صوت من الظلام
في قريةٍ صغيرة نائية، كانت هناك أسطورة تتحدث عن منزلٍ مهجور عند أطراف الغابة، يُقال إنه مسكون بروح شريرة. لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه بعد غروب الشمس، حيث تروى حكايات عن أصوات غامضة تأتي من داخله كل ليلة.
"ليلى" كانت فتاةً جريئة ولا تؤمن بالخرافات. ذات مساءٍ خريفي بارد، قررت أن تثبت للجميع أن المنزل ليس سوى بناء قديم لا يحمل أي أسرار. حملت مصباحها وخرجت نحو الغابة، رغم تحذيرات أهل القرية.
وصلت ليلى إلى المنزل الذي بدا كأنه ينتظرها. كانت النوافذ محطمة، والجدران مغطاة بطبقة كثيفة من الغبار والعفن. دفعت الباب الخشبي بصعوبة، فأصدر صريرًا مخيفًا أرسل قشعريرة في جسدها. داخل المنزل كان الظلام كثيفًا، لكن أصواتًا خافتة بدأت تتردد في الهواء. بدا الأمر كأن هناك من يهمس في أذنها. "أنتِ هنا... أخيرًا."
تجمدت ليلى في مكانها للحظة. ثم ضحكت بصوت عالٍ لتطرد الخوف الذي بدأ يتسلل إليها. "مجرد خيالات"، قالت لنفسها وهي تتقدم أكثر في الممرات المظلمة. لكنها سرعان ما شعرت ببرودة غير طبيعية تغمر المكان، وكأن هناك شيئًا غير مرئي يتبعها بخطوات صامتة.
عندما وصلت إلى غرفة المعيشة، رأت شيئًا غير متوقع. كانت هناك مرآة كبيرة على الجدار المقابل، لكنها لم تكن تعكس صورتها فقط. بل كانت هناك صورة أخرى خلفها، لرجل بوجه شاحب وعينين سوداويتين، يقف خلفها مباشرة.
صرخت ليلى واستدارت بسرعة، لكن الغرفة كانت فارغة تمامًا. عادت بنظرها إلى المرآة، والرجل لا يزال هناك. لكن هذه المرة كان يبتسم ابتسامة مخيفة، وكأنه يستمتع بخوفها. فجأة، انطفأ المصباح الذي كانت تحمله، وغمر الظلام المكان بالكامل.
حاولت ليلى أن تهدأ وتعيد تشغيل المصباح، ولكن في تلك اللحظة سمعت صوتًا قريبًا جدًا منها: "لم يكن يجب أن تأتي." كان الصوت خافتًا، ولكن كلماته كانت كافية لتشل حركتها.
حاولت الهروب، لكنها شعرت بشيء يمسك قدمها، سحبها إلى الأرض بقوة. بدأت تزحف محاولة الإفلات، لكن القوة التي كانت تسحبها كانت غير إنسانية. صرخت بصوتٍ عالٍ، لكن لم يكن هناك من يسمعها.
فجأة، انفتحت الأرض تحتها، وابتلعها الظلام. كان آخر ما شعرت به هو برودة لامست جسدها، وصوت همساتٍ غامضة تتردد في أذنيها: "أنتِ الآن ملك لنا."
في اليوم التالي، لم تعد ليلى إلى القرية. ذهب أهل القرية للبحث عنها في المنزل المهجور، لكن لم يجدوا أي أثر لها. كان المكان فارغًا، كأنها لم تكن هناك أبدًا. لكن منذ ذلك اليوم، بدأ سكان القرية يسمعون صوت همسات خافتة في الهواء كل ليلة، كأن شخصًا ما يهمس لهم من الظلام.