
أنت لست إبنى .. أنت إبن قلبى (قصة حقيقيه لكفالة طفل يتيم )

🍁 نبذة قبل بداية القصة :
إن من أكثر الأشياء التى تترك أثراً عميقاً فى قلب الطفل هى فقدّ الأب . نعم ولم لا ؟ فهو يمثل الكثير ويعنى الأكثر فى الأسرة . فهو الأمن والأمان والحامى المدافع بكل ما أوتى من قوة لتدارك مصاعب الحياة . وهو القائم على شؤون الأسرة وتلبية مطالبها .
ومن جهة أخرى بعد فقدّ الأب يأتى دور الأم التى تتحمل كل هذه الأعباء والمسؤليات بكل رضى بقضاء الله وقدره . تكرّس أوقاتها وطاقتها وكل ماتملك للوصول بهؤلاء الأطفال إلى الملاذ الآمن فى الحياة
🌹يقول صاحب القصة 🌹
فقدتُ والدي وأنا طفل صغير ، وكنتُ أظن أن الحزن لا يرحل أبدًا. كانت أمي هي القوة التي أبقتنا واقفين رغم الغياب ، علمتني أن الألم لا يُنسى، لكنه يمكن أن يتحول إلى طاقة تمنحنا القدرة على العطاء . ومع مرور السنين ، كنت أزداد يقينًا أن فقدي لأبي لم يكن نهاية الحكاية ، بل بدايتها .
☘️تمهيد اللّٰه لتحقيق الحلم :
حين تزوّجت ، وجدت في زوجتي راحةً تشبه دفء البيت القديم . كانت عطوفة ، صبورة ، وقلبها مليء بالحنان . بعد سنة من زواجنا ، رزقنا الله بطفلتنا الأولى ، فملأت حياتنا ضحكًا وحبًّا . وبعد أربع سنوات ، جاء ولدنا الثاني ليضيف مزيدًا من البهجة إلى البيت.
كانت حياتنا مستقرة وهادئة، لكن داخلي كان يحمل رغبة خفية لا أستطيع وصفها . وهى فكرة كفالة طفل آخر إلى أطفالى تزورني بين الحين والآخر ، فأحادث بها زوجتي ، لكنها كانت تتردد فى البداية ، تخاف من نظرة المجتمع ، ومن صعوبة المسؤولية .
☘️أهمية موافقة الزوجه:
كنت أتركها على راحتها، وأعود أحيانًا للحديث معها بلطفٍ عن هذا الموضوع بين الحين والآخر ، فأخبرها عن طفلٍ شاهدته في دار رعاية ، أو عن لحظةٍ لمست قلبي في برنامجٍ إنساني .
لأنى كنت لا أريد أن أقوم بأى خطوة دون التأكد من مشاعرها لأن عليها دور كبير فى حياة الطفل وهذا فى مصلحة الطفل نفسه .
وبعد مرور حوالى ثماني سنوات من زواجنا ، كنت أشعر أن الله يُمهّد قلبينا لشيءٍ جميل .
بدأت زوجتى فى الحديث مراراً كل فتره بل كانت تلح علىّ لنبدأ فى الإجراءات حينها أيقنت أن الوقت قد حان فقالت لى
"أظن أن الوقت حان لنمنح حبّنا لطفلٍ آخر يحتاجه."
لم أنطق، فقط نظرتُ إليها بعينين امتلأتا دموعًا، وعرفت أن الحلم صار قرارًا.
نعم فهذا القرار بناءً على مشاعر حب بحتّ دون مقابل أو شروط ، نابع من القلب ، ننحن بحاجه إليه أكثر من الطفل نفسه .
☘️ياصغيرى أنت الذى أنقذتنى :
حين ذهبنا إلى دار الرعاية لمشاهدة الطفل الذى لم يكمل عام من عمره بعد البحث كثيرا ، أحضروه لنا وكان ينظر لنا بعينين صغيرتين فيهما مزيج من الخوف والرجاء .
اقتربتُ منه ببطء، فرفع رأسه ومدّ يده الصغيرة نحوي. لم يقل شيئًا، لكن نظرته كانت كافية لتخبرني أنه وجد الأمان الذي كان يبحث عنه ، جلسنا معه فتره وإنصرفنا لحين أخذ القرار وفى الطريق كنّا ننظر لبعضنا البعض وكأن شئ بداخلنا يقول'' إنه طفلنا إبن قلوبنا كيف لنا أن نترك قطعه من قلوبنا ونرحل'' فأخذنا القرار وتمت الموافقه وإستلمناه .
☘️تحول الحلم إلى حقيقة:
بدأت أيامنا معه بشيء من الحذر ، ثم تحوّلت إلى ألفةٍ عميقة. أحبّته زوجتي كأنه قطعة من قلبها ، واحتضنه طفلانا كأخٍ لم يولد في بطن أمّهما ، بل في قلبها . كان يناديني "بابا" بعد أسابيع قليلة، وكل مرةٍ ينطقها كنت أشعر أن طفولتي المكسورة تُشفى يوماً بعد يوم من جديد .
واجهنا بعض التعليقات والهمسات، لكننا تعلمنا أن نبتسم ، لأن الحبّ الصادق لا يحتاج إلى تفسير . ومع مرور الوقت ، صار بيتنا أكثر دفئًا مما كان ، وكل من كان يعترض أو يتردد على القرار من الأهل أصبح بينه وبين الطفل حب غير طبيعى وتودد أودعه الله فى قلوبهم ، وكأن الله أضاف إلى أرواحنا ضوءاً جديداً يُنيرُ طريقنا فى الحياة.
الليلة، وأنا أراقب أطفالي الثلاثة نائمين، أشعر أن حياتي اكتملت. أقترب منه ، ألمس شعره ، وأهمس:
"يا صغيري، حين مددتَ يدك إليً ، لم أكن أنا من أنقذك… كنتَ أنت من أنقذني."
وهكذا، لم تكن حكايتي عن فقدٍ فقط، بل عن عطاءٍ أعاد للحياة معناها، وعن يدٍ صغيرةٍ أعادت ترتيب قلبي من جديد.