حنين إلى الماضي

حنين إلى الماضي

0 المراجعات

بينما أجلس هنا، محاطًا بالصمت المريح في غرفة نوم طفولتي، يتم نقلي إلى لحظة من الزمن الى ماضي عندما كنت اجهل العالم الخارجي وكان مكانًا واسعًا وغامضًا بالنسبة لي. لاازال اتذكر الايام التي كان يهطل فيها الامطار في صباح كان سماع هطلها كالبلسم المهدئ لروحي، تغسل عني الهموم والقلق الذي كان ينتابني. كان صوت قطرات الامطار المتساقطة على زجاج النافذة يخلق سيمفونية تتناغم مع نبضات قلبي المتسارعة، تشعرني بأن مخاوفي ستتبدد ببطء مثل ضباب الصباح. 

أتذكر الايام التي استيقظت فيها الساعة 6:30 صباحًا، الشعور بإحساس بالحرية يغمرني عندما أدرك بأن أمي أعطتني الإذن بالتغيب عن المدرسة. لقد كان شعور جميلا و عميق وان ابقى في سريري ودفئ يغمرني، كنت اشعر وكأنني كنت مختبئًا من العالم الخارجي، و في الوقت نفسه، كنت أحتضن السلام والهدوء الذي جلبته هذه الايام. استمر المطر. استلقيت هناك لما بدا وكأنه ساعات، أستمع إلى المطر وأترك ​​ذهني يهيم. ومع حلول الصباح بعد الظهر، تسللت خارج ملجأي المريح وحدقت من النافذة في الشوارع المغمورة بالمطر.

 بدا أن السماء الرمادية تمتد إلى الأبد، وشعرت بارتباط عميق بهذا اليوم. كان الأمر كما لو أن الكون كان يتحدث مباشرة إلى روحي، ليذكرني أنه في بعض الأحيان أفضل الأشياء في الحياة هي تلك التي لا نخطط لها. بدا العالم المبلل بالمطر في الخارج وكأنه يعكس الاضطراب الذي بداخلي، ومع ذلك، كان يغسل أيضًا شكوكي ومخاوفي. أحضرت أمي صينية بها كوب من الشوكولاتة الساخنة ووجبة الإفطار المفضلة لدي، وشعرت وكأنني ملفوفة في عناق دافئ. تفوح الرائحة حاملة معها رائحة الحب والرعاية. 

لقد استمتعت بكل قضمة، وكل رشفة، كما فقدت نفسي في أفراح الحياة البسيطة. كان طعم الشوكولاتة الساخنة على لساني بمثابة تذكير بأنه حتى في أحلك الأيام، هناك دائمًا شيء يمكن الاستمتاع به. هذا اليوم، كان بمثابة تذكير بأن السعادة ليست مجرد شيء نجده؛ إنه شيء نصنعه. لا يتعلق الأمر فقط بالإيماءات الكبرى أو الإنجازات الضخمة؛ في بعض الأحيان يتعلق الأمر بتذوق اللحظات الهادئة واحتضان السماء الرمادية وإيجاد العزاء في الحب الذي يحيط بنا. يتعلق الأمر بتذكر أنه حتى في أحلك الأيام، هناك دائمًا جمال يمكن العثور عليه. 

بينما نتنقل في تقلبات الحياة، ادركت بأني يجب أن اتمسك بذلك الشعور. و أن اتذكر بأني قوية بما يكفي لمواجهة أي تحدي، وذكية بما يكفي للتعلم من أخطائي، ومحبوبة بما يكفي لتعلم أني لن اكون وحيدًة أبدًا. وعندما يهطل المطر في الخارج واشعر بالضياع والوحدة، اتذكر أنه لا بأس أن اتوقف للحظة واشم الورود، وان اتوقف واستمع إلى صوت المطر. اتذكر أن الحياة مليئة بالصعود والهبوط، ولكنها أيضًا مليئة بلحظات مثل هذه - لحظات من الفرح والبساطة الخالصة. 

اتمسك بتلك اللحظات القريبة من قلبي وادعها ترشدني خلال الأوقات الصعبة. وعندما افشل في شيء آخر، اتذكر أني لست وحدي؛ لدي قوتي الداخلية، ومرونتي، وقدرتي على إيجاد السعادة حتى في أصغر الأشياء. عندما أنظر إلى هذا اليوم الآن، أتذكر كيف يمكن أن تكون الحياة عابرة. لا نعرف أبدًا ما سيأتي به الغد أو ما هي التحديات التي سنواجهها. ولكن ما يمكننا فعله هو التمسك بهذه اللحظات - هذه اللحظات الصغيرة من الجمال والفرح - والسماح لها بإرشادنا خلال كل ما يأتي في طريقنا و أن نتيقن بأننا لسنا وحدنا في هذا العالم فهنالك من هم بجانبنا.

 

ردإعادة توجيه

إضافة تفاعل

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

8

متابعين

4

متابعهم

1

مقالات مشابة