منزل الأشباح في قرية الظلال -الجزء الخامس -عبور إلى عالم الظلال

منزل الأشباح في قرية الظلال -الجزء الخامس -عبور إلى عالم الظلال

0 المراجعات

                                                                                                                                                       منزل الأشباح في قرية الظلال الجزء الخامس …. 
بعد أيام من المواجهة الأخيرة في القرية، قرر الأصدقاء الباقون – أحمد، ليلى، وكريم – أن يبتعدوا عن القرية قدر المستطاع. لكن ما حدث لم يبقَ حبيس ذكرياتهم. في كل مدينة وصلوا إليها، كانت هناك علامات غريبة تتبعهم: ظلال تتحرك عكس اتجاه الضوء، همسات تخرج من المرايا، وأحيانًا، انعكاسات لا تطابق حركاتهم.

في إحدى الليالي، أثناء إقامتهم في فندق قديم على أطراف مدينة ساحلية، طرق باب غرفتهم شاب يُدعى زياد، قال إنه باحث في الظواهر الغامضة، وإنه يعرف عنهم أكثر مما يعرفون عن أنفسهم. بدا أنه يملك دفترًا مشابهًا للذي وجدوه في المنزل، لكنه كان مكتمل الصفحات. أخبرهم أن الكيان الذي يطاردهم ليس مرتبطًا بالمنزل وحده، بل هو جزء من "شبكة ظلال" تغطي أماكن متعددة في العالم، وكل من يوقظه يصبح جزءًا من لعبته الأبدية.

لم يكد ينهي كلامه، حتى انقطع التيار الكهربائي في الفندق، وامتلأ المكان بصوت خطوات بطيئة على الأرضية الخشبية. في الظلام، ظهرت فتاة غامضة تُدعى هالة، ترتدي ثوبًا أسود ممزقًا وعيناها خاليتان من الحياة. زياد قال بصوت متوتر:
"هي ليست بشرية… هي رسول الكيان."

بدأت هالة تتقدم ببطء، والظلام من حولها يلتف مثل موجة دخان ثقيل. حاول أحمد إشعال ولاعته، لكن اللهب انطفأ فورًا وكأن الهواء نفسه يرفض النور. ليلى أمسكت بالدفتر القديم، وأحست بحرارة مفاجئة تنبعث من صفحاته، لتجد أن الكلمات تُعاد كتابتها أمام أعينها بخط أسود غامق:
"أنتم الآن داخل أرض الظلال… والخروج لن يكون كما دخلتم."

فجأة، انهار جدار الغرفة كأنه ورقة محترقة، وخلفه لم يكن هناك الشارع أو البحر، بل فضاء مظلم بلا نهاية، تتخلله أضواء بعيدة تتحرك مثل عيون عملاقة. شعروا بقوة غير مرئية تدفعهم إلى الداخل، بينما زياد يصرخ:
"إذا دخلنا… لن نعود كما نحن!"

لكن الوقت لم يسعفهم للاختيار، إذ سقطوا جميعًا في هذا الفراغ، وهم يسمعون ضحكات الكيان تتردد بلا توقف.

حين فتحوا أعينهم، وجدوا أنفسهم في قرية تشبه قريتهم… لكن كل شيء فيها كان مقلوب الألوان، السماء رمادية، والشمس سوداء، والمنازل تتهشم ببطء وكأن الزمن يلتهمها. وسط الساحة، كان هناك باب خشبي ضخم يقف بلا جدران أو بيت، ومن خلفه يخرج ضوء أحمر نابض.

قالت هالة بصوت مسموع هذه المرة:
"هنا… تبدأ اللعبة الحقيقية."

وقبل أن يسأل أحدهم أي شيء، بدأ الباب يُفتح ببطء، ومن داخله خرجت شخصيات لم يروها من قبل… لكن ملامح بعضها كانت مألوفة بشكل مرعب، وكأنها نسخ مشوهة منهم أنفسهم.
تجمّد قلبي حين انطفأت المصابيح فجأة، وغرق المكان في ظلام حالك. لم أسمع سوى صوت أنفاسي المتسارعة وارتجاف الأرض من وقع خطواتٍ بطيئة تتقدّم نحوي. حاولت أن أمدّ يدي لأبحث عن مخرج، لكن شيئًا باردًا لزجًا لامس أصابعي، وكأنني لمست جلدًا ميتًا ما زال يحتفظ بحرارة زائلة.

بدأت الجدران تصدر صريرًا غريبًا، كأنها تتنفس ببطء، وأقسم أنني سمعت همسات مكتومة قادمة من داخلها، همسات تتكرر باسمي كأنها تعرفني منذ زمن بعيد. في تلك اللحظة ومض ضوء خافت عند نهاية الممر، فاندفعت نحوه بكل قوتي.

لكن ما إن اقتربت حتى رأيت الباب الخشبي نصف المفتوح… وبداخله انعكس ظلي على الحائط، رغم أني لم أدخل بعد. كان ظلي يتحرك وحده، يلوّح لي بيده الباردة وكأنه يدعوني للالتحاق به. تجمدت قدماي، وشعرت بشيء يزحف خلفي، أنفاس حارة وضغط ثقيل على كتفي.

صرخت دون وعي، وفجأة… عاد الضوء بقوة، وعاد البيت ساكنًا كأن شيئًا لم يحدث. الغبار يتطاير، والأثاث قديم متآكل، ولا أثر لأي حركة أو ظل. للحظة اعتقدت أنني كنت أتوهم.

لكن حين نظرت إلى يدي، وجدتها ملطخة بطبعات أصابع سوداء، عميقة كأنها حُفرت في جلدي. كانت الطفلة الصغيرة تقف في آخر الغرفة، تنظر إلي بعينين مظلمتين لا قاع لهما. رفعت يدها ببطء، وأشارت إلى السقف…

رفعت رأسي، لأجد عشرات الوجوه المعلقة على السقف، وجوه متعفنة تحدق بي، تتحرك شفاهها دون صوت، وكأنها تهمس بسرّ لا يريد أن يُقال.

ثم… انطفأ كل شيء من جديد.     يتبع …. 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

5

متابعهم

1

متابعهم

1

مقالات مشابة