صرخه من تحت الارض
في قرية نائية، محاطة بتلال قاحلة، عاش فتى يُدعى "يوسف" مع عائلته. اشتهر يوسف بشجاعته وحبه لاستكشاف الأماكن الغامضة. ذات يوم، بينما كان يلعب مع أصدقائه، سمع صوت صرخة مكتومة قادمة من باطن الأرض. لم يتردد يوسف، وانطلق وحده صوب مصدر الصوت، تاركاً أصدقائه خائفين.
قادته الصرخة إلى كهف مظلم، مدخله ضيق ومخيف. تسلل يوسف بداخله، مستعيناً بمصباح قديم. ازداد الظلام كثافة كلما توغل في عمق الكهف، ولم يعد يسمع سوى صوت قطرات الماء تتساقط من سقف الكهف. وفجأة، اصطدم يوسف بجدار صخري، وفُتح أمامه ممر ضيق.
استمر يوسف في سيره بحذر، وفؤاده يخفق خوفاً. وفجأة، لفت انتباهه ضوء خافت قادم من نهاية الممر. سار مسرعاً صوبه، حتى وصل إلى غرفة واسعة تحت الأرض. كانت الغرفة مليئة بالكتب القديمة والمخطوطات الغامضة، وفي وسطها، وجد يوسف هيكلاً عظمياً لفتاة صغيرة.
شعر يوسف بِرَعدة قوية تسري في جسده، وتملّكه شعور غريب بالخوف والرهبة. وفجأة، سمع صوتاً يهمس في أذنه: "أطلق سراحي... أطلق سراحي!". التفت يوسف حوله، لكنه لم يرَ أحداً. ازدادت حدة الهمس، وتحول إلى صرخة مدوية ملأت الغرفة.
فقد يوسف قدرته على التحكم بنفسه، وركض بأقصى سرعة خارج الكهف. لم يتوقف عن الجري حتى وصل إلى منزله، منهاراً من شدة الخوف. روى يوسف لعائلته ما حدث له، لكن لم يصدقه أحد. اعتقدوا أنه مجرد كابوس من كوابيسه.
لكن يوسف لم ينسَ ما حدث. ظلّت صورة الفتاة الصغيرة تطارده في أحلامه، وصوت صرختها يرنّ في أذنيه. قرر العودة إلى الكهف ليكتشف سرّ تلك الفتاة المأساوية.
في اليوم التالي، انطلق يوسف مرة أخرى إلى الكهف، مصطحباً معه بعض الأدوات. نزل إلى الغرفة تحت الأرض، وبدأ بفحص المخطوطات القديمة. وفجأة، وجد مخطوطة تتحدث عن لعنة أُلقيت على فتاة منذ زمن بعيد، حُبست روحها في ذلك الكهف إلى الأبد.
أدرك يوسف أنه الوحيد القادر على فكّ تلك اللعنة. قضى أياماً وليالي يقرأ المخطوطات، ويُحاول فهم الطقوس اللازمة لفكّ السحر. أخيراً، نجح يوسف في تحضير كل ما يلزم، وبدأ بتنفيذ الطقوس.
ملأ المكان ضوء ساطع، وارتجف الكهف بأكمله. وفجأة، ظهرت روح الفتاة أمام يوسف، شاكرة له على فكّ لعنتها. ودّعته الفتاة، ثم اختفت في الهواء.
غادر يوسف الكهف، وهو يشعر براحة غامرة. لقد نجح في مهمته، وأنقذ روح الفتاة من العذاب الأبدي. ومنذ ذلك اليوم، لم يعد يسمع أحد صوت الصرخة المروعة، وساد السلام على قرية يوسف إلى الأبد.
هل أعجبتك هذه القصة؟