حب طويل وفراقٌ صعب
حب طويل وفراق صعب
الحب مش مجرد كلمة بنقولها، ولا شعور عابر ييجي ويمشي. الحب الحقيقي بيبقى زي رحلة طويلة، نبدأها من أول نظرة أو كلمة بسيطة، ونلاقي نفسنا ماشيين فيها من غير ما نحس بالمسافة. كل يوم يعدي وإحنا في حضن الحب بيضيف معنى جديد لحياتنا، يخلي الدنيا أسهل، واللحظات أبسط، ويخلينا نعيش وكأننا في حكاية مش عايزينها تخلص.
الحب الطويل مش بس عاطفة، ده تاريخ بين اتنين. ذكريات بتتخزن جوه القلب، أماكن بتشهد على ضحكاتهم، وأوقات صعبة قدروا يعدّوها سوا. في وجود الحبيب، كل حاجة بتبقى أسهل. حتى المشاكل اليومية بتذوب، والمخاوف بتقل، لأن مجرد وجوده جنبك كفيل يطمنك. الحب الطويل بيخلي الاتنين نسخة مختلفة من نفسهم، أحنّ، أهدى، وأكتر نضجًا.
مشكلة :
لكن المشكلة إن الدنيا مش دايمًا بتمشي على هوانا. في لحظة ممكن ييجي الفراق من غير مقدمات. الفراق بعد حب طويل مش زي أي فراق تاني. هو مش غياب شخص وبس، هو غياب نصف حياة. فجأة تلاقي نفسك واقف لوحدك قدام تفاصيل كنت متعود تشاركها. الضحكة بقت ناقصة، البيت بقى أهدى من اللازم، والأغاني بقت توجع بدل ما تفرّح.
اللي جرب يفارق بعد حب طويل عارف قد إيه الذكريات بتتحول من مصدر سعادة لجرح بينزف. أغنية كنتوا تسمعوها سوا تقدر تبكيك، ركن في الشارع كنتوا توقفوا عنده يوجعك، حتى ريحة عطر بسيطة ممكن ترجّعك للي فات كله. والوجع الحقيقي مش في الذكريات نفسها، لكن في الإحساس بالعجز… إنك مهما حاولت، عمرك ما هتعرف تمسح اللي اتحفر جواك.
ورغم إن الفراق بيكسر القلوب، إلا إنه بيعلّمنا. يعلمنا نصبر ونستوعب إن الحب مش دايم، لكن أثره دايم. يعلمنا إن اللي بيحب بجد عمره ما بينسى، حتى لو الدنيا بعدتهم. الفراق بيخلي الواحد يعرف قيمة اللحظة اللي كانت في إيده وما قدّرش يحافظ عليها، ويديله درس إن كل حاجة في الدنيا مؤقتة، لكن أثرها بيعيش جوانا.
الحب الطويل والفراق الصعب زي مدرستين. الأولى بتعلّمنا معنى السعادة الحقيقية، والثانية بتورينا معنى القوة والصبر. الأولى بتفتح قلبنا وتدينا أمل، والتانية بتكسره وتخلينا نعرف إن مش كل اللي بنتمناه بيحصل. لكن في الحالتين، إحنا بنتغيّر، وده في حد ذاته مكسب.
أحيانًا، الفراق بيكون غصب عننا. ظروف أقوى مننا، سفر بعيد، مرض، أو حتى نصيب مش مكتوب. ساعتها بنكتشف إن الحب مش بس وجود الشخص، لكنه ذكرى باقية، وإحساس صادق ما بيتنسيش. يمكن الحب يخلص على أرض الواقع، لكن في قلوبنا يفضل حيّ، يزورنا في أحلامنا، أو في لحظة حنين، أو في دمعة بتنزل من غير ما نحس.
وفي المقابل، الحب اللي ييجي ويخلص بسرعة ما بيسيبش نفس الأثر. لكن الحب الطويل بيبقى زي وشم على الروح، مهما حاولنا نخفيه يفضل باين. هو اللي يخلينا نفتكر إننا كنا أحياء بجد، وإن قلبنا دقّ بأجمل طريقة ممكنة، حتى لو انتهت القصة.
الحب مش لازم نهايته تبقى "سعيدة" زي الأفلام. ممكن يخلص بفراق صعب، لكن يسيب جوه كل واحد مننا حكاية تستاهل تتحكي، وتجربة نستند عليها في باقي العمر. يمكن الفراق يوجع، لكن الحب اللي عشناه يفضل عزاء، يفضل دليل إننا قادرين ندي من غير حدود.
وفي النهاية، الحب الطويل والفراق الصعب هما وجهين لحقيقة واحدة: إن الحياة مليانة لقاءات ووداعات، مليانة بدايات جميلة ونهايات مرة. لكن الأكيد إن الحب، مهما انتهى، يفضل أجمل ما عشناه. يفضل بصمة جوا القلب، ذكرى بتضحكنا مرة وتبكينا مرة، لكنه في كل الأحوال يثبت إننا بشر… نحب، ونتألم، ونعيش.
