البيت المهجور في الغابة
البيت المهجور في الغابة
في إحدى الأمسيات المظلمة، اجتمع مجموعة من الأصدقاء حول النار في خيمة نصبوها بالقرب من الغابة. كانوا يتحدثون ويضحكون حول قصص الرعب، حتى بدأ الحديث يتجه نحو المنزل المهجور الذي يقع في عمق الغابة. كان هذا المنزل موضوعاً لأساطير محلية تقول إنه مسكون بالأرواح.
"لقد سمعت أن أحداً لم يجرؤ على الاقتراب منه منذ سنوات"، قال سامي، أحد الأصدقاء، وهو يروي القصة بتشويق.
نظر الاصدقاء الي بعضهم نظرات فضولية . كان من بينهم رامي، الذي كان دائماً ما يحب المغامرات والمخاطر. "ماذا لو ذهبنا لرؤية المنزل غداً؟" اقترح رامي. قوبل اقتراحه بتشجيع من الآخرين، وفي صباح اليوم التالي، كانوا جميعاً في طريقهم إلى عمق الغابة.
ساروا عبر المسارات المتعرجة، وتحولت الأشجار الكثيفة إلى جدران عملاقة تحجب ضوء الشمس. بعد ساعات من المشي، وصلوا إلى منزل قديم مغطى بالأعشاب والطحالب. كان المنزل يبدو وكأنه قد نُبذ لعقود، بأبواب خشبية متآكلة ونوافذ مكسورة.
"يا له من مكان غريب!" قالت ليلى، وهي تقف على بُعد خطوات من الباب المكسور.
تقدم رامي نحو الباب وقال، "لنرَ ما بداخل هذا المكان."
دخلوا المنزل بهدوء، وكانت أقدامهم تصدر صرخات خفيفة على الأرضية الخشبية المتهالكة. كان الداخل مظلماً ورطباً، ورائحة العفن ملأت الهواء. تحركوا في أرجاء المنزل، واستكشفوا الغرف المظلمة والمملوءة بالغبار.
بينما كانوا يتجولون في الطابق السفلي، سمعوا فجأة صوت خشخشة في الطابق العلوي. توقف الجميع، وكانت هناك لحظة من الصمت التام.
"من الواضح أن هذا الصوت ناتج عن الرياح أو شيء من هذا القبيل"، قال رامي محاولة تهدئة التوتر.
لكن، كان الصوت أكثر من مجرد خشخشة. بدا وكأنه خطوات بطيئة تتنقل فوقهم. قرروا الصعود إلى الطابق العلوي لمزيد من الاستكشاف. صعدوا الدرجات القديمة التي كانت تصرخ تحت أقدامهم، حتى وصلوا إلى الطابق العلوي.
في الطابق العلوي، كانت الغرف أكثر ظلاماً وأكثر غرابة. كان الأثاث مغطى بشراشف قديمة، وكانت الأبواب مغلقة بإحكام. بينما كانوا يستعرضون المكان، لاحظت ليلى شيئاً غريباً: كان هناك إطار صورة قديم مكسور على الأرض، وقد تبدد منه العديد من الصور.
فجأة، انطفأ الضوء بشكل مفاجئ، وأصبحوا في ظلام دامس. كانوا جميعاً يلهثون من الخوف والقلق. حاولوا العثور على مصدر الضوء ولكن دون جدوى. ثم سمعوا صوتاً خافتاً، يشبه الهمس، يتردد في أرجاء المنزل.
بدأت ليلى في الاستشعار بشيء غير طبيعي. شعرت بشيء بارد يلمس ظهرها. عندما استدارت، رأت شكل امرأة شاحبة ترتدي فستاناً أبيض، وشعرها يتدلى على وجهها. كان وجهها مليئاً بعبوس غامض.
صرخت ليلى، وركض الجميع إلى الأسفل. ولكن، في اللحظة التي حاولوا فيها الهروب، انغلق الباب الرئيسي فجأة من تلقاء نفسه. كانوا محاصرين.
في تلك اللحظات، أصبح الوضع أكثر رعباً. بدأت النوافذ تفتح وتغلق بعنف، والأثاث يتحرك بطريقة غير طبيعية. بدأ الصوت يتحول إلى صرخات وعويل.
قرر سامي أن يحاول كسر الباب، بينما ركضت ليلى ورامي بحثاً عن مخرج آخر. كان كل شيء حولهم ينهار، كأن المنزل نفسه يحاول احتجازهم.
عندما وصلوا إلى الطابق السفلي مرة أخرى، وجدوا الباب الرئيسي مفتوحاً. كانوا في طريقهم للخروج، ولكن عندما نظروا خلفهم، رأوا المرأة الشبحية تقف عند عتبة الباب، تراقبهم بصمت.
ركضوا خارج المنزل، وخرجوا إلى الغابة. ظلوا يجريون حتى وصلوا إلى الخيمة، حيث كانوا يلهثون من الرعب. كان الليل قد أتى، وكان القمر يضيء وجههم المتجمد.
قال رامي بصوت مرتجف."لن نعود إلى هذا المكان أبداً ابدا!"
لكن كان من الواضح أن كل واحد منهم قد تأثر بشكل كبير جدا. لم يتحدثوا عن تلك الليلة كثيراً، ولكن كان لديهم جميعاً قناعة راسخة أن هناك شيئاً مظلماً في ذلك المنزل. كانوا قد اكتشفوا جانباً مظلماً من الغابة، وتعلموا درساً قاسياً عن الفضول والمخاطر.
وفي السنوات التي تلت ذلك، ظل المنزل المهجور يثير الرعب في قلوب من يجرؤ على الحديث عنه. وبينما كان الجميع يعود إلى حياتهم الطبيعية، لم يتوقف أحد عن التفكير في المرأة الشبحية التي رآها في تلك الليلة، وفي القصص التي لا تنتهي عن البيت المهجور في الغابة.