عتمة الليل تجعلك تكتب أجمل الأحرف وتعيد لك الذكريات
عتمة الليل الكاتم،المتسم بالسواد الداكن،تشبه ظلام بقعة بؤبؤ العين المكسوة باﻷسود البارق،كألوان اللؤلؤ المكنون السوداء التي تحيط بها هالة من البياض المشع تحت أعماق البحار،
في شعث الصباح الباكر أكتب،فجرا من رحيق اﻷزهار الزرقاء المبهجة تداعب أنفي وتوقظ حاسة الشم لتنهضني من سباتي العميق،أصحو متجهة نحو أوراقي وأقلامي
،تنهمر اﻷفكار والكلمات في عقلي مثل ساحة حرب،وتضج في أذني أغاني قديمة كنت أسمعها وأنا في سن المراهقة،
هو سن واعد يتصف بالطيش والعفوية والخبرة الضئيلة اتجاه مجريات الحياة،تتوق لتصدر صوتها وتعبر عن رأيها في بوتقة العالم الواقعي المزيف،
كأني عدت لهذا السن بالتحديد،وصدى صوت اﻷغاني لم أستطع التحكم به،ظل يطن ويصدر ضجيج مغرد مترنم،
كأسطوانة الموسيقى قديما،كثر استعمالها مع الوقت،حتى أصبحت خرابا معشقا بالغبار والطلع من فرط استخدامها،
معطلة غير قادرة على ضبط ايقاع نغماتها ونوتاتها الصادرة عنها من فتحة الهواء المنبثقة في كيانها الموسيقي الصاغب.
القمر المضيء في السماء السوداء……
ذئب يعوي في الليل الحالك……
العصافير تصدر زقزقتها في منتصف الليل……
اﻷم تنادي على فراخها كي يخلدوا إلى النوم…….
صلصلة آتية من صوت الشارع…..
كل يوم تصحو المدينة بأبهى حلتها…….
الصاغبة الصاغية لكل صوت من اﻷصوات….
مخلدة في أذن كل مستمع مارا عليها……
أغاني وأهازيج يرنمها لحن من ألحان الطبيعة المرحة……
تجتمع لتخلق منحوتة موسيقية عذبة….
ذات نوتة حانية نقية تبعث الشجن المشوق…..
نحو عالم مشرق مكلل بورود اﻷمل والفرح…..
صرصار الليل يصدر نقيقا، العناكب تذهب إلى شباكها لتخلو بفريستها وتلتهمها،
الهررة تموء بخررتها مستلقية.
على العشب الأخضر مصغية إلى صفير الرياح الآتية الصاعدة الهابطة أمامها من كل صوب حاملة معها أحافيل الحاضر المزهرة،
سماء الأمل جامعة لكل جزء مفقود من الكيان المنثور مثل حبات الرمل التي تتدحرج على أرضية بيضاء، لتذرها الرياح وتجعلها هشيما مزروعا….
إن الطبيعة الأم عندما تدقق النظر إليها، أكاد أقول لك إنها موطن الأعاجيب والحكايا، عرش كل القصص والشخصيات التي تستطيع أن تعمرها في عقلك،
لتحلق في ذلك العالم الخيالي وتنسجه حين تكتمل الفكرة في ذهنك، كي تظهر على هيئة قصة أدبية ملفتة للأنظار، إنه شعور النشوة الذي يتملكني حين تغزو الكلمات عقلي حتى الجئ للقلم….