**"همسات من الظلام"**
في إحدى الليالي الباردة والمظلمة، كان جوناثان جالساً في بيته الكبير والقديم يحاول قراءة كتاب رعب جديد. لقد كان هذا البيت عائلته لأكثر من قرن من الزمان، ورغم أنه ظل خالياً لسنوات طويلة إلا أنه مازال يشعر بأنه مكان آمن وملاذ له.
فجأة، سمع جوناثان ضوضاء خافتة تأتي من أحد الأرجاء المظلمة في البيت. حاول تجاهلها في البداية واستمر في القراءة لكن الصوت أصبح أكثر وضوحاً ودقة. شعر بقشعريرة تسري في ظهره وقرر التحقق من الأمر. مسك مصباحاً وتوجه ببطء نحو مصدر الضوضاء.
عندما دخل غرفة المؤن، لم يجد أي شيء غريب على الإطلاق. كل شيء كان في مكانه. كاد أن يعود إلى غرفته لكن فجأة لاحظ أن باب المخزن المؤدي إلى السرداب مفتوح قليلاً. شعر بالخوف يسيطر عليه. كان قد سمع قصصاً مرعبة عن هذا السرداب المظلم.
بتردد شديد، اقترب من الباب وفتحه ببطء. هبط السلم الخشبي المتهالك ببطء محذراً من كل خطوة. عندما وصل إلى أسفل السرداب، دار بمصباحه في جميع الأرجاء. لم يلحظ أي شيء غير عادي. ولكن عندما كان على وشك العودة إلى الأعلى، سمع صوت خافت كأنه همس يأتي من أحد الأركان.
تجمد في مكانه وحاول التركيز على الصوت. كان يشبه همس طفل صغير. تحرك ببطء نحو المكان الذي صدر منه الصوت. عندما اقترب، لاحظ شيئاً في الركن يتحرك. كان طفلاً صغيراً يجلس هناك وحيداً في الظلام. عندما لاحظ جوناثان وجوده، رفع الطفل رأسه وحدق فيه بعينين واسعتين مليئتين بالخوف.
جوناثان كان مصدوماً. لم يكن متوقعاً أن يجد طفلاً هنا. سأل الطفل بصوت يحمل الكثير من القلق، "من أنت؟ ماذا تفعل هنا وحدك؟" لكن الطفل لم يجبه، بل فقط حدق فيه بصمت.
شعر جوناثان بالقلق ينتابه أكثر. قرر أن يحمل الطفل ويخرجه من هذا المكان المظلم والمخيف. عندما حاول أن يقترب منه، ارتعد الطفل بخوف وقال بصوت متقطع "لا.. لا تقترب مني."
جوناثان حاول إقناعه بأنه لا ينوي إيذاءه وأنه سيأخذه إلى مكان أكثر أمانا. لكن الطفل ظل جامداً في مكانه متشبثاً بركن السرداب المظلم.
وفجأة، سمعا ضوضاء خافتة تأتي من إحدى الزوايا. كانت كأنها صوت أقدام تتحرك ببطء. أصيب جوناثان بالذعر وأسرع في الصعود نحو الخارج، تاركاً الطفل وحيداً في السرداب المظلم.
عندما وصل إلى الأعلى، أغلق باب السرداب بسرعة وأقفله. شعر بقلبه ينبض بشدة. ماذا حدث هناك؟ من كان ذلك الطفل؟ ولماذا كان هناك وحيدًا في ذلك المكان؟ وما كانت تلك الضوضاء التي سمعاها؟
لم يستطع جوناثان الإجابة على هذه الأسئلة. شعر بالخوف والرعب ويعلم أنه لا يستطيع العودة إلى هناك مرة أخرى. لذا قرر النوم في غرفته تلك الليلة وترك هذا الأمر ليصبح لغزاً مرعباً لا حل له.