الغموض والرعب: قصة الغراب ذو العينين الحمراء وانتقام الأرواح الشريرة الجزء الثاني !
رغم أن القرية استعادت هدوءها، إلا أن أحمد لم يستطع نسيان تلك الليلة المرعبة. كانت الكوابيس تلاحقه كلما أغمض عينيه. بدأ يشعر بأن هناك شيئًا لا يزال يراقبه من الظلال. وفي إحدى الليالي، بينما كان يتجول في الغابة بحثًا عن الطمأنينة، سمع صوت خطوات خفيفة تتبعه.
توقف أحمد فجأة والتفت خلفه، لكنه لم يرَ أحدًا. كانت الغابة مظلمة وهادئة بشكل مريب. شعر بشيء يحلق فوق رأسه، وعندما رفع عينيه، رأى ظلال الغراب المخيف تحوم حوله. كانت عيناه الحمراوان تلمعان في الظلام، مما جعل قلب أحمد ينبض بسرعة. حاول أحمد أن يهدئ نفسه ويقنع نفسه بأن ذلك مجرد وهم، لكنه لم يستطع التخلص من الشعور بالخطر الداهم.
عاد أحمد إلى القرية مسرعًا، وقصَّ ما حدث على الشيخ سالم. استمع الشيخ سالم بعناية، ثم قال: "يبدو أن الغراب لم يختفِ تمامًا. قد تكون الروح الشريرة لا تزال تبحث عن وسيلة للعودة إلى هذا العالم."
اقترح الشيخ سالم أن يقيموا طقوسًا أقوى لطرد الروح الشريرة بشكل نهائي. بدأ القرويون في جمع المواد اللازمة للطقوس، وفي ليلة مظلمة أخرى، اجتمعوا في نفس المكان المقدس في الغابة. أشعلوا نارًا أكبر من السابقة، وبدأ الشيخ سالم في تلاوة تعاويذه بقوة وإصرار أكبر.
بدأت الرياح تعصف بشكل أعنف، وكان صوت الغراب يقترب أكثر فأكثر. ظهر الغراب فجأة فوق النار، وكانت عيناه تلمعان بحدة أشد. وقف أحمد في دائرة القرويين، وهو يشعر بالخوف ولكن أيضًا بالعزيمة. كانت التعاويذ تملأ الهواء، والنار تزداد توهجًا.
فجأة، خرج صوت من الغراب لم يكن مجرد صوت غراب عادي. كان صوتًا بشريًا مشوهًا مليئًا بالغضب والكراهية. قال الصوت: "لن أرحل حتى أحصل على ما أريد!" كانت كلمات الصوت ترتجف في الهواء، وتسبب قشعريرة في أجساد الجميع.
رفع الشيخ سالم يديه إلى السماء، وألقى تعويذة أخيرة بصوت قوي. اندلعت النار بشكل مفاجئ، وتحولت إلى لون أزرق غامق. صرخ الغراب بصوت مخيف، ثم اختفى في دخان كثيف. عمَّ الصمت المكان، وشعر الجميع براحة غامرة.
عاد القرويون إلى منازلهم، وقد استعادوا الثقة بأنهم تخلصوا من الشر للأبد. لكن أحمد لم يكن مقتنعًا تمامًا. شعر بأن هناك شيئًا ما لا يزال غير مكتمل. كان يعرف أن الغراب قد يكون رحل، لكن الروح الشريرة قد تجد وسيلة أخرى للعودة.
مرت الأيام، وعادت الحياة إلى طبيعتها في القرية. ولكن أحمد كان يشعر بأن شيئًا ما يراقبه في الظلال. كان يتجنب الغابة ليلاً، ويحرص على البقاء قريبًا من الآخرين. وفي إحدى الليالي، بينما كان يجلس في منزله، سمع صوتًا خافتًا يأتي من النافذة. اقترب ببطء، ونظر خارج النافذة، فرأى زوجًا من العيون الحمراء تلمع في الظلام.
شعر أحمد بقشعريرة تسري في جسده. كان الغراب قد عاد، لكن هذه المرة لم يكن وحده. ظهرت أشباح أخرى في الظلام، وكأن الروح الشريرة قد وجدت طريقة للعودة إلى هذا العالم بأكثر من شكل واحد. هرع أحمد إلى بيت الشيخ سالم، وقصَّ عليه ما حدث.
فهم الشيخ سالم أن المعركة لم تنتهِ بعد. قرروا أن يبحثوا عن طريقة أقوى لطرد الأرواح الشريرة نهائيًا. بدأوا في دراسة النصوص القديمة والبحث عن تعاويذ جديدة. كان الوقت يمر، والأرواح الشريرة تزداد قوة. كانت القرية كلها في حالة ترقب وخوف.
في ليلة من الليالي، تجمع القرويون مرة أخرى في المكان المقدس. كان الجميع يحملون مشاعل مضيئة، وأملًا جديدًا في قلوبهم. أشعلوا نارًا كبيرة، وبدأ الشيخ سالم في تلاوة تعاويذ أقوى من السابق. كانت التعاويذ تطغى على أصوات الرياح، والغراب والأشباح تحوم حول النار.
استمروا في تلاوة التعاويذ حتى بدأت الأرواح تضعف تدريجيًا. كانت النار تزداد توهجًا وقوة، حتى انفجرت بضوء ساطع. اختفت الأرواح الشريرة في اللحظة ذاتها، وشعر القرويون براحة وسكينة لم يشعروا بها منذ وقت طويل.
عاد الجميع إلى القرية، وهم يحملون أملاً جديدًا في قلوبهم. كان أحمد يشعر بالراحة لأول مرة منذ أسابيع. لم تعد العيون الحمراء تطارده، وعاد السلام إلى حياته. كان يعرف أن هذه التجربة جعلته أقوى وأكثر شجاعة، وأدرك أن الشر يمكن التغلب عليه إذا تضافرت الجهود وتمسكت الأمل.