قصه البيت المهجور

قصه البيت المهجور

1 المراجعات

 

البيت المهجور

في قرية نائية تحيط بها الغابات الكثيفة، كان هناك منزل قديم ومهجور يقف في نهاية شارع ضيق. كان المنزل مشهورًا بين سكان القرية بأنه ملعون، يُروى عنه الكثير من الأساطير والقصص المخيفة. كان المبنى مغطى بالطحالب والأشجار المتشابكة، وتدلت الممرات المظلمة من نوافذه الزجاجية المكسورة كأنها تحاول إخفاء أسرارها عن العالم الخارجي.

ذات مساء خريفي بارد، اجتمع أربعة أصدقاء في المقهى المحلي. كان المقهى مكاناً دافئاً ومريحاً وسط الأمطار المتساقطة والرياح الباردة التي تعصف بالخارج. الأصدقاء كانوا: سامي، الشاب المغامر الذي دائمًا ما يبحث عن الإثارة، وفاطمة، الفتاة الذكية ذات الاهتمامات الأدبية، وعلي، الشاب المتشكك الذي يفضل المنطق على الخرافات، وليلى، الفتاة الحساسة التي غالباً ما تشعر بحدس قوي.

جلسوا على طاولة بالقرب من النافذة التي تطل على الشارع المبلل، وتبادلوا القصص والأحاديث. فجأة، طرح سامي فكرة التحدي: "لماذا لا نذهب إلى البيت المهجور؟ لقد سمعنا جميعًا القصص عنه، لكننا لم نرَ ذلك بأعيننا. ما رأيكم في قضاء ليلة فيه؟"

فاطمة، التي كانت دائماً مفتونة بالقصص الغامضة، نظرت إلى علي وليلى بتحدٍ في عينيها. بينما كان علي يبدو مترددًا، إلا أنه قال بنبرة ملؤها السخرية: "هل تعتقدون أن تلك القصص حقيقية؟ سأذهب إذا كنتم مصممين على ذلك."

وافق الجميع في النهاية، رغم أن ليلى كانت تبدو أقل حماسة من الآخرين. كان فضولها يغلب على خوفها، لكنها كانت تشعر بقلق داخلي لم تستطع تجاهله.

التوجه إلى المنزل المهجور:

مع حلول الليل، حمل الأصدقاء مصابيحهم اليدوية وكاميراتهم، وخرجوا نحو المنزل المهجور. كان الهواء بارداً، وكانت الرياح تعصف بأشجار الغابة المحيطة بالمنزل، مما جعل الأجواء أكثر رعبًا. كانوا يمشون في صمت، تلتفهم ظلمة الغابة وأصوات خطواتهم المترددة على الطريق المبلل.

عندما وصلوا إلى عتبة الباب، وقفوا لحظة ليتأملوا المبنى. كان الباب الخشبي القديم مفتوحًا قليلاً، وكأن المنزل يدعوهم للدخول. تجمع الأصدقاء عند الباب، وتبادلوا نظرات مليئة بالتحدي والقلق قبل أن يدخلوا.

استكشاف المنزل:

دخلوا بحذر إلى الداخل، حيث كان كل شيء مغطى بطبقة سميكة من الغبار. كان الضوء الوحيد الذي يعكس تفاصيل الغرف يأتي من مصابيحهم اليدوية. بدا المنزل وكأنه توقّف عن الحياة منذ زمن بعيد. كانت الجدران مغطاة بالشروخ، والأثاث كان متهالكًا ومغبرًا.

في البداية، كانت الغرف هادئة وكأن الزمن قد توقف هناك. ثم بدأوا في استكشاف المكان. دخلوا إلى غرفة المعيشة الرئيسية، حيث كان هناك موقد قديم، ورفوف مليئة بكتب قديمة وأشياء مهملة. تحركت الغبار في الهواء كلما لمسوا شيئًا، وكأن الغبار يحاول إخفاء الماضي.

العثور على المذكرات:

عثروا على دفتر مذكرات قديم بين أكوام من الكتب. كان الدفتر مغطى بعفن قليل وعندما فتحته فاطمة، بدأت تقرأ بصوت خافت. كان الدفتر يحتوي على مذكرات مكتوبة بخط يدي غير مرتبك، تروي قصة عائلة سكنت المنزل قبل مئات السنين. تتحدث المذكرات عن حوادث غريبة، مثل أصوات لا تفسر، وأحداث مظلمة مثل اختفاء أفراد العائلة.

أخذتهم المذكرات إلى زمن ماضي مليء بالأسى، حيث كانت العائلة تعاني من لعنة غير مفهومة. كانت المذكرات تروي أن الأمور بدأت تزداد سوءًا بعد وصول أحد الغرباء إلى القرية، الذي اعتقدوا أنه كان يحمل معه طقوسًا شريرة.

الأحداث المريبة:

بينما كانوا مشغولين بقراءة المذكرات، بدأوا يسمعون أصوات خطوات خفيفة خلفهم، وكأن شخصًا غير مرئي يتبعهم. تنامى شعور بالخوف في قلوبهم، وشعروا بأن شيئًا غامضًا يراقبهم. حاولوا تصوير الغرف، ولكن الصور كانت تظهر ظلالًا غريبة وأشكالًا ضبابية لم يرونها في الواقع.

في إحدى الغرف الجانبية، اكتشفوا صندوقًا خشبيًا قديمًا. فتحوه ليجدوا فيه مجموعة من الصور القديمة، وجميعها كانت تحتوي على وجوه عائلية مشوهة، إلا أن واحدة منها كانت تظهر شخصًا ذو وجه مشوه أكثر من الآخرين.

الصعود إلى الطابق العلوي:

بسبب ازدياد شعورهم بالقلق، قرر سامي استكشاف الطابق العلوي. صعد السلم بحذر، بينما بقيت البقية في الأسفل، يحدقون في الظلام المخيف من حولهم. وعندما صعدوا إلى الطابق العلوي، وجدوا سامي واقفًا في وسط غرفة مظلمة، يحدق في جدار الغرفة.

على الجدار، كانت هناك لوحة قديمة لعائلة المنزل. كان جميع الأفراد في الصورة يظهرون بوجوه عادية، لكن وجه أحدهم كان مشوهًا بشكل مرعب. كما اكتشفوا خربشات على الجدران، وكلمات مكتوبة بالدم: "لن تجدوا السلام هنا."

الظهور الغامض:

في تلك اللحظة، اهتزت الأرض تحت أقدامهم، وظهرت أشكال ضبابية في أركان الغرفة. كان هناك شعور قوي بالضغط على صدورهم وكأن شيئًا غير مرئي يضغط عليهم. بدأت الأصوات تزداد صخبًا، وارتفعت الرياح في الخارج بشكل غير طبيعي، مما زاد من رعبهم.

ركضوا نحو السلم بسرعة، وسقطت بعض الأغراض من الأرفف خلفهم. اجتمعوا عند مدخل الطابق السفلي، وحاولوا الهروب من المنزل بأسرع ما يمكن. كانت قلوبهم تخفق بشدة، والظلام المحيط بهم بدا وكأنه يحاول ابتلاعهم.

النجاة من المنزل:

خرجوا من المنزل وهم في حالة من الصدمة، وقد امتلأت وجوههم بالخوف. عادوا إلى المقهى المحلي، حيث جلسوا في صمت وهم يتناولون المشروبات الساخنة، يحاولون تهدئة أعصابهم. لم يتحدثوا كثيرًا عن تفاصيل ما رأوه، ولكنهم شعروا بأنهم شهدوا شيئًا يتجاوز إدراكهم.

العودة إلى الحياة الطبيعية:

مرت الأيام، وعادوا إلى حياتهم اليومية، ولكن الذكريات عن تلك الليلة ظلت محفورة في أذهانهم. كانوا يعرفون أن البيت المهجور سيظل دائمًا مكانًا يثير الرعب والفضول. لم يجرؤوا على العودة إليه مرة أخرى، واحتفظوا بأسرار تلك الليلة لأنفسهم.

كانت تجربة الليلة في المنزل المهجور درسًا لهم، يعلمهم أن بعض الأماكن والقصص تكون أفضل إذا تُركت في الماضي، بعيدًا عن فضولهم وحبهم للمغامرة.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

3

متابعهم

7

مقالات مشابة