مقالات اخري بواسطة Motaz Youssef
قصة العودة من الجحيم

قصة العودة من الجحيم

0 المراجعات

عنوان القصة: "العودة من الجحيم"

في عام 1958، وفي مدينة متقدمة في البناء لكنها متأخرة في الوعي، عاش الناس على التقليد الأعمى، يتبعون دون أن يسألوا: هل ما يتبعونه حق؟ أم ضلال؟

قلة قليلة فقط حافظت على القيم ونادت بالعودة إلى الحق، لكن صوتهم كان ضعيفاً لا يُسمع. ومن بين هؤلاء، وُلد شاب اسمه "يحيى"، نشأ على الفطرة، وتربى في بيت من بيوت الصالحين، تعلّم الدين، وعرف الحق، وكره الباطل.

بلغ الخامسة والعشرين من عمره وقرر أن يخرج إلى المدينة ليرى العالم كما هو. وفور احتكاكه بالناس، أدرك أن المدينة تغرق في الضلال. وبما أنه كان محبوبًا، قرر أن يستغل هذا القبول في دعوة الناس إلى الحق.

لكن ما إن بدأ بالدعوة حتى انقلب عليه الجميع. أصبح منبوذاً، يُتهم بأنه يريد تغيير الناس للأسوأ. وفي أحد المجالس، اجتمع عدد من أهل المدينة وقالوا: "يحيى خطر علينا، لا بد أن نغيّره".

فكّروا: كيف نكسبه إلى صفّنا؟ وكان الجواب: الصحبة. واختاروا له أسوأ من فيها، شاباً يُدعى "موسى"، معروف بالخمر والفجور. عرضوا عليه المال مقابل أن يجعل يحيى مثلهم خلال شهر.

تردد موسى، ثم قبل. قالوا له: "ادخل عليه من باب المسجد، فهو يتعبد هناك". وفي اليوم التالي، دخل موسى المسجد متصنعًا الخشوع، وانتظر انتهاء الصلاة. سأل عن يحيى، فدلّوه عليه.

اقترب منه مرتبكًا، فقال له يحيى: "تفضل، ما بك؟". ردّ موسى بدهاء: "شاب ضلّ الطريق ويريد العودة". فوضع يحيى يده على كتفه قائلاً: "ومتى أغلق الله بابه حتى نيأس من الرجوع؟ من اليوم ستلازمني".

وتعلّق موسى بيحيى. وكلما حاول أن يبعده عن الطريق، انجذب هو إلى النور. حتى جاء يوم قال فيه: "أدعوك لسهرة مختلفة". وأخذ يحيى إلى مكان مليء بالفجور. رفض يحيى كل إغراء.

فأمر موسى أحدهم بوضع حبة مخدرة في شراب يحيى. شربه دون علم، وبعد أن بدأ تأثيرها، شرب الخمر لأول مرة. ومن هنا، بدأ سقوط يحيى. صار يتردد على أماكن الفجور، وتغيّر قلبه.

اطمأن موسى أنه نجح، وسافر لقضاء عمل. وفي الطريق، رأى ما لم يكن في الحسبان. وجه مخيف في منتصف الطريق، صرخ: "من هذا؟!". صاحبه لم يرَ شيئًا. فحاول الهروب، فانقلبت السيارة.

فتح عينيه ليجد أمامه ذلك الكائن المرعب يقول: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ...)، ثم أعلن: "أنا الموت". توسل موسى: "أعطني فرصة للتوبة!". لكنه سمع: (إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ...)

نُزعت روحه في ألم، وصرخ وهو يُسحب إلى السماء: (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ...)، فقيل له: (كَلَّا...). ثم دُفن جسده، ويحيى يُغسله باكيًا، قائلاً: "سامحك الله".

في القبر، سُئل موسى: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فلم يستطع الإجابة. قيل له: "لا دريت ولا اهتديت"، وضُرب بمطرقة لو وقعت على جبل لهدّته. ورأى مقعده من الجنة، ثم رؤي مقعده من النار، وأُلقي فيه.

فجأة، استيقظ وهو يصرخ! لقد كان كل ذلك حلمًا. صاحبه بجانبه يطمئنه: "ما بك؟ نحن لم نتحرك بعد!".

بكى موسى وقال: "لن أذهب معك. عليّ أن أذهب إلى يحيى فورًا". بحث عنه فوجده يستعد للرحيل. قال له: "لا ترحل! أهل المدينة يحتاجونك!". ردّ يحيى: "لم يعد لي مكان هنا".

قال موسى: "بل نحن من نحتاجك، وسأكون عونك. أرجوك، دعني أبدأ من جديد".

نظر يحيى إليه وقال: "ما الذي غيّرك؟".

قال موسى: "رأيت الجحيم، ولمسته بيدي".

وبدآ معًا رحلة جديدة في الدعوة. أسلما قلوب الناس، وأعادا المدينة إلى نور الهداية. ثم تزوّجا من نساء صالحات، وأكملا الطريق، يجاهدان النفس والهوى.

واختُتمت قصتهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "رجعتم من الجهاد الأصغر، وبقي الجهاد الأكبر... جهاد النفس"

النهاية.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

5

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة