
بيت الأشباح في قرية الظلال الجزء السادس - البيت الذي يرتدي وجهك
الجزء السادس: البيت الذي يرتسم على وجهك
استيقظوا على حجر بارد، لا على ألواح أرضية، ولا على تراب - حجر ينبض بضعف، كجلد على قلب وحش نائم.
كان الهواء مثقلاً برائحة الحبر الرطب والشعر المحروق.
فوقهم، كانت السماء - إن صح التعبير - غشاءً واسعاً مُعرّقاً، يتحرك ببطء في موجات، كما لو أن العالم بأسره داخل عضو ضخم. لا نجوم. لا قمر. فقط الأضواء البعيدة المتلألئة - تلك العيون الزائفة - تسبح في الفراغ خلف القرية المنهارة.
كان أحمد أول من نهض. أو... شيء ما يرتسم على وجهه.
نظر إلى يديه. كانتا يديه. الندبة على مفصل إصبعه الأيسر من طفولته، والثفن على إبهامه من أوتار الجيتار. لكن عندما قلبهما، نبضت العروق تحت جلده باللون الأسود، لا الأزرق.
جلست ليلى ببطء، وهي تشد دفتر الملاحظات على صدرها. لم يعد دافئًا، بل كان حيًا. شعرت به يتنفس قربها، صفحاته ترفرف كطائر محاصر. عندما فتحته، لم تعد الكلمات تحذيرات، بل اعترافات بخط يدها.
رأيت ظلي يبتسم لي. ابتسمت له. لا أذكر أنني فعلت ذلك.
أغلقته بقوة. همست: "لسنا في مكان، نحن في ذكرى. ذكرى المنزل... وهو يتذكرنا."
لم يُجب كريم. كان يحدق في الشمس السوداء المعلقة في الأفق، حوافها خشنة كزجاج مكسور. قال: "إنها تراقبنا. لطالما كانت تراقبنا. منذ اللحظة التي دخلنا فيها، لم تكن تحاول إخافتنا. كانت تُسجلنا. تتعلم كيف نكون."
هبت ريح، رغم انعدام الهواء، ولا رئات تتنفسها. من شقوق المنازل المحطمة، بدأت أشكال بالظهور. ليس أشباههم السابقين. هؤلاء كانوا أسوأ.
كانوا هم، نعم - لكنهم غير مكتملين. نسخ نصف مكتملة، مُخاطة من شظايا: فك أحمد على جسد ليلى، يدا كريم مُلتحمتان بجذع، وعينا سارة ترمشان من صدرها. تحركوا بحركات ارتعاشية، كما لو كانوا يُحركهم عقلٌ مُحطم.
ثم، من الباب الخشبي الكبير، خطت هالة للأمام مجددًا - إلا أنها أصبحت أطول الآن، وقد استُبدل فستانها بحجابٍ مُتحرك من الدخان والظل. لم يكن صوتها من فمها، بل من الفضاء المحيط بهم، يتردد صداه في جماجمهم.
"دخلتم أرض الظلال ليس كزوار... بل كورثة. المنزل لا يقتل. إنه يُعوض. لقد فعل ذلك لقرون. كل شخص اختفى من قريتكم؟ إنهم هنا. إنهم الجدران. إنهم الهمسات. إنهم الصمت بين دقات القلب."
زياد، الذي سقط معهم، زحف إلى الأمام، وجهه شاحب، وشفتاه متشققتان. "إذن... ماذا نقاتل؟ شبح؟ شيطان؟"
أمالت هالة رأسها.
"لا. أنتم تقاتلون أنفسكم. النسخة التي بناها المنزل... التي بقيت... التي أرادت البقاء."
وكأنه استُدعي، صرّ الباب مرة أخرى.
من الداخل، خرجت شخصيات ضخمة.
أحمد. ليلى. كريم. سارة.
لكنهم كانوا مثاليين.
كانت ملابسهم نظيفة. عيونهم مشرقة. ظلالهم ممتدة طويلة وحقيقية خلفهم. ابتسموا - ليس بخبث، بل بسلام. كما لو أنهم قبلوا بالفعل ما كان الأصليون يقاتلونه.
تراجع أحمد الحقيقي خطوة إلى الوراء. "لا... هذا ليس أنا. كنت خائفة. أردت الهرب!"
نظر إليه أحمد الظل وقال بهدوء: "لكنك عدتَ. دائمًا ما تعود."
ارتجفت الأرض. انفرجت السماء كجرح، كاشفةً ليس عن فضاء، بل عن مرآة لا نهاية لها - آلافٌ من انعكاسات البيت، القرية، انعكاساتهم، في لحظاتٍ مختلفة، خياراتٍ مختلفة، مصائر مختلفة. في بعضها، لم يدخلوها قط. وفي أخرى، ماتوا على الفور. وفي معظمها... أصبحوا جزءًا من البيت.
صرخت ليلى، ليس خوفًا، بل إدراكًا.
"الدفتر... لم يكن تحذيرًا. كان نصًا. ونحن نتتبعه منذ البداية!"
رمت الدفتر في الهواء - ولثانيةٍ واحدة، اشتعل، محترقًا بلهبٍ أزرق بارد. صرخت النسخ. تشققت الأرض. تحطمت المرآة.
صمت.
ثم - ضحك.
ليس من هالة. ليس من الظلال.
منهم.
ضحك أحمد أولًا. ثم كريم. ثم ليلى. لم يكن ضحكهم ضحكهم. بل ضحكة البيت.
بدأت أجسادهم تتغير. شحب جلدهم. أظلمت عيونهم في الفراغ. امتدت ظلالهم، ثم انفصلت، واقفةً منتصبةً، تلتفتُ إليهم.
آخر ما رأته ليلى قبل أن يتلاشى عقلها هو دفتر الملاحظات، يطفو في الهواء، يكتب سطرًا جديدًا بحبرٍ جديدٍ رطب:
"البيت أصبح له مالكون جدد. اللعبة مستمرة."
وبعيدًا، في قرية هادئة لم تمسسها الرياح ولا همس، وقفت مجموعة من المراهقين أمام منزلٍ قديمٍ مهجور، وقال أحدهم:
"أراهن أنكم لن تدخلوا."
فُتح الباب صريرًا من تلقاء نفسه.
في الداخل، ابتسم شيءٌ ما.
……يتبع