"المنزل المنسي: أسرار في الظلام"

"المنزل المنسي: أسرار في الظلام"

0 المراجعات

في قرية نائية مغمورة بضباب كثيف، حيث تتداخل أصوات الرياح مع صرخات الغربان، كان هناك منزل قديم يُعرف بـ "المنزل المنسي". هذا المنزل كان محلًا للعديد من الأساطير المظلمة، حيث يحكي كبار السن أن أرواحًا عالقة كانت تتجول بين جدرانه وتصدر صرخات في الليالي القمرية. كان المنزل يبدو وكأنه مصدر للشرور القديمة، والقصص التي تُروى عنه دائمًا تترك انطباعًا مخيفًا.

تدور القصة حول سامي، شاب مغامر في أواخر العشرينات من عمره، والذي كان له شغف كبير بالأماكن المهجورة والأسرار غير المفسرة. في إحدى الأمسيات الخريفية الباردة، عندما كانت الغيوم تتدلى منخفضة في السماء، قرر سامي أن يستكشف "المنزل المنسي". حمل كاميراته ومصابيحه وأدواته، وتوجه نحو المنزل الذي بدت أطيافه تبرز من بين الأشجار الكثيفة مثل كائن خرافي.

عندما وصل سامي، لاحظ أن المنزل كان في حالة تدهور شديد. الأبواب القديمة كانت تتأرجح بتأثير الرياح كأنها تنوح، والنوافذ التي كان من المفترض أن تكون زجاجية أصبحت الآن عبارة عن كتل زجاجية مكسورة تُعَرض مشاهد من الظلام الداخلي. بدا المنزل وكأنه قد نُبِذ من الزمن.

دخل سامي عبر الباب الأمامي، الذي كان يئن تحت وزن سنوات من الإهمال. انتشرت رائحة عفن قوية في الهواء، مصحوبة بصوت تقطير الماء من السقف المتهدم. أضاء سامي مصباحه، ليكشف عن مشهد من الفوضى: أثاث قديم مغطى بغطاء من الغبار، سجادات ممزقة، وسقف تتدلى منه عناكب ضخمة.

في غرفة المعيشة، وجد سامي ساعة جدارية قديمة توقفت عقاربها منذ زمن بعيد. كان هناك إطار لصور قديمة، لكن الصور بدا أنها قد تعرضت للتشويه، وكأن قوى غير مرئية قد مسحت تفاصيل الوجوه. لاحظ سامي أن في بعض الصور كانت هناك ظلال مشوهة تتخذ أشكالاً غير واضحة خلف الأشخاص، كأنها تتجسس عليهم.

أثناء تفقده للأثاث، عثر على صندوق خشبي قديم مغطى بالتراب. فتحه بحذر، ففاجأته مجموعة من الدفاتر القديمة التي تحوي رسومات مشوهة ورموز غير مفهومة. إحدى الدفاتر احتوت على خريطة قديمة تظهر موقعًا في عمق الغابة المحيطة بالمنزل. بدا أن هذه الخريطة تشير إلى مكان مجهول لم يُستكشف من قبل.

توجه سامي إلى الطابق العلوي، حيث كانت السلالم تصدر صرخات خافتة تحت وزنه، كما لو كانت تستنجد به كي يتوقف. في الطابق العلوي، دخل إلى غرفة صغيرة مظلمة ضيقة، مملوءة بأثاث متداعٍ وأغراض متناثرة. في زاوية الغرفة، عثر على مرآة كبيرة قديمة، مغطاة بطبقة سميكة من الغبار.

عندما اقترب سامي من المرآة، أصبح الضوء من مصباحه يتضاءل تدريجيًا، وبدأ الظلام يلتف حوله كأنما هو ملمس مادي. عند النظر في المرآة، رأى انعكاسًا غير طبيعي: شخصًا يرتدي ملابس قديمة، كان وجهه مشوهًا بالتعب والخوف، وعيناه مليئتان بالهلع. في تلك اللحظة، بدأ الصوت في الغرفة يتغير إلى همسات غامضة وصراخ مكتوم.

شعر سامي بشيء بارد يلمس ظهره، ثم بدأت الغرفة تتقلب كما لو كانت تدور حوله. في ظل الظلام المتزايد، أدرك أن هناك قوة غير مرئية تحاول جذبه نحو المرآة. كان الظلام كثيفًا كالجدران، وأصوات الأرواح تتعالى حوله، تناديه بشدة وكأنها تريد سحبه إلى عالم آخر.

عندما بدا أن كل شيء قد انتهى، شعر سامي بيد قوية تسحبه نحو الخارج، وتغمره في الضوء الباهت. وعندما استعاد وعيه، وجد نفسه ملقى على العشب البارد أمام المنزل، والشمس قد بدأت تشرق على الأفق. عاد إلى قريته وهو يرتجف، وحمل معه الصندوق الخشبي الذي وجده.

حاول سامي التحدث عن تجربته، لكنه وجد نفسه غير قادر على التعبير عن الرعب الذي عاشه. المنزل المنسي بقي كما هو، مهجورًا ومليئًا بالأسرار الغامضة. وفي القرى المجاورة، انتشرت قصة سامي كتحذير لأولئك الذين يجرؤون على استكشاف المجهول: في بعض الأماكن، يكون الظلام هو الباب إلى عوالم أخرى، مليئة بالأرواح التي تبحث عن الهروب من أسرها الأبدي.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

2

متابعين

0

متابعهم

1

مقالات مشابة