كيف تكتب رواية تكون ناجحة !!
لديك فكرة رائعة لرواية، لكن لا تعرف كيف تبدأ؟ كنت مثلك أيضاً! منذ سنوات، خطرت لي فكرة كتابة رواية لكنني لم أكن أعرف كيف أبدأها مطلقاً.
أشعر بك، أراك الآن وأنت سارحًا تنظر إلى السقف تفكر في الأحداث التي تدور في خيالك، والشخوص الذين ينادونك ويتحدثون إليك، طالبين بإلحاح أن تستمع إليهم وتنقل ما يريدون قوله إلى العالم والناس.
أراك الآن وأنت تمسك بيدين مرتعشتين القلم لتكتب أول كلمات في روايتك. وما إن تكتب أول حرف حتى تترك القلم مرة أخرى، خائفًا من اتخاذ تلك الخطوة. الخطوة المخيفة، الخطوة الأولى.
اقترب،
اقترب أكثر، سأخبرك بالأسرار التي كنت في أمس الحاجة لها - حينما بدأت في مجال الكتابة منذ خمسة عشر عامًا - ولم أجدها. أسرار لن يخبرك بها أي كاتب آخر أو مُحاضِر أو ناقد.
ابدأ الآن وليس غدًا
هل ترى درجة السلم هذه التي حولها دائرة صفراء؟ أول نصيحة أحب أن أوجهها لك، هي أن تصعد حالاً على تلك الدرجة، اتخذ الخطوة الأولى الآن واكتب.
ماذا أكتب؟
اكتب أي شيء، لا يهم، المهم أن تبدأ وتكتب. اكتب كل ما يجول في خاطرك ويدور في ذهنك ويحدث داخل عقلك. اكتب عما تفكر به، اكتب ماذا يقول لك شخوصك. اكتب أي شيء.
لو رأيت أول كلمة كتبتها في روايتي الأولى "طارئ" ستضحك. لقد كتبت أول صفحة فيها باللغة العامية المصرية، كانت عبارة عن حوار بين ثلاث شخصيات، حوار عبثي مضحك مثير للشفقة. وكنت أعلم ذلك. لكني على كل حال كنت أقول في قرارة نفسي أنني على الأقل فعلت أول وأهم شيء، وهو البدء.
في البدء كانت الفكرة
ربما تخطر في بالك فكرة رواية، أو عدة أفكار، عدة قصص لشخصيات مختلفة، على سبيل المثال:
- قصة فتاة تعرضت للقهر من زوج أمها حينما كانت صغيرة
- شاب يتيم يعمل منذ نعومة أظافره بائع متجول
- رجل أعمال يعيش مهددًا بالسجن لارتكابه أفعال مخالفة للقانون وتهريبه للآثار
- ضابط شرطة يسعى للترقية كي يثبت لوالده أنه ليس فاشلاً
- طفلة صغيرة مهددة بالموت إذا مر عليها أسبوعان دون أن تجري عملية دقيقة في القلب.
- خبر في جريدة الأهرام: اختفاء 236 قطعة آثار من المتحف المصري أثناء عطلة عيد الأضحى.
هل تعلم أن هؤلاء الشخوص والخبر الأخير يمكنك أن تنسج منهم رواية مثيرة مشوقة مكتملة الأركان؟!
ولكن كيف؟ كيف أفعل ذلك؟
الإجابة على هذا السؤال سيقودنا إلى النصيحة التالية:
تخطيط الرواية:
كل ما عليك هو ألا تتوقف عن التفكير في أحداثك، وشخوصك. وأن تجلس كل يوم منفردًا بنفسك ممسكًا ورقة وقلم (عن نفسي أفعل ذلك إلى الآن، ولكن على سبورة بيضاء وقلم ماركر) ثم تبدأ في التخطيط، والحذف، والتعديل، ثم تفكر قليلاً وتجري تعديلاتك على القصة والحبكة وخط سير الأحداث، تحدث مع شخوصك:
- ماذا لو كان ضابط الشرطة هذا أخو تلك الفتاة التي تعرضت في طفولتها للقهر، ووالده هذا الذي يكسر مجاديفه كان متزوجًا من أمها منذ خمس وعشرين سنة!
- ماذا لو استعان رجل الأعمال هذا بالشاب الذي يعمل بائعًا متجولاً، وطلب منه مساعدته في تهريب الآثار.
(يا الله، إنها فكرة رائعة) قل ذلك في قرارة نفسك، ثم اربط كل هذا بحادثة اختفاء 236 قطعة آثار من المتحف.
اكتب كل ما يجول في خاطرك ولا تخاف من التعديلات. ما المشكلة لو شطبت على فكرة أن الضابط سيكون أخا الفتاة؛ بل سيكون زوجها. ما المشكلة لو حذفت شخصية بأكملها، ترى أنها لن تفيدك في شيء. ولن تدفع أحداثك للأمام.
ما المشكلة لو وضعت بدلاً منها شخصية أخرى، لنفترض عاهرة في ملهى ليلي تتكسب من جسدها، أو متسول يوصل نهاره بليله يتسكع في طرقات منطقة الجمالية ليأخذ من هذا جنيهًا ومن ذاك خمسة جنيهات حتى يعود في نهاية اليوم إلى غرفته الخشبية القذرة تحت الكوبري، وينام على صندوق بداخله ستة ملايين جنيه!
الحياة مليئة بالشخوص التي تستطيع أن تستلهم منهم شخوص روايتك. وهذا سيقودنا إلى النقطة التالية، ألا وهي: الشخوص.
كيف تخلق شخصية في روايتك؟
لو كانت أول شخصية خلقتها ووردت في عقلك نسخة طبق الأصل منك؛ فلا تسخر من نفسك؛ لأنك لست وحدك من فعل ذلك، بل أنا أيضًا. وكتاب كثيرين فعلوا ذلك منهم كتاب عالميين، مثل دين كونتز على سبيل المثال، دين كونتز سيد الإثارة والتشويق.
تسعون بالمائة من الكتاب والأدباء، استلهموا أول شخوصهم من أنفسهم. وهذا ليس عيباً، بالعكس، فأكثر شخصية تعرفها وتعرف كل دواخلها وما يدور في ذهنها هي أنت، شخصيتك أنت، فمن الطبيعي أن تكون أنت أول من تستلهم منه شخوصك.
ولكي تصبح ثريًا ومحترفًا في خلق الشخوص، يجب أن يكون لديك أرشيف لشخوصك؛ هذه هي كلمة السر، أنشئ ملف في حاسوبك، وضع فيه ملفات أخرى بصيغة WORD، كل ملف بشخصية جديدة.
مثلاً، ملف باسم ضابط شرطة متقاعد، ملف آخر باسم فتاة ليل وراءها سر دفين، ملف ثالث باسم متسول في حارة (الصنادقية) بالأزهر، كان يومًا ما مدير بنك مصر فرع رمسيس، ملف آخر خاص بطبيب يتاجر في الأعضاء البشرية، وهكذا.
بعدئذ، افتح كل ملف واكتب فيه كل ما تعرفه عن هذه الشخصية. مواصفاته الخارجية مثلا (طويل ـ رفيع ـ قصير ـ بدين ـ أشقر ...) ومواصفاته الداخلية (طماع ـ كريم ـ طيب ـ فاسق ـ بخيل ـ شرير ...) ثم ابدأ في صقل تلك الشخصية وتحدث عنها، وعن وظيفتها، أحلامها، أهدافها ... إلخ، اكتب كل شيء عن شخصيتك، ولا تقلق لو وجدت نفسك تفتح ملفها مرة أخرى لتجري عليها بعض التعديلات.
سأخبرك بأحد أسراري
حاسوبي به أكثر من مائة وخمسين شخصية، من ضمنهم مثلا ملف خاص بشماس في كنيسة بالمنيا، وعلى مدار عامين كنت أدخل بين الحين والآخر في ملف تلك الشخصية وأضيف فيها بعض الأشياء، هذه الشخصية هي إسحق جرجس سرجيوس، بطل روايتي الرابعة "لا تبدأ القتل" والتي جعلت أغلب من قرأ تلك الرواية مشدوهًا، كنت أتمنى أن أضيف تلك الشخصية في أي رواية لي، وظلت داخل حاسوبي لفترة تزيد عن خمسة أعوام، لدرجة أنني أخذت شخصية أخرى لفتاة مسيحية تدعى "دميانة عبد الرسول" وزوجتهم ببعضهم البعض، وحين جاءت لحظة الحقيقة وسحبت إسحق ليلعب دورًا مهمًا في رواية "لا تبدأ القتل" سمعت صوته يقول لي: "لا تأخذني وحدي، بل خذ أيضًا زوجتي، دميانة" فنفذت مبتسمًا ما طلبه مني.
كل ما سبق ليس إلا 10% من تقنيات وأسرار في كورس كيف تكتب رواية. أسرار لن تجدها على قارعة الطريق، ولن تجد من يخبرك بها. ذلك لأنه من السهل أن أقول لك أفعل كذا وكذا وكذا، بطريقة سردية مملة، وفي نهاية الدورة تجد نفسك خالي اليدين، لا تملك سوى نصائح نظرية، ولكن كورس الكتابة الخاص بي. أو بالأحرى ورشة الكتابة. وضعت فيها كل ما يجعلك تكتب رواية ناجحة، مشوقة، ومثيرة. جامعًا بين النصائح والتطبيقات العملية بطريقة مرتبة، شيقة، خالية من أي تعقيدات. بحيث أبعد عنك أي ملل ولو ثانية واحدة.
بعد هذا الكورس، أعدك غير حانث، أنك سوف تدخل حقل الكتابة، متسلحًا بكل الأدوات التي تجعلك قادرًا على كتابة رواية ناجحة. وسأضع قدمك على الدرجة الثانية من السلم، ثم الثالثة والرابعة حتى النهاية.