علي والبيت المهجور

علي والبيت المهجور

0 المراجعات

علي والبيت المهجور 

image about علي والبيت المهجور

في ليلة مظلمة وهادئة، قرر "علي" أن يقضي عطلة نهاية الأسبوع في منزل جده القديم الذي يقع في قرية نائية. كان البيت معروفًا بقصصه الغريبة والمخيفة التي تناقلها أهل القرية جيلًا بعد جيل. رغم التحذيرات الكثيرة التي سمعها علي، قرر أن يتحدى نفسه ويستكشف المنزل الذي لم يزره منذ سنوات طويلة.

وصل علي إلى المنزل في المساء، وقد بدأت الشمس تغرب، مغطية القرية بظلال طويلة ومرعبة. كانت الأبواب والنوافذ تصدر أصوات خشخشة عندما تهب الرياح الباردة عبرها، مما أضفى على المكان جوًا من الرهبة.

دخل علي المنزل وبدأ يتجول في الغرف، مستعيدًا ذكريات طفولته. كانت الأثاث مغطاة بطبقة سميكة من الغبار، والستائر الثقيلة تسد معظم النوافذ، مما جعل الداخل مظلمًا. قرر علي إشعال بعض الشموع التي وجدها في المطبخ لتضيء له الطريق.

بينما كان يتنقل بين الغرف، وصل إلى غرفة المعيشة حيث وجد صندوقًا قديمًا مغلقًا بقفل صدئ. أثار الصندوق فضول علي فبحث عن مفتاح في الأدراج القديمة حتى وجده بعد عناء. فتح الصندوق بحذر واكتشف مجموعة من الرسائل القديمة والصور الفوتوغرافية التي تعود إلى زمن بعيد.

أثناء قراءته للرسائل، اكتشف علي أن جده كان مهتمًا بالسحر والشعوذة، وكان يجري تجارب غريبة في المنزل. ذكر في إحدى الرسائل أنه استدعى كائنًا غريبًا من عالم آخر، وأن هذا الكائن أصبح مرتبطًا بالمنزل.

مع كل كلمة يقرأها علي، شعر بوجود شيء غريب حوله. بدأت الأصوات تزداد من حوله، وبدأت الأبواب تغلق وتفتح من تلقاء نفسها. شعر علي بالخوف ولكن فضوله دفعه لمواصلة القراءة.

في إحدى الرسائل، كتب جده عن طقس معين يجب أن يتم في ليلة معينة لإعادة الكائن إلى عالمه. تصادف أن تلك الليلة هي الليلة التي كان فيها علي في المنزل. قرر علي تنفيذ الطقس لإنهاء هذا الكابوس.

جمع علي المكونات المطلوبة من الرسائل وبدأ الطقس في منتصف الليل. بدأ بترتيل الكلمات الغامضة، ولكن فجأة انقطعت الكهرباء وانطفأت الشموع. غمر الظلام المكان ولم يكن يسمع سوى صوت دقات قلبه وصدى كلماته.

شعر علي بوجود شيء يقترب منه في الظلام. حاول أن يشعل عود ثقاب ليرى ما حوله، لكن الرياح كانت تطفئه في كل مرة. شعر بيد باردة تمسك بكتفه، فالتفت بسرعة ولكنه لم ير شيئًا. بدأ الذعر يتسلل إلى قلبه، لكنه استجمع شجاعته وأكمل الترتيل.

بعد لحظات، انبعث ضوء خافت من وسط الغرفة وظهرت بوابة غامضة. من البوابة خرج كائن مظلم الشكل، عيونه تلمع بلون أحمر. نظر الكائن إلى علي بعمق وقال بصوت هادئ ولكنه مخيف: "أخيرًا، حان وقت الرحيل."

تقدم الكائن نحو البوابة ببطء، وعلي يراقبه بخوف ودهشة. عندما دخل الكائن البوابة، أغلقت فجأة وانبعث ضوء قوي ملأ الغرفة. عاد الهدوء إلى المكان واختفت الأصوات المخيفة.

تنفس علي الصعداء وعرف أنه نجح في طرد الكائن. لكنه قرر ألا يعود إلى هذا المنزل مرة أخرى. غادر المنزل في الصباح وعاد إلى المدينة، حاملًا معه قصة لن ينساها أبدًا عن ليلة في منزل جده القديم.image about علي والبيت المهجورimage about علي والبيت المهجورimage about علي والبيت المهجور

غادر علي المنزل عند بزوغ الفجر، وأخذ ينظر خلفه بين الحين والآخر، كأنه يتأكد من أن الكائن الغامض لن يعود لمطاردته. وصل إلى المدينة منهكًا، وحاول نسيان ما حدث بتشتيت ذهنه بالأعمال اليومية والدراسة، لكنه لم يستطع أن يتخلص من الذكريات المخيفة التي تراوده كل ليلة في أحلامه.

مرّت أسابيع، وبدأ علي يشعر بأن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث حوله. كان يسمع أصواتًا غريبة في الليل، ويرى ظلالًا تتحرك في زوايا الغرف. حاول إقناع نفسه بأن كل هذا مجرد أوهام نتيجة للتجربة المخيفة التي مر بها، لكنه لم يستطع التخلص من الشعور بأن هناك شيئًا خطيرًا يقترب.

قرر علي أن يزور أحد أصدقائه، واسمه "أحمد"، والذي كان مهتمًا بالسحر والشعوذة. سرد علي على أحمد كل ما حدث معه في منزل جده، طالبًا نصيحته. نظر أحمد إلى علي بجدية وقال: "من الممكن أن الكائن الذي طردته قد ترك أثرًا أو لعنة ما. علينا أن نتحقق من ذلك ونعرف كيف يمكننا التخلص منها."

اقترح أحمد أن يزوروا شيخًا معروفًا بقدرته على التعامل مع الأمور الخارقة للطبيعة. وافق علي على الفور، وذهبا معًا إلى الشيخ. استمع الشيخ إلى القصة بعناية ثم قال: "هناك احتمال أن الكائن لم يغادر بالكامل، وأن هناك جزءًا منه لا يزال مرتبطًا بك. سنحتاج إلى إجراء طقس تطهير للتأكد من ذلك."

بدأ الشيخ الطقس في منزل أحمد، مستخدمًا أدواته القديمة والتعاويذ الغامضة. جلس علي في وسط دائرة مرسومة على الأرض، والشيخ يدور حوله مرددًا كلمات غير مفهومة. بدأت الأجواء تصبح ثقيلة، وشعر علي بضغط غريب حوله، كأن هناك قوة تحاول دفعه بعيدًا.

فجأة، ظهر ظل مظلم في الغرفة، وبدأت الأصوات ترتفع وتزداد قوة. توقف الشيخ وأشار إلى علي ليبدأ بقراءة بعض التعاويذ التي أعطاها له. رغم خوفه، قرأ علي التعاويذ بصوت مرتجف. بدأت الظلال تتلاشى شيئًا فشيئًا، وانبعث ضوء خافت من جسد علي.

مع انتهاء الطقس، هدأت الأجواء وعاد الهدوء إلى المكان. نظر الشيخ إلى علي وقال: "لقد كانت هناك لعنة مرتبطة بك، لكنني أعتقد أننا نجحنا في تطهيرها. يجب أن تكون حذرًا في المستقبل، ولا تتورط في الأمور التي لا تعرف عنها شيئًا."

شعر علي بالراحة لأول مرة منذ عودته من منزل جده. شكر الشيخ وأحمد على مساعدتهما، وعاد إلى منزله وهو يشعر بالأمان. ومع مرور الأيام، بدأت حياته تعود إلى طبيعتها تدريجيًا، واختفت الأصوات والظلال المخيفة.

رغم كل ما حدث، قرر علي أن يظل بعيدًا عن أي شيء يتعلق بالسحر والشعوذة. تعلم درسًا قاسيًا، وأدرك أن بعض الأمور يجب أن تظل غامضة وغير مفهومة، وأن الفضول قد يقوده إلى مواقف خطيرة لا يستطيع السيطرة عليها.

ومع مرور الوقت، نسي علي تدريجيًا تلك الليلة المظلمة في منزل جده، لكنه لم ينسَ الدرس الذي تعلمه. عاش حياته بحذر، مبتعدًا عن الأمور الغامضة، محافظًا على السلام الذي وجده أخيرًا.

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة