القلعه القديمه المهجوره
في إحدى القرى النائية، كانت هناك قلعة قديمة تقع على تلة عالية تُطل على القرية. هذه القلعة كانت موطنًا لعائلة نبيلة منذ قرون، ولكن بعد حادثة غامضة في منتصف القرن التاسع عشر، أصبحت مهجورة. الشائعات كانت تدور حولها، حيث يقول الناس إنها مسكونة بأرواح أفراد العائلة الذين ماتوا هناك بطرق غامضة.
كانت القلعة مغلقة تمامًا، ولا يقترب منها أحد. ومع مرور السنوات، نُسيت تفاصيل الحادثة الغامضة، ولكن القلعة بقيت مصدرًا للرعب والفضول. في إحدى ليالي الشتاء الباردة، قرر ثلاثة أصدقاء - علي، وسامي، ونور - أن يكسروا الحظر غير المعلن وأن يستكشفوا القلعة. كان الثلاثة شبابًا مغامرين، ولم يصدقوا القصص التي سمعوها عن القلعة.
تسلل الأصدقاء إلى القلعة تحت ضوء القمر. كانت الرياح تعصف بأغصان الأشجار المحيطة، مما أضاف جوًا من الرهبة إلى مغامرتهم. عندما اقتربوا من البوابة الحديدية الكبيرة، شعروا ببرودة غريبة، وكأن القلعة نفسها تحذرهم من الاقتراب. لكنهم تجاهلوا هذا الشعور ودخلوا.
كانت القلعة من الداخل مظلمة ورطبة، والجد
ران مغطاة بالعفن والنباتات المتسلقة. تقدم الأصدقاء بحذر، حاملين مشاعلهم الصغيرة، وكانوا يتفحصون كل زاوية بفضول شديد. وصلوا إلى قاعة كبيرة، حيث كانت الأثاث القديم والمتهالك متناثرًا في كل مكان، وأوراق الأشجار المتساقطة تغطي الأرض.
بينما كانوا يستكشفون القاعة، وجد سامي كتابًا قديمًا على طاولة مغطاة بالغبار. فتح الكتاب ليجد أنه يوميات مكتوبة بخط يد دقيق. كانت اليوميات تعود لآخر أفراد العائلة الذين عاشوا في القلعة، وتحكي عن أوقات سعيدة في البداية، لكنها سرعان ما تحولت إلى سرد لأحداث مرعبة.
وفقًا لما كتبه صاحب اليوميات، بدأ أفراد العائلة يسمعون أصواتًا غريبة في الليل، ويرون ظلالًا تتحرك في الظلام. هذه الظواهر كانت تزداد سوءًا مع مرور الوقت. ثم جاء اليوم الذي اختفى فيه أحد أفراد العائلة بشكل غامض، تلاه اختفاء آخرين. كان الرعب يتسلل إلى القلعة ببطء حتى لم يتبقَّ أحد سوى كاتب اليوميات، الذي انتهى به الأمر إلى الهروب من القلعة، تاركًا ورائه كل شيء.
بينما كان سامي يقرأ بصوت عالٍ، بدأت القلعة نفسها تبدو وكأنها تستجيب. فجأة، سمعوا صوت خطوات قادمة من الممرات المجاورة. توقف الأصدقاء عن التنفس لثوانٍ، ثم قرروا أنهم يجب أن يغادروا فورًا.
لكن عندما حاولوا العودة إلى المدخل، وجدوا أن الأبواب كانت مغلقة بإحكام، وكأن شيئًا ما أو شخصًا ما لا يريدهم أن يغادروا. في هذه اللحظة، بدأت الأضواء الخافتة تتلاشى تدريجيًا، وغمرهم الظلام الدامس. شعروا بالخوف يتسلل إلى قلوبهم. حاولوا إشعال مشاعلهم مرة أخرى، لكن النيران كانت تخبو بسرعة.
بينما كانوا يتقدمون بحذر في الظلام، شعروا بوجود شيء يتحرك حولهم. كانت هناك أصوات همسات تأتي من كل اتجاه، وكأنها تهمس بأسمائهم. حاولوا الإسراع في الخطى، لكن الظلام كان يجعل من المستحيل رؤية أي شيء أمامهم.
فجأة، سمعوا صوت باب يُفتح بصوت عالٍ خلفهم. استداروا ليروا بابًا قديمًا يؤدي إلى قبو عميق. كانوا يعرفون أن هذا هو طريقهم الوحيد للخروج، لكنهم كانوا يخشون ما قد يكون في الأسفل. بعد لحظة من التردد، قرروا النزول إلى القبو.
كان القبو مظلمًا وباردًا، والجدران مغطاة برسومات غريبة ونقوش قديمة. بينما كانوا ينزلون الدرجات المتعفنة، شعروا بأنهم ينزلون أكثر فأكثر في عمق الأرض. في نهاية الدرج، وجدوا أنفسهم في غرفة واسعة تحتوي على مذبح حجري قديم.
كان هناك كتاب قديم على المذبح، وكان مفتوحًا على صفحة تحتوي على طلاسم وأسماء غير مفهومة. بينما كانوا ينظرون إلى الكتاب، بدأت الأرض تهتز، وشعروا بأنهم ليسوا وحدهم. بدأ الهواء يصبح كثيفًا، وشعروا بشيء غير مرئي يحيط بهم.
في تلك اللحظة، أدركوا أن الكتاب يحتوي على لعنة قديمة، وأنه تم فتح الباب بين عالم الأحياء والأموات. حاولوا العودة، لكنهم وجدوا أن المخرج مغلق، وأن القبو بدأ ينهار من حولهم.
كانوا محاصرين، ومع تزايد الرعب، بدأت الظلال تتجسد أمامهم، لتشكل كائنات مخيفة بأشكال مشوهة. كانت هذه الأرواح الحاقدة، التي لم تجد الراحة في القلعة، تبحث عن انتقامها. ومع كل لحظة تمر، كانت الأرواح تقترب أكثر فأكثر.
أدرك الأصدقاء أن مصيرهم محتوم. وبينما كانوا يحاولون الدفاع عن أنفسهم، غمرت الأرواح الغرفة، وأخذت كل واحد منهم في دوامة من الظلام والرعب. كانت صرخاتهم الأخيرة تتلاشى في هواء القبو البارد، وامتلأت الغرفة بالظلام الكامل.
في الصباح التالي، جاء أهالي القرية بحثًا عن الأصدقاء بعد أن لاحظوا غيابهم. لكن عندما وصلوا إلى القلعة، لم يجدوا أثرًا لهم. كل ما وجدوه كان الباب الحديدي للقلعة مفتوحًا، والرياح تعصف عبره، وكأنها تهمس بقصة الرعب التي حدثت هناك.
وهكذا أضيفت القصة إلى قائمة الأساطير التي تحيط بالقلعة، وأصبحت جزءًا من الحكايات التي تُروى للأجيال الجديدة. وظلت القلعة مسكونة، تنتظر من يتجرأ على اقتحامها من جديد، ليكون مصيره مشابهًا لأولئك الذين سبقوه.