منزل الأشباح في قرية الظلال - الجزء الرابع -لعنة الظلال: عندما يختفي آخر أثر لك

منزل الأشباح في قرية الظلال - الجزء الرابع -لعنة الظلال: عندما يختفي آخر أثر لك

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

                                                                     4. لعنة الظلال: عندما يختفي آخر أثر لك

 

المطر كان يتساقط بغزارة، لكن برودته لم تكن مثل برودة الظلام الذي خرجوا منه. وقفوا وسط الطريق الموحل المؤدي للقرية، أنفاسهم متقطعة، وكل واحد منهم يتفقد الأرض تحت قدميه… لا ظل.

"ده مش ممكن…" تمتم كريم وهو يرفع يده أمام ضوء القمر، لكن الفراغ كان هو الرد الوحيد. حتى انعكاسهم في برك المياه الموحلة كان باهتاً، بلا ملامح واضحة، وكأن وجودهم بدأ يذوب.

سارة تراجعت خطوة للخلف وهي تهمس: "إحنا مش موجودين… على الأقل مش بالكامل."

ليلى، التي ما زالت تحمل الدفتر القديم، فتحته على عجل، لكن الصفحات لم تعد بيضاء… هذه المرة امتلأت برموز تتحرك ببطء، وكأنها حية، تتلوى على الورق. وسط هذه الفوضى من الأشكال، كان هناك سطر واحد بلغة مفهومة:
"حين تفقد ظلك… يبدأ الظل في العيش مكانك."

لم يفهموا تماماً، لكن كلماتها كانت كافية لتزرع الصمت بينهم. بدأوا في السير نحو القرية، أقدامهم تتسابق مع نبض قلوبهم. الشوارع كانت خالية على غير العادة، البيوت مغلقة، والنوافذ معتمة كأن البلدة هجرت فجأة.

عند أول منزل، لمح أحمد شيئاً يتحرك خلف زجاج النافذة، لكنه لم يكن إنساناً. كان شكلاً مطابقاً له، يقف بثبات، وعيناه تتبعان حركته. رفع الشكل يده ببطء، وأحمد شعر ببرودة لامست قلبه مباشرة.

"إحنا مش لوحدنا هنا…" قالها بصوت منخفض، لكن البقية كانوا قد لاحظوا ذلك بالفعل. خلف كل نافذة، كان هناك ظل يشبه أحدهم، يراقب بصمت.

مع كل خطوة يخطونها، بدأوا يسمعون وقع أقدام خلفهم، متزامناً مع خطواتهم تماماً، لكن حين كانوا يلتفتون، لم يكن هناك أحد !!.

وصلوا إلى ميدان القرية، حيث كانت نافورة قديمة في المنتصف. الماء بداخلها كان ساكناً، يعكس وجوههم… لكن الانعكاسات لم تكن تكرر حركاتهم، بل كانت تبتسم، وتومئ برؤوسها كما لو كانت تدعوهم للاقتراب.

"إحنا لازم نكمل لحد ما نخرج من القرية." قالت ليلى، وهي تحاول تجاهل الانعكاس الذي كان يحدق بها بعينين سوداوين بالكامل.

لكن فجأة، انطفأ ضوء القمر، وغرق المكان في ظلام خانق. الأقدام التي كانت تتبعهم بدأت تتحرك أسرع، وأصوات همسات غريبة ترددت من كل الاتجاهات، كلمات غير مفهومة إلا كلمة واحدة واضحة:
"المكان… مش ملككم."

الهواء أصبح أثقل، وكأنهم يسيرون في ماء كثيف، وأصوات تنفس غير بشرية اقتربت حتى شعرت سارة ببرودته على رقبتها. ثم، وسط هذا الظلام، ظهرت أعمدة من الدخان الأسود تتشكل أمامهم، تأخذ هيئة بشرية، لكن ملامحها مشوهة.

كل عمود كان يحمل ملامح أحدهم، لكن بابتسامة مائلة وعيون خالية.

"دي… نسخنا." قال كريم، وصوته يرتجف.

الكيانات تقدمت خطوة للأمام، وبدأت تتداخل مع أجسادهم. أحمد شعر كأن قلبه يُسحب من صدره، وليلى بدأت ترى صوراً سريعة من ذكريات ليست لها، وسارة شعرت أن الأرض تختفي أسفل قدميها.

كريم، الذي كان يحاول الابتعاد، تعثر وسقط أرضاً. حين حاول النهوض، وجد يده غارقة في الظلام، تختفي تدريجياً حتى المعصم.

"إحنا لازم نفترق!" صرخت ليلى، لكن لم يكن هناك وقت للتخطيط.

في اللحظة التالية، انشق الظلام من منتصف الميدان، كاشفاً عن فجوة هائلة تؤدي إلى مكان بلا نهاية. من داخلها، خرج صوت الكيان نفسه، أوضح من أي وقت مضى:
"أنتم كنتم ظلالاً منذ البداية… والآن حان وقت العودة."

لم يدروا كيف أو متى، لكنهم وجدوا أنفسهم واقفين على أطراف القرية مرة أخرى، المكان هادئ تماماً، والسماء صافية. لكن هذه المرة، لم يكن هناك أثر لقرية الظلال من الأساس… الطريق خلفهم كان يمتد في صحراء قاحلة.

نظروا إلى بعضهم، وكانت الملامح نفسها… لكن العيون؟ لم تكن عيونهم.                                               يتبع …………………..

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

7

متابعهم

3

متابعهم

1

مقالات مشابة
-