
محمد وحلمه الكبير
الحلم الكبير
الطفل الصغير
في قرية هادئة تحيط بها الجبال والحقول الخضراء، كان يعيش طفل صغير يُدعى محمد. كان محمد يتمتع بفضول لا يُضاهى، يقضي ساعات طويلة في اللعب بالمكعبات الخشبية التي صنعها له والده. كان يبني بها أبراجًا وجسورًا ومنازل صغيرة، ثم يتأملها وكأنه يرى فيها مستقبلًا ينتظره.
سألته والدته يومًا: "ماذا تبني يا محمد؟" فأجاب بحماس: "أبني مدينة كبيرة، وسأكون المهندس الذي يصممها!"
ضحكت والدته وقالت: "إذن يجب أن تدرس جيدًا لتصبح مهندسًا حقيقيًا."
ومنذ تلك اللحظة، أصبح حلم محمد واضحًا: أن يصبح مهندسًا كبيرًا يغير العالم.
الدراسة الجادة
كبر محمد قليلًا، وبدأ يرتاد المدرسة. كان طالبًا مجتهدًا، لا يكتفي بما يُطلب منه، بل يسأل ويبحث ويقرأ. كان يحب مادة الرياضيات والعلوم، ويجد فيها متعة التحدي والمنطق.
في أحد الأيام، بعد أن حصل على أعلى درجة في اختبار الرياضيات، قال له معلمه الأستاذ سامي: "أنت ذكي جدًا يا محمد. إن واصلت بهذا الاجتهاد، ستصل إلى ما تحلم به."
شعر محمد بالفخر، وعاد إلى منزله وهو يحمل ورقة الاختبار كأنها وسام شرف. علّقها على جدار غرفته بجانب رسوماته الهندسية الصغيرة
التحديات
لم يكن الطريق سهلًا. واجه محمد صعوبات كثيرة، منها ضعف الإمكانيات في المدرسة، وانقطاع الكهرباء أحيانًا، وحتى نظرات بعض الأطفال الذين لم يفهموا شغفه.
لكن محمد لم يستسلم. كان يقول لنفسه كل صباح: "سأحقق حلمي مهما كانت الصعوبات." وكان يكتب هذه العبارة على دفاتره، لتكون شعاره اليومي.
في إحدى الليالي، جلس مع والده وقال له: "أريد أن أدرس الهندسة، لكنني خائف من أن لا أتمكن من دخول الجامعة."
أجابه والده بابتسامة حنونة: "من يعمل بجد، يصل. وأنا أؤمن بك يا بني."
الجامعة
وبالفعل، نجح محمد في اجتياز امتحان البكالوريا بتفوق، والتحق بكلية الهندسة في المدينة. كانت الجامعة عالمًا جديدًا بالنسبة له، مليئًا بالتحديات والفرص.
شارك في الأنشطة الطلابية، وتعرف على زملاء من مختلف المناطق. أصبح محبوبًا بينهم بسبب أخلاقه واجتهاده. كان يقضي ساعات في المكتبة، يقرأ عن الجسور والمباني الذكية والطاقة المتجددة.
قال له أحد زملائه: "أنت لا تدرس فقط، أنت تعيش الهندسة!"
المشروع الكبير
في السنة الأخيرة، طُلب من الطلاب تنفيذ مشروع تخرج. اختار محمد تصميم جسر حديث يربط بين ضفتي نهر في منطقته الريفية. عمل على المشروع ليلًا ونهارًا، مستخدمًا كل ما تعلمه.
عندما عرض مشروعه أمام اللجنة، قال له المشرف الدكتور فؤاد: "مشروعك رائع يا محمد. لقد دمجت الإبداع بالعلم."
شعر محمد أن حلمه بدأ يتحقق.
النجاح
تخرج محمد بتفوق، وحصل على وظيفة في شركة هندسية مرموقة. بدأ يشارك في مشاريع حقيقية، ويبني جسورًا ومباني ومدارس. أصبح اسمه معروفًا في الوسط الهندسي، وتلقى دعوات للمشاركة في مؤتمرات دولية.
قال في أحد اللقاءات: "الحلم الكبير يمكن تحقيقه بالعمل الجاد، والإيمان بالنفس."
المسؤولية
بعد سنوات من الخبرة، أصبح محمد مديرًا لمشاريع ضخمة. كان يقود فرقًا هندسية، ويشرف على تنفيذ خطط معقدة. لم ينسَ أبدًا بداياته، وكان دائمًا يشجع الشباب على المثابرة.
قال له أحد المهندسين الجدد: "أنت قدوتنا يا أستاذ محمد."
فأجابه: "أنا كنت مثلكم يومًا، لا شيء مستحيل."
الإرث
في نهاية مسيرته، قرر محمد أن يؤسس مركزًا لتعليم الهندسة للأطفال في قريته. أراد أن يزرع فيهم الحلم الذي حمله منذ الصغر.
قال في افتتاح المركز: “الحلم الكبير يمكن أن يكون حقيقة، إذا آمنّا به وعملنا لأجله.”
وهكذا، لم يكن محمد مجرد مهندس، بل كان صانع أحلام، وملهمًا لأجيال قادمة.