حكايتى مع الدولاب المسكون
كان يوم مهبب يوم ما قررت أغير دولاب أوضتي عشان الدرفة بتاعته اتكسرت، من يومها وأنا كل حاجة في حياتي بقت عجيبة وغريبة، بقيت عايشة جوة عالم تاني، وبشوف وبيحصل لي حاجات أعجب من الخيال!!.
من حوالي اسبوع كلمت واحدة جارتنا على دولاب جديد، بما أن جوزها عنده محل موبيليا وبيبع حاجات مستعملة، فقولت يعني يشوف لي دولاب صغير كده ويكون سعره وحالته كويسين بدل دولابي اللي داب ومبقاش فيه حتة سليمة، لكن لما ماما عرفت أني كلمتها اضايقت وزعقت، واتشنجت عليا وفضلت تقولي بعصبية:
_ ما أنتي عارفة أنهم مش كويسين، وأمها كانت باعمل دجل وسحر وأعمال، والتعامل معاهم شُبهه لوحده..
حاولت امتص غصبها وفهمتها ان ده كان من زمن والست ماتت وايمان بنتها مختلفة وملهاش علاقة بأفعال أمها. وقدرت فعلا أقنعها حتى لو هي عملت نفسها مقتنعة بس في الآخر الموضوع كله مجرد عرض وطلب، هتجيب لي الدولاب وتاخد تمنه والموضوع خلص..
وفعلا في خلال 3 أيام كان الدولاب عندي واتركب في أوضتي وكل حاجة بقيت تمام، أو افتكرت ان كل بقت تمام، الدولاب جه واتركب والنجار مشي وكانت الساعة 10 بليل وكنت تعبانة طول اليوم من شغل البيت، قولت اريح وبكرة هبقى أرص هدومي في الدولاب، فردت جسمي على السرير ويا دوب عنيا غفلت، وبعد ثواني اتفزعت على صوت خبط جاي من الدولاب!!..
فتحت عيني وقومت اتعدلت إلا إن الصوت اختفى، فقولت لنفسي أكيد حاجة خبطت عند الجيران، فردت جسمي تاني وغمضت عنيا، وساعتها سمعت صوت الخبط تاني!!، كان جاي من جوه الدولاب!، كأن حد عايزني افتح له!!، قومت بسرعة من على السرير وقربت من الدولاب، وسمعت صوت طفل بيعيط جوه!!، كنت حاسة اني تايهة، مغيبة، مش عارفة اصرخ ولا اعيط ولا اجري ولا كل دي تهيؤات ولا أنا بحلم؟!!، لكن صوت عياط الطفل فضل مستمر، ولقيت نفسي بلا ارادة بفتح الدولاب ببطئ وانا ايدي بتترعش، ولما فتحته لقيت لبانة لازقة على واحد من الرفوف وكلها شعر وليها ريحة وحشة جدا!!، واستغربت جدا من وجودها، وروحت المطبخ جبت سكينة عشان أشيل اللبانة لأنها كانت لازقة بقوة في الخشب، لأني حاولت اشيلها بايدي ومعرفتش، ولما جبت السكينة ورجعت ملقتش حاجة!!، فقولت انا اعدي الليلة دي بأي طريقة، أنا اكيد من التعب والارهاق بقى بيتهيألي حاجات مش موجودة ويمكن ده عقلي الباطن نتيجة لكلام امي عن ايمان وأمها، وروحت أوضة أمي ونمت فيها...
تاني يوم كانت الأمور عادية، وقومت روقت الشقة ورصيت هدومي في الدولاب وشيلت من بالي أي أفكار غريبة واتناسيت الموقف اللي حصل بليل، وعدى اليوم ودخلت بليل عشان أنام في أوضتي، وسيبت الباب موارب كالعادة، فردت جسمي وغمصت عنيا، وبمجرد ما غمضت عنيا حسيت إن السرير بيتهز!!، كأن فيه زلزال، بصيت جمبي كان فيه ازازة ماية على الطرابيزة اللي جمب سريري ولقيتها ثابتة مبتتهزش، لكن السرير كان لسه بيتهز!!، جيت اقوم حسيت اني متكتفة، كأني اتشليت، جسمي كله سايب ومش حاسة بيه نهائي!!، فجأة الباب اتقفل لوحده، وسمعت صوت الطفل بيعيط من جوه الدولاب، وفجأة الصوت اتحول من طفل لصوت ست عجوزة بتعيط وبتضحك في نفس الوقت!!..
كنت حاسة إن قلبي هيقف من الخوف، مش مصدقة ان اللي بيحصل ده حقيقي!، حاولت افوق نفسي وأقرأ قرآن لساني اتعقد!!، مكنتش قادرة انطق حرف واحدة حتى، والدولاب اتفتح!!، وخرج منه طيف أسود زي الدخان بس ليه هيئة غريبة!!، قرب مني وانا بحاول اصرخ، وظهرت سنانه البشعة وهو وشه في وشي، وفجأة صرخت وصحيت من النوم!!، ولقيت باب الأوضة
مقفول وباب الدولاب مفتوح!!!!....
قومت من على السرير وانا مفزوعة، ولما استرديت الوعي لقيت الشمس طلعت، وسمعت امي بتنادي وبتقولي:
_ اصحي بقى يا شروق بقينا دخلين على الضهر..
فتحت باب أوضتي وانا مش مصدقة انه اتقفل فعلا، خرجت بره الأوضة ولقيت أمي في الصالة وأول ما شافتني سكن ملامحها الاستغراب وقالت:
_ هو انتي لابسة الجلابية بالمشقلب ليه؟، ليه لابسة الجلابية على ضهرها!، وبعدين تعالي كده قربي وريني ايه اللي في شعرك ده!!..
كلامها كان مرعب أكتر، بصيت على هدومي ولقيت كلامها صح!، الجلابية عليا بالمشقلب!!، قربت منها وقالت لي:
_ ايه اللبانة اللي لازقة في شعرك دي؟!..
هو في ايه؟، انا مش مطمنة..
معرفتش اقولها ايه، سكت من كتر الخوف، مسكت هي المقص وسالت اللبانة وقالت لي بغضب:
_ روحي غيري هدومك وتعالي يلا عشان تساعديني..
عملت اللي هي قالت عليه واتلهيت طول اليوم في شغل البيت والأكل وفي الاخر اليوم خوفت انام في اوضتي فدخلت نمت في أوضة أمي، كعادة كل يوم بما اننا بنشتغل في الأكل البيتي فأمي بتقوم من الفجر تحضر وانا بكمل وراها، فبيجي الليل مبكونش قادرة اتحرك، وده كان كويس عشان مفكرش في اللي بيحصل وانساه، ونمت، وصحيت مفزوعة على صوت أمي بتصرخ!!.
خرجت من الأوضة لقيتها واقفة قدامي اوضتي وجسمها بيترعش، وباب اوضتي مفتوح وباب الدولاب كمان، ولقيتها بتقولي وهي ما زالت بتترعش:
انا شفت واحد واقف جوه الأوضة!!، كان عامل زي الخيال وعنيه بيضا، وهو اسود وعامل زي الدخان..
هديتها وشغلت قرآن وانا اصلا من جوايا بموت من الخوف، بس في نفس الوقت مش عايزة اسلم نفسي للاوهام، الفجر أذن فصلينا وبدأنا نطمن، ولما نور الشمس طلع قومنا شوفنا اللي ورانا، وكان الاحساس بينا متبادل، كل واحد فينا جواه خوف ومش عايز يتكلم عشان ميخوفش التاني أكتر، واتلهينا في الشغل واليوم عدى زي اللي قبله، وفي اخر اليوم لقيت أمي بتقولي بخوف:
_ أنا مش مطمنة للدولاب ده، أنا حاسة ان فيه حاجة، الناس دول مش كويسين وكان زمان بينا مشاكل، واكيد البنت طالعة لأمها، ودول طبع الأذية فيهم مش محتاج لأي دافع، فما بالك باللي كان بينهم مشاكل، الأحسن نبيع الدولاب ده خالص، كفاية اللي أنا شوفته والرعب اللي حسيت بيه، أنا أول مرة اشوف حاجة زي دي في الشقة هنا بعد العمر ده كله...
كلام أمي كان مقنع جدا، وفعلا اللي عاش واتربى على حاجة عمره ما هيغيرها ابدا، وبما ان كان فيه فعلا مشاكل زمان فده دليل كبير ان ايمان عملالي حاجة في الدولاب ده، طمنت أمي وقولتلها اني هبيعه، هنزل الصبح اشوف حد يشتريه او لو عدى حد من بتوع الروبابيكيا او اللي بيشتروا الخشب... ودخلت أوضتي شغلت القرآن وفضلت قاعدة على السرير، بعد ساعة تقريبا وانا سرحانة التليفون فصل شحن!!، وفجأة النور قطع، والدولاب اتفتح وخرجت منه واحدة ست عجوزة شكلها بشع ومرعب ودميم، كانت تشبه الست ام ايمان، وعمالة تعيط وتضحك في نفس الوقت بصوت يخلع القلب، وسمعت أمي بتصرخ في اوضتها وأنا مكنتش قادرة اتحرك من مكاني!!!، فضلت الست تقرب مني وعلى وشها غضب الكون كله، وأنا كنت بحاول اسيطر على رعشة جسمي وخوفي وبحاول أقرأ أي آية من القرآن، لحد ما قدرت اسيطر على نفسي وقريت آية الكرسي، والنور رجع تاني ولقيت أمي جاية بتجري عليا وبتقولي وهي مرعوبة:
_ في حاجة مش طبيعية بقت في البيت، ابوس ايدك لازم نبيع الزفت ده ...
قومت قفلت باب الأوضة وخدتها ودخلنا أوضتها، وفضلت احكيلها على كل حاجة وأنا صوتي بيترعش ومش قادرة اتلم على اعصابي، فقالت وهي مخضوضة:
_ أنا كان عندي حق، انا أصلا من الأول قلبي مش مطمن..
فضلنا قاعدين نطمن بعض لحد الفجر ما أذن وصلينا والنور بتاع الصبح طلع، حاولنا ننسى وكملنا شغلنا، ولما الضهر أذن نزلت جبت النجار فك الدولاب وقالي أنا هاخده مدام عايزة تبيعيه، وفعلا خده وريحني منه، وفضلت أسأل نفسي:
برغم ان الست ماتت وايمان عارفة ومتأكدة أن أمها خسرت الدنيا والآخرة إلا أنها متعظتش ولسه مكملة في طريقها بارتياح، واستغربت ازاي في فصيل من البشر، قادر يبقى مرتاح كده وهو بيصدر الشر والأذى لكل اللي حواليه، بدافع ومن غير دافع، ده كمان بيستلذ بالشر ده من غير ما يحس ولو للحظة بأي تأنيب ضمير!!..
من يوم ما بيعنا الدولاب والخوف جوانا قل ومبقناش نوشوف حاجات غريبة، بس الكوابيس والاحساس السئ بالضيق أحيانا ملازمنا، وده خلانا نسأل ونحكي لشيخ قريب مننا، فقال أن ده طبيعي، ولازم نحافظ دايما على التحصين، ونجتنب الناس ونحذر من اللي حواليهم شبهة أو سمعة مش كويسة أو متجمعناش بيهم علاقة كبيرة، ومن يومها واحنا ملتزمين بكلامه، وكل ما الوقت بيفوت واحنا مواظبين، كل ما الأحساس السئ بيزول..
تمت..
الدولاب
لو الحكايه عجبتك تقيمك ليا هيفرق كتير