."
في تلك اللحظة، أدرك سامي أنه لا يستطيع الرحيل. نهض فجأة، أمسك بيدها وقال بحزم:
- "لا أريد السعادة في مكان آخر، أريدها هنا... معكِ."
نظرت إليه بدهشة، غير مصدقة ما تسمعه.
"ماذا تعني؟"
"أعني أنني لن أسافر... لأنني وجدت ما كنت أبحث عنه طوال حياتي."
لم تكن نادين بحاجة إلى سماع المزيد، فقط ابتسمت، لأول مرة بلا خوف، بلا تردد.
وهكذا، انتصر الحب... ليس لأنه كان سهلاً، بل لأنه كان حقيقيًا. لأن الأرواح التي يُكتب لها أن تكون معًا، ستجد دائمًا طريقها، مهما كانت العقبات. ❤️✨









