قصة الرعب والإثارة لعنة الظلام
**بداية الظلام**
كان يحيى ساحرًا منسيًا في أحد القرى النائية التي لم تزرها الشمس إلا قليلاً. نشأ يحيى في عائلة تمتهن السحر الأسود، وورث عنهم هذه المعرفة القديمة منذ نعومة أظافره. لكن يحيى لم يكن ساحرًا عاديًا؛ فقد تميز بشغفه اللا متناهي بالقوى المظلمة والأرواح الشريرة.
في سن الخامسة عشر، اختفى والده في ظروف غامضة، تاركًا وراءه مخطوطات قديمة مليئة بالتعاويذ والتقنيات المحرمة. لم يتردد يحيى لحظة في دراستها، وكان يتسلل ليلاً إلى المقبرة القريبة لإجراء طقوس سرية. كانت المقبرة معروفة بأنها ملاذ للأرواح المعذبة، وبدأ يحيى يستغلها لتوسيع نطاق قوته.
ذات ليلة، بينما كان يقوم بطقوس استدعاء جديدة، شعر يحيى ببرودة غير عادية تسري في جسده. ظهرت أمامه روح مظلمة، أكبر وأقوى من أي روح قد استدعاها من قبل. كان اسمها "شمهاروش"، ملك الجنّ في الميثولوجيا القديمة. تطلب الروح من يحيى تضحية بشرية ليكسب قوتها كاملة، ومن هنا بدأ يحيى ينزلق أكثر فأكثر في الظلام.
في البداية، كان يحيى يختار ضحاياه من الغرباء الذين يزورون القرية. لكن مع مرور الوقت، ازداد طموحه. كان يبحث عن أرواح نقية، أرواح الأطفال. وكان يستمتع بشكل غير عادي بتعذيبهم قبل تقديمهم كقربان.
كلما ازداد قوته، كلما أصبحت الروح "شمهاروش" أكثر تأثيرًا عليه. بدأت تظهر علامات على جسده، وأصبحت عيناه سوداويتين كأنهما بلا قاع. كان يتحدث إلى الأرواح في كل وقت، وأصبح يسمع همساتهم حتى في أحلامه. وكلما ازداد ارتباطه بالروح "شمهاروش"، كلما زاد جنونه، إلى أن أصبح غير قادر على التمييز بين الواقع والوهم.
كان يحيى على وشك فقدان عقله عندما طلبت منه الروح "شمهاروش" التحضير لطقس أخير، طقس سيمنحه القوة المطلقة. ولكن هذه القوة ستأتي بثمن باهظ.
---
**في أعماق الجنون**
كلما زاد يحيى من طقوسه وتعاويذه، ازداد تأثير "شمهاروش" عليه. لم يعد يحيى شخصًا عاديًا. كانت الأرواح تسكن منزله، تتحرك في أركانه كما لو كانت في عالمها الخاص. أصبح المنزل مظلمًا بشكل دائم، حتى في النهار، ولم يكن أحد يجرؤ على الاقتراب منه.
في يوم من الأيام، بينما كان يحيى يجري طقسًا جديدًا في ساحة منزله الخلفية، شعر بتغيير غريب في الهواء. كانت الرياح تعصف بعنف غير مسبوق، والأشجار تئن وكأنها تشعر بالرعب. فجأة، انفتحت الأرض أمامه، وخرجت منها كائنات لم يرَ مثلها من قبل. كانت أشكالهم مشوهة، بوجوه ملطخة بالدماء وأيادٍ متعطشة للأرواح.
كانت هذه الكائنات هي حراس "شمهاروش"، أرسلهم للتحقق من ولاء يحيى. لم يكن هناك مجال للخطأ. إذا لم يكن يحيى مستعدًا للمرحلة التالية، فسيتحول هو نفسه إلى أحد تلك الأرواح المعذبة التي يستدعيها.
لكن يحيى لم يكن خائفًا. كان مستعدًا لكل شيء. وقف بثبات أمام تلك الكائنات وبدأ يردد تعاويذ لم تُسمع من قبل. كانت الكلمات غريبة وغير مفهومة، وكأنها قادمة من عالم آخر. فجأة، توقف كل شيء. تجمدت الكائنات في مكانها، واختفى الصوت. ثم ظهر "شمهاروش" بنفسه، بوجهه الذي لا يوصف. كانت عيونه تلمع بلمعان جهنمي، وصوته كان كصوت ألف عاصفة.
أخبر "شمهاروش" يحيى أن الوقت قد حان للخطوة الأخيرة. أراد "شمهاروش" أن يستدعي القوة الكاملة، لكن هذا سيحتاج إلى تضحية أكبر من أي تضحية قدمها يحيى من قبل. كان عليه أن يضحي بأحد أقربائه، شخص يحمل دماءه. هنا بدأ يحيى يشعر بوزن القرار الذي سيواجهه.
بدأت الهواجس تتراكم عليه. كان يسمع أصواتًا تناديه باسمه ليلًا ونهارًا، وتلاحقه في أحلامه. كان يشعر بأن الأرواح التي استدعاها سابقًا تحاول الانتقام منه. بدأت حالته العقلية تتدهور، وأصبح غير قادر على التفرقة بين الحقيقة والخيال. لم يعد يحيى يعرف إن كان لا يزال هو نفسه أو مجرد دمية في يد "شمهاروش".
بدأ يحيى يشعر بأن النهاية قريبة، لكنه لم يكن يعرف كيف ستكون. كان يعلم فقط أن عليه أن يختار بعناية، وإلا فإن "شمهاروش" سيأخذ كل شيء.
---
**القرار المميت**
في الليالي التالية، بدأ يحيى في التحضير للتضحية الكبرى. كان عليه أن يختار بين أمه التي ربته بعد وفاة والده أو أخيه الصغير الذي كان يرى فيه ضوء الأمل الوحيد في حياته. لم يكن القرار سهلاً، وكانت الأفكار المتضاربة تملأ رأسه.
بينما كان يحيى يجلس في غرفة مظلمة مع كتاب التعاويذ أمامه، بدأت الأصوات تزداد قوة في رأسه. كانت الأرواح التي استدعاها سابقًا تطالبه بالتوقف، تحذره من العواقب الوخيمة. لكن "شمهاروش" كان يهمس له، يشجعه على المضي قدمًا، ويعده بالقوة المطلقة.
في النهاية، اختار يحيى التضحية بأخيه الصغير. كان القرار يعذبه داخليًا، لكنه كان يعلم أن هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق ما يسعى إليه. أعد الطقوس بعناية فائقة، واختار ليلة مظلمة بلا قمر لتنفيذ الخطة.
في تلك الليلة، قاد يحيى أخيه إلى الغابة، مدعيًا أنه يريد أن يريه شيئًا مميزًا. لكن الغابة كانت مليئة بالأرواح التي استدعاها، وكانت كل خطوة تعمق شعوره بالذنب والخوف. عندما وصلوا إلى المكان المحدد، بدأ يحيى في الطقوس، وأخوه لا يزال غير مدرك لما سيحدث.
عندما وصلت اللحظة الحاسمة، شعر يحيى بقوة هائلة تنبعث من الأرض، وكأنها تبتلع كل شيء. كان "شمهاروش" هناك، يراقب بكل اهتمام. قام يحيى بتقديم التضحية، ومع ذلك، لم يكن مستعدًا لما سيحدث بعد ذلك.
فجأة، انفجر المكان بقوة مدمرة، وانفتحت بوابة إلى عالم آخر. خرجت منه أرواح لا تعد ولا تحصى، تحمل وجوهًا مشوهة وصرخات تملأ السماء. اختفى "شمهاروش"، تاركًا يحيى وحيدًا بين الأرواح التي كان يسعى للسيطرة عليها.