منزل الزكريات الملعونه

منزل الزكريات الملعونه

0 المراجعات

**منزل الذكريات الملعونة**

في ضواحي بلدة صغيرة ونائية، كان هناك منزل مهجور يُعرف بين سكان البلدة باسم "منزل الذكريات الملعونة". هذا المنزل، الذي يعود بناؤه إلى القرن التاسع عشر، كان مغطى بالأشجار الكثيفة واللبلاب الذي تسلق جدرانه الحجرية، وكأن الطبيعة نفسها تحاول إخفاءه عن الأنظار. القصص التي تُروى عن هذا المنزل كانت تحمل في طياتها الكثير من الرعب والغموض، وكل من دخله لم يخرج منه أبدًا دون أن يحمل معه شعورًا عميقًا بالخوف.

في إحدى الأيام، قررت مجموعة من الأصدقاء الشجعان أن يكتشفوا حقيقة المنزل بأنفسهم. كانوا أربعة: ليلى، أحمد، يوسف، وسارة. كانت ليلى تقود المجموعة بشجاعتها وفضولها الذي لا ينتهي، بينما كان أحمد هو العقل المدبر الذي يخطط لكل خطوة. يوسف، الذي كان الأقوى جسديًا، كان يحمل معه معدات الطوارئ، وسارة كانت الكاميرا الخاصة بالمجموعة، تسجل كل شيء ليكون لديهم دليل على مغامرتهم.

في مساء أحد الأيام الخريفية، قرر الأصدقاء أن يبدأوا رحلتهم إلى "منزل الذكريات الملعونة". توجهوا إلى المنزل وهم محملون بالأضواء الكاشفة، وأدوات الحفر، والكاميرات. كانت السماء ملبدة بالغيوم، والرياح تعصف بأوراق الأشجار، مما أضفى جوًا من الرهبة على رحلتهم.

عند وصولهم إلى المنزل، وجدوا الباب الأمامي مفتوحًا، كأنه يدعوهم للدخول. تجمدت المجموعة للحظة، ولكن ليلى شجعتهم على المضي قدمًا. دخلوا إلى الداخل بحذر، حيث كان الهواء في الداخل باردًا بشكل غير طبيعي، والأثاث مغطى بطبقات سميكة من الغبار. بدأت سارة بتصوير كل زاوية في المنزل، بينما كان أحمد يفحص الجدران والأرضيات بحثًا عن أي علامات غريبة.

في الطابق الأول، وجدوا مكتبة مليئة بالكتب القديمة، وبعض الصور الفوتوغرافية بالأبيض والأسود التي تزين الجدران. الصور كانت لعائلة قديمة، وجوههم مملوءة بالجدية، وأعينهم تبدو كأنها تتابع من ينظر إليها. فجأة، لاحظ يوسف شيئًا غريبًا في إحدى الصور. كانت صورة لرجل يرتدي قبعة سوداء، وفي خلفية الصورة، انعكاس في المرآة يظهر وجهًا مشوهًا.

"انظروا إلى هذا!" قال يوسف بصوت مرتجف، مشيرًا إلى الصورة. اقتربت المجموعة لرؤية ما وجده، وشعروا جميعًا بالقشعريرة تسري في أجسادهم.

قررت المجموعة أن تصعد إلى الطابق العلوي، حيث يعتقد أن الأحداث الأكثر رعبًا وقعت. عندما وصلوا إلى أعلى الدرج، بدأت الأرضية تصدر أصواتًا مزعجة تحت أقدامهم. فتحوا أول باب صادفهم، فوجدوا غرفة نوم قديمة، السرير مغطى بشرشف ممزق، والنافذة مفتوحة على مصراعيها، والستائر تتمايل بفعل الرياح.

بينما كانوا يتفحصون الغرفة، سمعوا صوتًا يأتي من نهاية الممر. كان صوت خطوات بطيئة وثقيلة. تجمد الجميع في مكانهم، محاولين تحديد مصدر الصوت. قررت ليلى أن تتقدم، متسلحة بمصباحها الكاشف. اتبعتها المجموعة بحذر شديد.

عند نهاية الممر، وجدوا بابًا مغلقًا. دفع يوسف الباب بقوة، فانفتح بصوت صرير عالٍ. كانت الغرفة مظلمة تمامًا، ولكنهم استطاعوا رؤية طيف خافت يتحرك في الزاوية. رفعت سارة الكاميرا وسجلت، بينما كانت الأنفاس تتسارع والخوف يتزايد.

فجأة، أضاءت الغرفة بفعل ضوء البرق الذي لمع من النافذة، وكشف عن منظر مرعب. كان هناك رجل واقف، وجهه مشوه وعيونه غائرة. رفع يده مشيرًا إليهم، وصوت همسات غير مفهومة بدأ يتردد في أرجاء الغرفة.

تراجعت المجموعة بسرعة، ولكن الرجل بدأ يقترب منهم. حاولوا الهروب، ولكن الباب أغلق خلفهم بقوة. بدأت الأنوار تومض، والأثاث يتحرك من مكانه. بدأت سارة بالصراخ، ولكن صوتها كان يغرق في ضجيج الرعب الذي يحيط بهم.

"علينا الخروج من هنا الآن!" صرخ أحمد، محاولاً فتح الباب دون جدوى. كان الرجل يقترب منهم ببطء، وكلما اقترب، زادت البرودة في الغرفة.

بذكاء أحمد، حاول كسر النافذة باستخدام كشافه، ونجح في ذلك بصعوبة. قفز يوسف أولاً وساعد الآخرين على الهروب. كانوا يسقطون واحداً تلو الآخر في الحديقة المظلمة، يلهثون ويجاهدون للابتعاد عن المنزل.

عندما وصلوا إلى سيارتهم، نظروا إلى الخلف وشاهدوا الرجل يقف عند النافذة المكسورة، يراقبهم بصمت. بدون تفكير، قاد أحمد السيارة بسرعة بعيدًا عن المنزل، والقلوب تخفق بشدة من شدة الرعب.

لم يتحدثوا طوال الطريق إلى البلدة. كانوا يعلمون أنهم شهدوا شيئًا لا يمكن تفسيره. بعد تلك الليلة، لم يجرؤوا على العودة إلى "منزل الذكريات الملعونة"، ولكن الفيديو الذي سجلته سارة كان دليلًا على تجربتهم المرعبة.

على مر السنوات، ظل المنزل هناك، ينتظر الضحايا الجدد الذين قد يجذبهم الفضول، ليضيفوا فصولًا جديدة إلى قصص الرعب التي تحيط به.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

1

متابعهم

1

مقالات مشابة