منزل الأشباح في قرية الظلال الحزء الثانى

منزل الأشباح في قرية الظلال الحزء الثانى

0 المراجعات

عهد الظلال: أثر لا يختفي

مرت أيام قليلة بعد الليلة المشؤومة، لكن أثرها كان يزداد قوة بدل أن يتلاشى. حاول الأصدقاء الأربعة أن يتجنبوا الحديث عما حدث في منزل الأشباح، وكأن مجرد النطق بما رأوه قد يستدعيه من جديد. لكن الصمت لم يمنع العلامات من الظهور.

ليلى كانت أول من لاحظها. في كل مرة تُطفئ الأنوار في غرفتها قبل النوم، ترى في الزاوية البعيدة ظلًا ثابتًا لا يتغير، وكأنه يراقبها بصبر. حاولت إقناع نفسها أنه مجرد وهم، لكن عندما مدت يدها لتشغيل المصباح، وجدت الدفتر القديم على طاولتها… نفس الغبار، نفس الصفحات التي توقفت عندها في تلك الليلة.

أحمد، الذي كان يحاول التظاهر باللامبالاة، بدأ يسمع ضحكات مكتومة في أوقات متأخرة من الليل، تأتي من خلف باب غرفته المغلق. في البداية ظنها من الشارع، لكن مع مرور الأيام أدرك أن الصوت يأتي من الداخل… من خلف خزانته الخشبية.

أما كريم، فقد قرر مواجهة الأمر بطريقته. أخرج الكاميرا التي كانت معه في المنزل، وبدأ بمراجعة اللقطات. معظم المقاطع كانت مشوشة، لكن وسط الضباب الرمادي ظهر مشهد لم يتذكر أنه صوره: الممر العلوي في المنزل، والباب الموارب… وخلفه، عينان حمراوان تحدقان مباشرة في العدسة.

سارة كانت الأكثر هدوءاً، لكنها بدأت تلاحظ أمراً غريباً. كل صباح تجد باب شقتها موارباً، حتى عندما تتأكد من إغلاقه جيداً ليلاً. لم تكن هناك آثار اقتحام، ولا شيء مفقود، لكن رائحة باردة وغريبة كانت تملأ المكان.

ذات مساء، تلقوا جميعاً رسالة مجهولة على هواتفهم، صورة قديمة للمنزل، لكن هذه المرة كانت هناك وجوههم الأربعة واقفة أمامه… وهم لم يلتقطوا هذه الصورة أبداً. في النافذة العلوية، كانت هناك هيئة داكنة، تكاد ملامحها تختفي، لكن الابتسامة العريضة كانت واضحة بشكل مزعج.

قرروا الاجتماع في بيت كريم لمناقشة ما يحدث. جلسوا في غرفة المعيشة، والستائر مغلقة، بينما المصباح الوحيد يبعث ضوءاً أصفر باهتاً. قالت ليلى بصوت منخفض:
"أنا متأكدة… إحنا ما خرجناش من البيت فعلاً. أو… البيت نفسه خرج معانا "

أحمد هز رأسه مستنكراً، لكن قبل أن يرد، انطفأ المصباح فجأة، وغرقت الغرفة في ظلام تام. الهواء أصبح بارداً بشكل غير طبيعي، حتى إن أنفاسهم بدت واضحة. ثم جاء الصوت… همس بطيء، قريب، لكنه غير موجه لشخص واحد:
"أنتم… لي."

أشعل كريم الكشاف الصغير بهاتفه، وفي لحظة الإضاءة القصيرة، رأوا شيئاً يقف في الزاوية، بين الظلال. لم يكن واضح الملامح، لكنه بدا أطول من أي إنسان، وكتفيه منحنيتين، ورأسه مائل قليلاً، وكأنه يراقبهم. قبل أن يتمكنوا من الحركة، انطفأ الكشاف.

في الظلام، شعر أحمد بشيء يمر بجانبه، بارد لدرجة الألم، ثم سمع صوت تنفس ثقيل بجوار أذنه. ليلى شعرت بيد خفيفة تلمس كتفها، رغم أن الجميع كانوا على بعد خطوات. سارة حاولت الصراخ، لكن صوتها اختفى كأن الهواء اختفى من الغرفة.

ثم، فجأة، عاد الضوء. لكنهم لم يكونوا في بيت كريم… كانوا في الممر العلوي للمنزل المهجور، بنفس الباب الموارب الذي فتحوه تلك الليلة. الأرضية تصدر الصرير ذاته، والهواء يعبق برائحة الغبار والرطوبة.

"إزاي…؟" تمتم كريم وهو ينظر حوله. لكن قبل أن يجد أحدهم إجابة، بدأ الباب الموارب يفتح ببطء، وكأن هناك من يدفعه من الداخل. من خلال الفتحة، كانت الغرفة مظلمة تماماً، لكن الهمس عاد، هذه المرة أوضح، وأشد اقتراباً:
"عودتكم… كانت حتمية."

تبادلوا النظرات، وعرفوا أنهم مهما حاولوا الهرب، فإنهم لم يغادروا أبداً.

وفي اللحظة التي خطا فيها أحمد خطوة للأمام، انغلق الباب فجأة، وغرق كل شيء في ظلام دامس…                        يتبع ……… 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

3

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة