من وجعِ السقوطِ ومرارةِ الخذلانِ يولدُ الأملُ من جديد

من وجعِ السقوطِ ومرارةِ الخذلانِ يولدُ الأملُ من جديد

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات
image about من وجعِ السقوطِ ومرارةِ الخذلانِ يولدُ الأملُ من جديد

الفصلُ الأولُ: بدايةُ الانكسارِ

 جلسَ "رامي" أمامَ نافذةِ غرفتهِ يتأملُ أضواءَ الشارعِ الباهتةَ. منذُ شهرين فقط، كانَ يعيشُ حياةً مستقرةً، يعملُ في شركةٍ صغيرةٍ، ويخطّطُ للزواجِ من فتاةٍ أحبّها منذُ الجامعةِ.
لكنَّ كلَّ شيءٍ انهارَ فجأةً بعدَ إعلانِ إفلاسِ الشركةِ وتسريحِ الموظفينَ. لم يتوقّعْ أنَّ مكالمةً واحدةً من مديرهِ ستغيّرَ مجرى حياتِه كلّها.
جلسَ على سريرِه المتهالكِ، يراجعُ في ذهنهِ الأسابيعَ الماضيةَ، وكأنَّه يشاهدُ فيلماً حزيناً عن نفسِه.

image about من وجعِ السقوطِ ومرارةِ الخذلانِ يولدُ الأملُ من جديد

الفصلُ الثانيُ: سقوطٌ بعدَ سقوطٍ

لم يكنْ فقدانُ العملِ هو الأسوأَ، بل كانتِ الخيبةُ التي شعرَ بها من أقربِ الناسِ إليهِ.
حينَ صارَ بلا دخلٍ، بدأتْ خطيبتُه تتغيّرُ. في البدايةِ كانتْ تقولُ كلماتٍ مشجّعةً، ثمَّ صارتْ تبتعدُ بصمتٍ، حتى جاءَ اليومُ الذي أرسلتْ فيه رسالةً قصيرةً تقولُ فيها:
"آسفةٌ يا رامي، لا أستطيعُ الاستمرارَ أكثرَ."
قرأَ الجملةَ مراراً حتى كادتْ عيناُه تنطفئانِ من الدموعِ. شعرَ أنَّ الأرضَ تخلّتْ عنهُ، وأنَّه لم يعدْ يملكُ شيئاً يربطهُ بالحياةِ سوى أنفاسِه المتقطّعةِ.

image about من وجعِ السقوطِ ومرارةِ الخذلانِ يولدُ الأملُ من جديد

الفصلُ الثالثُ: يدٌ تمتدُّ من الظلامِ

في إحدى الليالي، خرجَ هائماً على وجهِه بلا هدفٍ. كانتِ المدينةُ هادئةً إلا من خطواتِ المارةِ وصوتِ الريحِ الباردِ.
جلسَ على مقعدٍ في حديقةٍ صغيرةٍ، وهناكَ اقتربَ منهُ رجلٌ خمسينيٌّ يحملُ كوبَ قهوةٍ. قالَ له بلطفٍ:
"تبدو مرهقاً يا بُني، هل أنتَ بخيرٌ؟"
لم يجبْ رامي، فاكتفى الرجلُ بالجلوسِ قربَه. بعدَ لحظاتٍ من الصمتِ، قالَ بصوتٍ عميقٍ:
"الحياةُ يا ولدي لا تُنصفُ أحداً دائماً، لكنها تُكافئُ من يصبرُ حتى النهايةِ."
رفعَ رامي رأسَه، فابتسمَ الرجلُ وأضافَ:
"أنا فقدتُ كلَّ شيءٍ ذاتَ يومٍ، لكنّي لم أفقدْ نفسي. وحينَ تمسّكتُ بها، عادَ كلُّ ما كنتُ أظنّهُ ضاعَ."

الفصلُ الرابعُ: بدايةُ النهوضِ

عادَ رامي إلى بيتِه وفي قلبِه شيءٌ جديدٌ يشبهُ الشعلةَ الصغيرةَ. قرّرَ أن يبدأَ من جديدٍ، فباعَ بعضَ أغراضِه واشترى آلةً للطباعةِ، وبدأَ يصنعُ تصاميمَ بسيطةً ويبيعُها عبرَ الإنترنتِ.
مرّتِ الأيامُ ببطءٍ، لكنَّه تعلّمَ من كلِّ خطوةٍ. بدأَ عملُه ينمو تدريجياً، وبدأَ الناسُ يعرفونهُ بجهدهِ لا بماضيه.

image about من وجعِ السقوطِ ومرارةِ الخذلانِ يولدُ الأملُ من جديد

الفصلُ الخامسُ: شمسٌ بعدَ العاصفةِ

بعدَ عامٍ كاملٍ، وقفَ رامي في المكانِ نفسهِ الذي جلسَ فيه يوماً يائساً، لكنهُ هذهِ المرّةَ كانَ يحملُ كوبَ قهوتهِ بثقةٍ وابتسامةٍ واسعةٍ.
لم يعدْ يحملُ وجعَ الأمسِ، بل امتناناً لكلِّ ما حدثَ.
لقد فهمَ أنَّ الخسارةَ لم تكنْ نهايةً، بل كانتْ الطريقَ الحقيقيَّ لبدايتِه الجديدةِ.
رفعَ رأسَه نحوَ السماءِ وقالَ بصوتٍ خافتٍ:
"شكراً يا ربّ، لأنَّ الظلامَ كانَ فقط بوابةَ النورِ."

image about من وجعِ السقوطِ ومرارةِ الخذلانِ يولدُ الأملُ من جديد

الخاتمةُ: حينَ يتكلّمُ الأملُ بعدَ الصمتِ

تعلمَ رامي أنَّ الحياةَ لا تُقاسُ بما نملكُ، بل بما ننهضُ به بعدَ السقوطِ. وأنَّ الخذلانَ ليسَ نهايةَ الطريقِ، بل اختبارٌ يُعيدُ ترتيبَ قلوبِنا ويُعرّفُنا على قوتِنا الحقيقيةِ.
فمن رحمِ الألمِ يولدُ الصبرُ، ومن بينِ الانكسارِ يولدُ الإصرارُ، ومن عمقِ الظلامِ يولدُ النورُ الذي لا يُطفأ.
تلكَ هيَ سنّةُ الحياةِ التي لا تتبدّلُ: كلُّ سقوطٍ يحملُ في طيّاتِه بدايةَ نهوضٍ جديدٍ، وكلُّ نهايةٍ تهمسُ لنا أنَّ الأملَ... ما زالَ حيّاً في مكانٍ ما من أرواحِنا.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

6

متابعهم

12

متابعهم

37

مقالات مشابة
-