ظل وظلام اليل
في ظلمة الليل الحالك، حيث لا ينير الدّرب سوى ضوء القمر الخافت، سرتُ بخطوات ثقيلة، قلبي يعتصره الخوف، وترتجف أوصالي من الرّعب. لم أكن أعلم إلى أين أذهب، أو ماذا ينتظرني، لكنّني كنتُ أعلم أنّ عليّ الهروب، الهروب من ذلك الظلّ الذي يلاحقني منذُ أيام.
كان ذلك الظلّ يظهر لي في كلّ مكان. أراهُ من طر
ف عينيّ، أراهُ يتحركُ في زوايا غرفتي، أراهُ حتى في أحلامي. لم أكن أستطيعُ التخلّص منه، وكأنّهُ أصبحَ جزءًا من روحي.
في البداية، ظننتُ أنّ ذلك الظلّ هو مجرد وهم من خيالي. لكن مع مرور الأيام، ازدادت حدّة ظهوره، وازداد شعوري بالخوف. لم أعد أستطيعُ النوم، ولم أعد أستطيعُ التركيز في عملي، ولم أعد أستطيعُ العيش حياة طبيعية.
ولكن قررتُ أن أطلب المساعدة من الأطباء، لكنّهم لم يجدوا أيّ تفسير لحالتي. قالوا لي أنّني أعاني من ضغوطات نفسية، وأنّ عليّ أن أستريحَ وأن أبتعد عن مسببات التوتر. لكنّني لم أكن أستطيعُ الاستراحة، ولم أكن أستطيعُ الابتعاد عن ذلك الظلّ الذي كان يلاحقني أينما ذهبتُ.
يئستُ من كلّ شيء، وفقدتُ الأمل في الحياة. اعتقدتُ أنّني سأظلّ أسيرًا لذلك الظلّ إلى الأبد، حتى قرأتُ عن رجلٍ عجوزٍ يُقال أنّهُ يمتلكُ قوى خارقة، وأنّهُ قادر على علاج أيّ مرض.
ما الزي حدث ذهبتُ إلى ذلك الرجلِ العجوزِ على أملٍ ضعيف. استقبلني بترحابٍ حارٍ، واستمعَ إلى قصتي باهتمام. وعندما انتهيتُ من الحديث، قال لي: "إنّك لا تعاني من مرضٍ نفسي، بل من لعنةٍ قديمةٍ أصابَتكَ. لكن لا تقلق، سأقومُ بمساعدتكَ."
أخرجَ الرجلُ العجوزُ كتابًا قديمًا، وبدأ يقرأُ منهِ تعويذاتٍ غريبة. ثمّ أمرني بأن أغلقَ عينيّ، وأن أُردّدَ بعض الكلماتِ معه. لم أفهمْ ما كان يفعله، لكنّني فعلتُ ما أمرني به.
فجأة، شعرتُ بحرارةٍ شديدةٍ تسري في جسدي، وكأنّ شيئًا ما قد خرجَ من داخلي. وعندما فتحتُ عينيّ، لم أعد أرى ذلك الظلّ. لقد اختفى!
شكرتُ الرجلَ العجوزَ من كلّ قلبي، وشعرتُ بسعادةٍ غامرةٍ لم أشعرْ بها منذُ زمنٍ طويل. عدتُ إلى حياتي الطبيعية، وعشتُ بسعادةٍ وراحةٍ البال.
لكنّني لم أنسَ أبدًا تلكَ التجربة المرعبة. لقد علّمتني أنّ هناكَ أشياءَ في هذا العالمِ لا يمكنُ تفسيرها بمنطقِ العقل، وأنّ قوى الشرّ موجودةٌ بالفعل.
ولكنّها في النهايه علّمتني أيضًا أنّ الأملَ موجودٌ دائمًا، وأنّه مهما كانت الظروفُ صعبة، هناكَ دائمًا حلٌّ ومخرج.النهايه